كُتّاب الموقع
المملكة العربية السعودية ... ولعنة الجيل الثالث

د. جمال واكيم

الجمعة 6 تشرين الأول 2017

ما ان استلم الامير محمد بن سلمان زمام الامور في المملكة العربية السعودية حتى تفجرت مشاكل واحداث تمثلت بمظاهرات في شوارع المملكة، وباعتقالات لرجال دين وصحافيين ومواطنين نتيجة معارضتهم لسياساته الاصلاحية. وللحقيقة فإن هذه المشكلات لم تنتج عن وصول بن سلمان الى ولاية العهد، وضمنا الى منصب الحاكم الفعلي للمملكة. فالمملكة تعاني منذ زمن طويل من مشكلات بنيوية اقتصادية تتمثل بالاقتصاد الريعي المعتمد على النفط والذي تراجعت اسعاره بشكل كبير في السنوات الاخيرة نتيج سياسات اعتمدتها المملكة نفسها لجهة اغراق السوق العالمي من جهة، ونتيجة تحولات جذرية في الاقتصاد الدولي والتوازات العالمية من جهة اخرى. وبالتالي فإن عائدات النفط لم تعد تكفي لتلبية جميع حاجات عدد متزايد من السكان يعيش كثيرون منهم في حالة بذخ مبالغ فيها.
 


أزمة الاسرة والمؤسسة الدينية


اضافة الى ذلك فالمملكة تعاني منذ زمن طويل من تحكم رجال الدين المغرقين بتحجرهم بالمجتمع السعودي وبتفاصيل حياته بشكل أدى الى تزايد الاحتقان بشكل كبير في صفوفه، في زمن لم يعد من الممكن فيه وقف التأثيرات التي تأتي عبر التلفزيونات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي ناهيك عن ثورة النقل التي زادت من سرعة انتقال المعلومات والأفكار والتأثيرات القيمية بما لم يعد من الممكن معه للمؤسسة الدينية السعودية مواصلة سيطرتها كما كان عليه الحال من قبل. اضافة الى ذلك فإن الاسرة الحاكمة السعودية لم يعد بإمكانها الاستئثار بمقاليد الحكم والثروة في المملكة كما كان الحال من قبل لنفس الاسباب التي ذكرتها سابقا، اضافة الى عدم اتفاق اركان الاسرة الحاكمة السعودية على طريقة لنقل الحكم الى الجيل الثالث من الاسرة، أي أحفاد الملك عبد العزيز. فمعروف أن هذا الاخير كان قد اعلن قيام المملكة في العام 1932 وحكمها كحاكم مطلق حتى وفاته في العام 1953 ليخلفه ابنه سعود من بعده ويحاول الاستئثار بالحكم. هذا ادى الى حالة تمرد من قبل اخوته بزعامة الامير فيصل الذي تمكن من الاطاحة به بمساعدة من اخوته الاخرين ومن المؤسسة الدينية. وقد اتفق ابناء عبد العزيز أن ينتقل الحكم بينهم على قاعدة الاكبر سنا، فتولى فيصل الحكم حتى اغتياله في العام 1975 ليخلفه الملك خالد ومن بعده الملك فهد فالملك عبد الله وصولا الى الملك سلمان الذي تولى الحكم في العام 2014.
 


صراعات الجيل الثالث


وبما أن ابناء عبد العزيز الاحياء قد بلغوا من العمر عتيا فلقد بدأ الملك عبد الله بالتفكير بنقل الحكم الى ابنه متعب. لكن ما ان توفي عبد الله حتى اطيح بابنه عم ولاية العهد الى جانب عمه مقرن ليتولى محمد بن نايف ولاية العهد ومحمد بن سلمان ولاية ولاية العهد. لكن الانقلاب الاخير ادى الى الاطاحة ببن نايف وتقلد محمد بن سلمان مقاليد السلطة الفعلية. هذا فاقم التناقضات داخل الاسرة الحاكمة التي بدأ عدد كبير من أمرائها الذي يعدون بالالاف بابداء الامتعاض من بن سلمان، يدعمهم في ذلك شيوخ القبائل التي تناسبهم أو التي تتحالف معهم لقاء عطايا النفط التي تتوزع عليهم. هذا كله يهدد بتفجير الحكم السعودي من داخل الاسرة الحاكمة ما يهدد المملكة السعودية برمتها. هنا لاا بد لنا من لفت الانتباه الى أن الدولتين السعوديتين الأولى التي تأسست في القرن الثامن عشر والثانية التي تأسست في القرن العشرين، اندثرتا نتيجة تفجر الخلافات داخل الاسرة الحاكمة السعودية بعد وصول الدولة الى جيلها الثالث. فهل تتكرر المسألة مع الدولة السعودية الحالية فتؤدي خلافات الاسرة الحاكمة وعدم قدرتها على مواجهة التحديات التي يتعرض لها المجتمع السعودي الى نهاية الحكم السعودي ونهاية الدولة السعودية معه؟



المصدر: أخبار 961