كُتّاب الموقع
“الشرق الأوسط الجديد”… حلم أمريكا وإسرائيل

ربى يوسف شاهين

الأربعاء 5 كانون لأول 2018

فيما يلي النص الوارد على موقع /المصدر/ الاسرائيلي: خبر اللقاء عام 1924 بين الحسين بن علي شريف مكة ونجله عبد الله الأول انتشر في الصحف الإسرائيلية يومها، لكن مضمون اللقاء بقي سرياً حتى يومنا هذا..
نشر الإعلام الإسرائيلي يوم الاثنين 19-11-2018، وثائق كانت إلى اليوم سرية، توثق اللقاء السري الذي جمع بين ملك الحجاز في الماضي، الحسين بن علي الهاشمي ونجله عبد الله الأول، وبين قادة يهود في عام 1924، في عمان.

ويشمل البروتوكول وصفا لوصول الوفد اليهودي الذي ضم دافيد يلين، رئيس اللجنة التنفيذية للحركة الصهيوينة، والكولونيل فردريك كيش، مدير وزارة الخارجية في الحركة الصهيونية، والحاخام يعكوف مئير، الحاخام الرئيس لإسرائيل- وصول الوفد عام 1924 إلى عمان للقاء الحسين بن علي ونجله الأمير عبد لله الأول، والمستشار السياسي للملك فؤاد الخطيب.

فجاء في البروتوكول أن الحاخام الذي كان مع الوفد أشاد بجهود الملك الذي بدوره منح الحاخام وسام الاستقلال. وناشد الحاخام الملك بأن يتدخل في اليمن من أجل وفق ملاحقة اليهود هناك.

وبعدها طرح يلين على الملك رؤية الزعماء اليهود قبل قيام دولة إسرائيل وهي العمل المشترك مع العرب على تطوير الأرض، فرد الملك قائلا إن الشعب العربي مستعد لمد يد التعاون لكل من يبدي استعدادا للعمل معه.

وأوضح الملك حسب البروتوكول إن العرب ثاروا ضد العثمانيين لكي يحافظوا على حقوقهم وإنهم مستعدون للتعاون مع أي جهة من أجل صيانة حقوقهم. وطمأن الملك الوفد اليهودي وقال لهم إنه لا يرى فرقا بين اليهود وغير اليهود وإنه مستعد لمنحهم أرضا.

وأضاف ملك الحجاز: “قلبي وبلادي مفتوحة لاستقبال اليهود. أنا مستعد لمنح اليهود أرضا هدية، بشرط أن يدخلوا من البوابة وليس عبر اقتحام الحاجز.. المستقبل سيثبت لليهود أنه ليس هناك داعيا للخوف من العرب”.

لا شك بأن الشرق الأوسط كان ولا زال محط أنظار المستعمرين، فالكثير من الوقائع تؤكد بأن الدول الإستعمارية تتسابق للسيطرة عليه وتقسيمه، وهذا واضح من خلال الأحداث السياسية والعسكرية التي عصفت بالشرق الأوسط خلال السنوات الماضية.

ولنتذكر جيداً أن مصطلح الشرق الأوسط الجديد سبق وأن سوقت له كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية بين الأعوام 2005 – 2009، حيث خرج المشروع إلى العلن في واشنطن وتل أبيب لتعلن رايس خريطة الشرق الأوسط في مؤتمر صحافي، بتصفيق من الغرب، حيث أسندت إليها وسائل الإعلام الغربية الفضل في نحت المصطلح ليحل محل المصطلح الأقدم، ألا وهو “الشرق الأوسط الكبير”.

في كتاب لشمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعنوان “الشرق الأوسط الجديد” يتحدث فيه عن المشروع وكيفية تحقيقه، ليتضح لنا جيداً أن أمريكا تنفذ أحلام الإسرائيليين وطموحاتهم في الهيمنة والإحتلال.

تنفيذ المشروع

بحسب خبراء استراتيجيين، بدأت المخططات بالفعل. فالمشهد العراقي اليمني السوري الليبي والسوداني يشي بذلك خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المسارات المتجددة التي طالت بلدان الشرق الأوسط. فالتعويل على الحروب التي حصلت في المنطقة العربية، منذ حرب لبنان 2006، والحروب التي شهدتها الدول العربية، كحرب الخليج، وما تشهده الساحة الشرق أوسطية في هذه الأيام هو أكبر دليل على أن واشنطن وإسرائيل لم يغضا الطرف عن مشروعهم الصهيو – أمريكي، فقد أشارت رايس حينها إلى أن “مشروع الشرق الاوسط الكبير” سيحقق، حسب تعبيرها، “حلا سحريا لعلاج أزمات المنطقة المزمنة”، حيث ربطت المشروع بعبارة “الفوضى الخلاقة”، وهو ما يؤدي بالتالي إلى “التدمير الأخلاق” كطريقة للوصف تعبيراً عن فلسفتهم الليبرالية البراغماتية.

لقد اعتمدت واشنطن في مشروعها على المشكلات القائمة في الشرق الأوسط، حيث تدعي افتقاره إلى الديمقراطية الحقيقية، وخاصة في تلك البلدان التي لا تنصاع لمطالب واشنطن السياسية. ويدرك المتابع أن مظاهر التقسيم السياسي الجارية في كل من العراق وسوريا واليمن، يظهر استراتيجية واشنطن في المنطقة.

في مقال نشره مركز بحوث العولمة “غلوبال ريسيرتش” يوضح مظاهر التقسيم، مقدماً خريطة أمريكية مبتكرة لتكون بديلاً لـ “سايس – بيكو” البريطانية – الفرنسية قبل 100عام، ولتلغي بعض الحدود القائمة بين الدول، وتعتمد على مبدأ تقسيم الدولة المستهدفة فتتحول من دولة إلى دويلات، وتنشأ دول جديدة. وبحسب المقال، بالنسبة إلى “دولة سوريا الكبرى”، كما يرى المركز، سيتم تقسيم دولها الحالية، حيث سيتم تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام كردي في الشمال شيعي في الجنوب وسني في الوسط، وسيضطر الجزء السني إلى الإلتحاق بسوريا لأنه سيصبح دولة لا مقومات لها بين مطرقة الدولة الكردية الكبرى إلى شماله وسندان الدولة الشيعية إلى جنوبه إذا لم ينضم إلى سوريا، وسيتم إجبار الأخيرة على التخلي عن جزء صغير منها لضمه إلى لبنان الحالي لتشكيل “دولة لبنان الكبير” على البحر المتوسط.

يضاف إلى ذلك، محاولات واشنطن لخلق العداوات بين الجماعات الدينية والعرقية التي تقوم وفق عمل ممنهج ومدروس، وذلك لإضعاف هذا الشرق وتقسيمه، وبالتالي إضعاف الشرق الأوسط وتفكيك بلدانه، لتسهيل السيطرة عليه.

وفي مقتطفات من كتاب مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، زبيغنيو بريجنسكي بعنوان “رقعة الشطرنج الكبرى”، يذكر فيه أن كلاً من تركيا وإيران، الدولتين الأكثر قوة في شرق البلقان واللتين تقعان على حدودها الجنوبية، ضعيفتين من حيث الإمكان ومكشوفتين أمام الصراعات العرقية الداخلية، ليتضح لنا أن ما يظهر لتحقيق مشروع “الشرق الأوسط الجديد” من أمريكا وإسرائيل ما هو ألا جزء من المخطط الكبير للمشروع الصهيو – أميركي.

إن المتابع لتطورات الشرق الأوسط يدرك تماماً بأن واشنطن قد بدأت فعلاً بتقسيم هذا الشرق من خلال علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية، ليشمل التعاون الإقتصادي، والذي ركز عليه شمعون بيرس لتحقيق السلام المزعوم، وها هي بعض دول الخليج بدأت بتأمين مقعد لـ “نتنياهو” في باقي الدول العربية التي تعتبر مصدر قلق لإسرائيل.



المصدر: مركز سيتا للدراسات الاستراتيجية