كُتّاب الموقع
جمهوريو أمريكا.. ربح في الشيوخ وخسارة في النواب

يارا انبيعة

الجمعة 9 تشرين الثاني 2018

في يوم الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، جرت انتخابات التجديد النصفية للكونغرس الأمريكي، وهي انتخابات تجري، بحسب النظام الإنتخابي، بعد مرور عامين على مثيلتها الرئاسية، والتي تجري كل أربع سنوات. ووفق النظام الأمريكي فإنه يتم في هذه الانتخابات التنافس على مقاعد الكونغرس الذي يشمل مجلسي الشيوخ والنواب، فيتم التصويت على جميع مقاعد مجلس النواب، وعددها 435 مقعداً، وعلى ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 مقعداً من أصل 100 مقعد، كما تشمل هذه الجولة من الإنتخابات انتخاب 36 حاكم ولاية من أصل 50، و3 من حكّام الأقاليم، إضافة إلى 206 من رؤساء البلديات.

وعادة ما تكون هذه الانتخابات شديدة المراس بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، نظراً لأنه يعود للحزب الذي يملك الأغلبية في المجلسين إقرار الأجندة التشريعية، كما يقوم الحزب الحائز على الأغلبية بإختيار رؤساء اللجان البرلمانية. بيد أن الإنتخابات هذه المرة كانت أكثر سخونة مما سبقها، نظراً لما تشهده البلاد من ظروف استثنائية أفرزتها عدة عوامل حدثت منذ انتخاب الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب.

عوامل مؤثرة

توجد العديد من العوامل التي أثرت على نتائج الإنتخابات النصفية، ويقع أهمها في:

    “التركيبة الترامبية”

إن جاز التعبير، فالرئيس ترامب شخصية “شعبوية” مثيرة للجدل، فلقد أعطى لهذه الإنتخابات طعماً آخر، حيث شكل فوزه صدمة للعالم كله لأن استطلاعات الرأي لم تقربه حتى من مجرد المنافسة، وكان مجرد ترشحه بمثابة “مزحة” حفلت بها البرامج الهزلية ونكتة تناقلها المشاهير بكافة ميولهم وتوجهاتهم ووظائفهم. فترامب لا يعد ابن المؤسسة الرئاسية الأمريكية، والمتمثلة في الحزبين الرئيسيين، فهو بالرغم من انتمائه للحزب الجمهوري، إلا أنه لا يعتبر من الذي ترعرعوا في مهد الحزب وتجرعوا قواعده. لذلك، جاءت تصرفاته مثيرة للجدل، ومليئة بمخالفة الأصول التي تعارفت عليها الضوابط السياسية لمن تولوا مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.

ولا ننسى كذلك ما تملكه شخصية ترامب من اعتداد بالنفس يصل في معظم الأحيان إلى الصفاقة والعنجهية، وهذا ما تبدى بوضوح في تصرفاته، الأمر الذي أحدث في أقل من عامين من حكمه كما من الفوضى في العالم لم يحدثه أحد قبله، إذ اوجد مشكلات مع حلف “الناتو”، والصين، وروسيا، وإيران، وتركيا، والمكسيك، واختلق عداوات مع الإعلام، وعدد كبير من مساعديه ومؤيديه السابقين، والأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية.

ليس ذلك فحسب، بل توجد عدة أمور صغيرة ولكنها أساسية أثرت على النتائج، كقيامه بتعيين شخصيات مختلف عليها في حقائب سيادية، وكثرة التغييرات التي حدثت في فريقه الرئاسي والتي لم يشهدها رئيس أمريكي قبل.

    ضغوطات حزبية

ألقت قضية الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، بظلالها على الإنتخابات النصفية، حيث جاءت في وقت غير مناسب لترامب لتزيد عليه الضغوطات أكثر مما هي موجودة بالفعل. غير أنها جاءت من داخل حزبه هذه المرة، إذ أنها أوجدت تعارضاً بين ترامب ورجالات الحزب الجمهوري، قبل خلافه مع رجالات الحزب الديمقراطي، إضافة إلى ما أثير حول ارتباطات صهره، جاريد كوشنر، “المشبوهة”. هذه الأمور وغيرها، خلفت انقسامات كبيرة في المجتمع السياسي وصناع القرار وقادة الرأي في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق.

3-    تدني شعبيته


كون هذه الانتخابات النصفية اختباراً حقيقياً لترامب خصوصاً وأن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبيته لأقل من 45%، إضافة إلى ما قد يواجهه من جراء تحقيقات روبرت مولر والتي قد تصل به إلى فضيحة أشبه بـ “ووترغيت جديدة” خصوصاً في أعقاب إدانة محاميه السابق، مايكل كوهين، ومدير حملته الإنتخابية السابق، بول مانافورت.

إلى ذلك، يحاول الجمهوريون إثبات أن رئيسهم ما زال ينال ثقة الناخب الأمريكي، في مقابل سعي ديمقراطي لكسر هذه الثقة، والتي ربما سيبنى عليها إسقاط ترامب في الإنتخابات الرئاسية بعد عامين.


مراقبة الرئيس

رحب الرئيس ترامب بنتائج الإنتخابات لافتاً إلى “النجاح الهائل” ومقدما شكره للجميع، في وقت حافظ فيه الجمهوريون على أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ، 51 مقعداً مقابل 44، في حين تمكن الديمقراطيون من تحقيق فوز كبير وكسب أغلبية المقاعد في مجلس النواب، 223 مقعداً مقابل 197، وذلك لأول مرة منذ 8 سنوات.

من هنا، إن فوز الديمقراطيين بأغلبية النواب سيخولهم فرض رقابة مؤسساتية على رئاسة ترامب، وهو الدور الذي اختار الجمهوريون عدم القيام به، نظراً لسيطرة الرئيس الكاملة على اليمين، وهو ما شأنه التأثير على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات الأساسية، فيما سيلقي هذا الفوز الضوء على التكتيكات التي اتبعها الرئيس الأمريكي قبيل الإنتخابات النصفية والتي استندت على مهاجمة الديمقراطيين واستخدام “لغة عنصرية” عند تناول مسائل مثل الهجرة عوضاً عن التركيز على مسائل مثل الإقتصاد




المصدر: مركز سيتا للدراسات