كُتّاب الموقع
الكيان الإسرائيلي… وإحتواء تداعيات الإنتصار السوري

ربى يوسف شاهين

الخميس 8 تشرين الثاني 2018

سوريا ومنذ حرب تشرين التحريرية عام 1973 وحتى العام 2018، ومع استمرار النهج العربي المقاوم الذي يأخذ على عاتقه استعادة كل شبر من تراب سوريا، هذا الأمر شكل مصدر قلق لإسرائيل، في تطورات الحرب على سوريا وما وصل إليه الجيش السوري من انتصارات، شكلت لدى “إسرائيل” تساؤلات لا بد من الوقوف عندها.

في قراءة لمراكز بحثية إسرائيلية حول هذه التطورات وبعد مرور 8 سنوات من الحرب، أشار معهد ابحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) في تقرير له إلى “الدور المهم والمكانة المتقدمة التي تلعبها روسيا منذ قررت التدخل العسكري في سبتمبر/أيلول 2015 لمنع سقوط (الرئيس السوري بشار الأسد) حيث يتضح ذلك بعد السيطرة على مدينة حلب وبعد تحقيق الائتلاف الموالي للأسد نجاحات عسكرية على الأرض وفي المقابل تعمل القوات الأمريكية على دفع الحرب قدماً لإستمرار التصعيد في سوريا.”

وعليه، نجد أن الجانب الإسرائيلي يرى التدخل الروسي خطاً ممانعاً له لتنفيذ مخططاته التي كان يعول عليها من بداية الحرب السورية، إلا أن التقرير يعترف بإنتصار الرئيس الأسد وتخوفه من هذا الإنتصار؛ وفي الجهة المقابلة، يعول على أمريكا وما تفعله على الأرض وخصوصاً في الشمال الشرقي لسوريا.

كما كان لمعهد “بحوث إعلام الشرق الأوسط” الإسرائيلي (ميمري) قراءة مفادها أن الصدع بين روسيا وإيران بات يتعاظم بشكل واضح. وبقراءة بسيطة لما قيل، نلاحظ أن الإسرائيليين يحاولون استغلال أي ثغرة ليبرزوا تصدعاً ما بين روسيا وطهران، فجل ما يهمهم هو إخراج إيران، المساندة للدولة السورية وحزب الله، من محور المقاومة وقد بدا ذلك واضحاً في مقتطفات التقرير الذي اعتمد على ما كتبه الصحافي الروسي، ديمتري نرسبوف، في موقع “برافدا” الروسي الرسمي، في فبراير/شباط 2018، حيث قال “لقد تحولت إيران إلى المشكلة الجوهرية الأولى التي تواجه روسيا في سوريا وتقلص فرص تحقيق المصالح الروسية هناك.” كما أشار التقرير إلى “أن خلافات عميقة تفصل موسكو وطهران فيما يتعلق بصورة الحل النهائي للصراع في سوريا.”

ومن يتتبع السياسات الحاصلة في المنطقة وخصوصاً سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي تمتن لها “إسرائيل”، والتي تعتبرها تل أبيب أنها تصب في صميم مصلحتها، خصوصاً في منطقة الشمال الشرقي، لأن الهزيمة في الجنوب قد قتلت الحلم بالتوسع.

إن خلاصة الأبحاث الإسرائيلية توصلت إلى وجود “صراع” بين موسكو وطهران، وهذا الصراع وصل إلى حدوث اشتباكات بين القوات العسكرية المسلحة شمال سوريا. لكن هذه الإستنتاجات لا تعدو أكثر من “بروباغندا” إعلامية لتهدئة النفوس خصوصاً بعد الهزيمة التي منيت بها “إسرائيل” وتنظيماتها في سوريا، وعدم قدرتها على الإستمرار في شن هجمات جوية على المواقع السورية بسبب الـ “أس.300” والتي شكلت رادعاً لإسرائيل.

“الجشع الإسرائيلي”

مع احتدام الوضع السياسي بين القطبين الأمريكي والروسي في سوريا، ومع محاولة واشنطن الضغط على موسكو اقتصادياً واستفزازها عسكرياً بمناورات “الناتو” بمشاركة 30 دولة على حدودها، إلا أنها لم تستطع أن تصل إلى مبتغاها بعد، إذ ما زالت روسيا ماضية في سعيها، بجانب الدولة السورية، لمكافحة الإرهاب، فالوجود الروسي كما أشرنا مقرب للإسرائيلي أكثر من وجود الإيراني، ولعل السياسة التي تتبعها روسيا مع “إسرائيل”، على الرغم من أن الأخيرة قد أسقطت الطائرة “إيل – 20″، أدت إلى ردع “إسرائيل” في تنفيذ هجمات معادية أو عمليات استطلاع منذ ذلك الوقت، فـ “إسرائيل” تدرك جيداً أهمية التواجد الروسي في المنطقة، وإنها بتحقيق علاقات جيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين سيكسبها فرصة إخراج إيران من سوريا، وبالتالي إضعاف محور المقاومة.

إن ما ظهر مؤخراً على الإعلام من أن هناك مباحثات بين بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإعادة الجولان السوري المحتل لدليل على أن الروس نجحوا في استمالة الجانب الإسرائيلي. لكن يبقى السؤال: ما هو الثمن المقابل لهذا الإنسحاب؟ وهل سيتوقف الجشع الإسرائيلي عند هذا الحد؟ أو أن مخافة محور المقاومة هو من سيجبرها على الرضوخ؟ أو أن ما قيل عن استعادة الجولان برضى إسرائيلي ما هو إلا لعبة دعائية تحاول من خلالها تل أبيب تثبيت قدامها في الجولان؟

إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التطورات الحاصلة في الميدان السوري وما تبعه من أحداث على الساحتين الدولية والإقليمية، وإسقاطها على ما سبق، نجد أن الفاعلين الإقليميين ما زالوا مستمرين في مخططاتهم، غير أن لعبة الأمم هنا لم تربح في كل مراحلها، وبات انتظار تغيير ما سيحصل متوقعاً، والتساؤلات ما زالت مطروحة: إلى أين سيصل الإسرائيلي في تعنته ومحاولته فرض الهيمنة على أرض ليست ملكاً له؟ وهل ستشكل العلاقة الروسية – الإسرائيلية ممراً لتل أبيب كي تدلي بطلباتها إلى الأسد؟ الأيام المقبلة ستكشف الوجوه بشكل واضح، كما سيتضح الدور الذي يمثله كل من موقعه.

في النتيجة، الجولان ما زال محتلاً وما تبقى من الشمال السوري أيضاً، وبالتالي المعركة مستمرة ولن تنتهي بتغير الأسماء. فإن تم القضاء على الإرهاب أم لا، فالجيش السوري سيتابع انتصاراته ليعيد كل شبر من سوريا … كون “الجولان في القلب وسيبقى”.

 

 

 

المصدر: مركز سيتا للدراسات