كُتّاب الموقع
قضية الخاشقجي تهدد أحلام ولي العهد السعودي الاقتصادية

د. جمال واكيم

الأربعاء 17 تشرين الأول 2018

لا تزال تداعيات قضية الصحافي جمال الخاشقجي المختفي منذ نحو اسبوعين تتفاعل وتنعكس سلبا على مصالح المملكة العربية السعودية. فبنتيجة هذه الحادثة، وبمعزل عن مسؤولية القيادة السعودية من عدمه عن اختفاء هذا الصحافي، الا أن الحديث شاع في الاعلام العالمي والعربي وتم توجيه اصابع الاتهام الى مسؤولية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان شخصيا عن الموضوع، في ما اعتبرته المملكة مؤامرة قطرية ضدها. وقد أدى هذا الى اعتبار ولي العهد السعودي ومعه القيادة السعودية بشكل عام غير جديرة بالثقة والمسؤولية ما انعكس سلبا على الثقة بالمملكة من قبل قادة الدول من جهة ومن قبل الشركات العالمية من جهة أخرى.

وإن كان ولي العهد السعودي لا يقيم كثير أهمية لرأي قادة الدول ولا للرأي العام، إلا أن فئة جديدة عبرت عن امتعاضها من سلوك القيادة السعودية وهي الفئة التي يقيم لها بن سلمان الاعتبار الاساسي، وهذه الفئة هي فئة رجال الأعمال و الشركات العالمية ورؤسائها التنفيذيين. فولي العهد السعودي كان قد اطلق مشروعا تحديثيا ضخما للبنى الاقتصادية والاجتماعية في المملكة قبل 3 سنوات هو رؤية المملكة 2030 والذي يطمح من خلاله الى اعادة هيكلة الاقتصاد والمجتمع السعودي ليصبح اقتصادا منتجا ولا يبقى معتمدا على النفط. وهو يراهن على اجتذاب رأس المال الاجنبي ليسثمر في القطاعات الضخمة التي تنوي المملكة خصخصتها بغية زيادة فاعليتها الانتاجية.

ولتحقيق ذلك سارع الامير محمد بن سلمان الى احكام قبضته على السلطة وصولا الى تسمية نفسه وليا للعهد متجاوزا اولاد عمومته الاكبر سنا. ولمعرفته بضرورة تأمين استقرار سياسي يمكن أن يطمئن المستثمرين الاجانب فإنه اراد فرض هيبة السلطة واسكات معارضيه خصوصا انه يمكن لهم ان يستندوا الى فئات اجتماعية ممكن ان تتضرر من التحولات الاقتصادية التي يقوم بها. وقد يكون هذا هو سبب حساسيته الزائدة تجاه كل من يوجه له نقدا، حتى اذا كان مثل الخاشقجي من المحسوبين على النظام في المملكة. لكن حملات الاعتقال التي طاولت معارضيه بمن فيهم رئيس لوزراء بلد آخر هو سعد الحريري عكس عدم خبرة كافية بالتعامل مع ادوات السلطة، ومعرفة حدود السلطة التي يمكن أن يمارسها.

وقد ادى ذلك، بما فيه قضية الخاشقجي، الى تخوي المستمثرين الاجانب ومن بينهم الشركات الكبرى، من فرص الاستثمار في المملكة وهو ما دفع بكثير من الشركات الكبرى الى اعلان انسحابه من المشاركة في المؤتمر الاقتصادي الذي يعقد في المملكة. فلقد اعلت شركات فورد موتور وأوبر و بلاك روكك وجي بي مورغن وفياكوم انسحابها من المؤتمر الاستثماري الذي يعقد في 23 أكتوبر الحالي، فيما هبطت تداولات الاسهم في البورصة السعودية بنسبة 7 بالمئة. ويستعد الكونغرس الاميركي للدعوة الى تحقيق دولي في قضية الخاشقجي على الرغم من المعارضة الضمنية التي يبديها الرئيس الاميركي دونالد ترامب لذلك. ويمكن لهذا التحقق ان يقر عقوبات على المملكة تساهم في مزيدمن زعزعة الثقة بها بما ينعكس مزيدا من الاثار السلبية على الاقتصاد وهو المجال الاساسي الذي يكترث له الامير محمد بن سلمان.


المصدر: أخبار 961