كُتّاب الموقع
"معلومات خطيرة" كشفتها الجزيرة لكنها حجبتها... كيف يعمل اللوبي الإسرائيلي في أمريكا؟

رصيف22

الأربعاء 5 أيلول 2018

يفضح الفيلم الوثائقي الذي أنتجته قناة الجزيرة حول اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، لكنها امتنعت عن بثّه، احتمالات تجسس إسرائيل بطريقة غير قانونية على مواطنين أمريكيين، كما يكشف خوف هذا اللوبي من تغيّر الأجواء السياسية حياله.

هذا مما قاله المتخصص الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط ومدير مجلة "أوريان 21" آلان غريش، في تقرير طويل نشره في المجلة المذكورة.

 


قصة طوني كلاينفيلد


لكشف تفاصيل عمل اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، كان على قاة الجزيرة القطرية اختراقه عبر شاب "مثالي" المواصفات. هذا الشاب هو طوني كلاينفيلد: بريطاني يهودي، مُجاز من جامعة أوكسفورد، ويتحدث ست لغات منها الهولندية واليديش، ومتمرس بشؤون النزاعات في الشرق الأوسط.

تطوّع كلاينفيلد في إحدى المنظمات الموالية لإسرائيل، وتم توظيفه في "المشروع الإسرائيلي"، وهي رابطة تُعنى بتلميع صورة إسرائيل في وسائل الإعلام.

طوال خمسة أشهر، اختلط كلاينفيلد بنخبة المسؤولين من كافة الرابطات المنضوية تحت لواء الدفاع المطلق عن إسرائيل، لا سيما اللوبي الإسرائيلي المؤثر في الولايات المتحدة الأمريكية (إيباك)، وارتبط بصداقات مع عدد منهم. تحدثوا معه بصدر مفتوح، تاركين جانباً اللغة الرسمية الجامدة وما تُمليه عليهم التوجيهات.

اعترف هؤلاء لكلاينفيلد بأنهم يقومون بالتجسس على مواطنين أمريكيين بمساعدة وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، التي أنشئت عام 2006، ووُضعت مباشرة تحت سلطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وكشفت له إحدى المسؤولات في الوزارة: "نحن حكومة تعمل على أرض أجنبية، وعلينا أن نتحلى بأعلى درجات الحيطة والحذر"، إذ أن بعض أعمالهم تجرّمها القوانين الأمريكية.

قيل لكلاينفيلد إن "أعضاء الكونغريس لا يفعلون أي شيء إنْ لم يتم الضغط عليهم، والسبيل الوحيد لذلك هو المال".

وقيل له إن أفضل وسيلة لمحاربة المناضلين لصالح فلسطين في حرم الجامعات هي "التحري عن أحوالهم الشخصية وبث أخبارهم على موقع إنترنت مجهول الهوية، وبعد ذلك تناقل أخبارهم هذه على صفحات الفيسبوك".

 


التأجيل المفاجئ


قام كلاينفيلد بعمله ببراعة تامة، إلى درجة أنه، في نهاية فترة تدريبه في رابطة "المشروع الإسرائيلي"، عرض عليه رئيسه إيريك غالاغير وظيفة دائمة، وقال له: "أمنيتي أن تأتي للعمل معي. فأنا أبحث عن شخص لديه روح العمل الجماعي، نشيط في عمله، شغوف بمهمته، محب للمعرفة، جيد التكوين، لبق الحديث، كثير المطالعة. وأنت تجمع بين كل هذه الصفات".

سجل كلاينفيلد عدداً من المحادثات بواسطة كاميرا خفية، وجمع بالتعاون مع أعضاء آخرين من الفريق الذي يرأسه فيل ريس، داخل القسم المختص بالتحري والاستقصاء في الجزيرة، كل المكونات المطلوبة لإنتاج تحقيق باهر.

لكن التحقيق لم يظهر، فقد تم تأجيل البث الذي كان منتظراً مطلع عام 2018 الى أجل غير مسمى، بدون أي تعليل رسمي.

وجاء في الصحافة اليهودية الأمريكية أن بث البرنامج لن يحدث إطلاقاً، وهو ما أكده في ما بعد كلايتون سويشر، مدير القسم المختص بالتحري والاستقصاء في قناة الجزيرة، قبل أن تعلن القناة أن سويشر سيكون في إجازة لمدة طويلة من عمله.

قررت قطر تأجيل البث مقابل توقف الجناح اليميني في اللوبي الصهيوني عن التحريض عليها داخل الإدارة الأمريكية. وقام مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية، والمقرب من ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب، بزيارة الدوحة وتفاخَرَ بالحؤول دون بث الفيلم الوثائقي.

 


ماذا جاء في التحقيق؟


تسبب وقف هذا العمل الذي تطلّب أكثر من سنة بتململ داخل قناة الجزيرة. هذه الظروف سمحت بتسريب حلقات التحقيق الأربع، ومدة كل منها خمسون دقيقة، إلى آلان غريش، في شكلها شبه المُنجَز، ليشاهدها.

يُظهر التحقيق حالة توتر سائدة في أوساط اللوبي الإسرائيلي في أمريكا منذ بضع سنوات، وحالة خوف دفين من فقدانه لنفوذه. ثمة هاجس يطارد هذا اللوبي تحت شعار "بي دي إس" الذي يحمل الأحرف الأولى باللغة الإنكليزية للكلمات الثلاث التالية: مقاطعة، سحب الاستثمارات، عقوبات، وهي حملة انطلقت عام 2005.

يبدي مدير الشؤون الاستراتيجية في رابطة "مسيحيون متوحدون من أجل إسرائيل"، ومدير "الماكابي تاسك فورس"، ديفيد بروغ، قلقه من حملة مقاطعة إسرائيل في الجامعات، ويقول: "وضعنا سيئ في صفوف الشباب المولودين منذ عام 2000 وطلاب الجامعات. بل ولقد صلنا إلى حدٍّ أصبحت معه الغالبية تميل الى الفلسطينيين أكثر منها إلى الإسرائيليين".



المصدر: رصيف22