كُتّاب الموقع
هكذا فجر نتنياهو اللقاء مع ممثلي الدروز

نوعا لنداو وآخرين

الثلاثاء 7 آب 2018

 لقد كان هناك سيناريوهان محتملان لنتائج اللقاء الذي جرى في ليلة يوم الخميس بين ممثلي الحكومة وممثلي الدروز المحتجين على قانون القومية: مصافحة احتفالية في اعقاب رزمة المنافع التي تم طبخها لصالح الطائفة للاعلان عن الغاء المظاهرة في يوم السبت – أو تفجير مراقب في المفاوضات التي ستصنف الدروز كأعداء للأمة.  

          من المحادثات التي اجرتها "هآرتس" مؤخرا مع مشاركين ومراقبين من الطرفين في اللقاء تظهر صورة واضحة: عندما رأى أن ممثلي الدروز في الغرفة يصممون على اجراء تغيير قانون القومية اختار رئيس الحكومة نتنياهو الخيار الثاني. الدعوة للقاء الذي بدأ في الساعة السابعة والنصف مساء جاءت قبل وقت قصير من عقده، لكن ليس بصورة استثنائية نسبيا عن اللقاءات السابقة.

ثلاثة ضباط سابقين من قادة الاحتجاج – العميد احتياط أمل اسعد والعميد احتياط أنور صعب والمقدم احتياط صفوان مليح – تلقوا في الساعة الثالثة والنصف من ظهر يوم الخميس بلاغ من الزعيم الروحي للطائفة الشيخ موفق طريف بأنهم مدعوون معه للقاء مع رئيس الحكومة. رجال نتنياهو كانوا ينوون من جانبهم دعوة وجهاء الطائفة فقط، مجموعة التقوا معها في السابق وشعروا أنها تميل الى قبول الصفقة – وهذا انطباع تعزز بعد اللقاء في يوم الاربعاء.

          ولكن في اوساط الدروز تقرر أنه من اجل تمثيل كل الطائفة يجب أن يشمل اللقاء تمثيل واسع. عدد من رؤساء السلطات المحلية ومنهم رئيس مجلس حورفيش ورئيس منتدى المجال الدرزية مفيد مرعي، تقلوا الدعوة فقط في الساعة الرابعة والربع تقريبا من عضو الكنيست حمد عمار الذي نسق المواعيد من طرف رئيس الحكومة.

          في مجموعة رؤساء السلطات بدأ نقاش صاخب. عدد من رؤساء السلطات اعتقدوا أن اللقاء استهدف جعلهم يلغون المظاهرة وليس لديهم وقت كاف لاعداد انفسهم للقاء كما يجب. في النهاية قرروا القدوم باستثناء مرعي، فقط رئيسين آخرين وهما رئيس مجلس يركا وهيب حبيش ورئيس مجلس بيت جن بيان قبلان. آخرون اختاروا التنازل عن ذلك بصورة تظاهرية ومنهم رئيس مجلس دالية الكرمل رفيق حلبي. في طاقم رئيس الحكومة كان الى جانب عمار ايضا من وضع قانون القومية الوزير ياريف لفين (الليكود) والوزير أيوب قره (الليكود). رئيس الطاقم يوآف هوروفيتش الذي عين لرئاسة لجنة لحل المسألة كان موجود في ذلك الوقت خارج البلاد ولم يحضر اللقاء.

          الشيخ، رؤساء السلطات والضباط وصلوا في الساعة السابعة والنصف تقريبا الى مقر وزارة الدفاع. خلافا لادعاء مكتب نتنياهو فان عدد منهم لم تتم دعوتهم وبالاساس اسعد، في المدخل اعطوا الجميع تصاريح دخول كما هو مطلوب. ولكن في مكتب رئيس الوزراء ادعوا أنه ربما يكون الامر يتعلق بخلل أمني. حتى قبل بداية اللقاء طلب رئيس الحكومة، حسب اقوال الحضور، التقاط صورة مع الشيخ طريف، اعضاء الكنيست عمار وقره ورؤساء السلطات. تلك كانت تحضيرات لنشر البيان عن الاتفاق، على أمل أن يتمكنوا من التبشير عن ذلك في نشرات الاخبار في القنوات التلفزيونية التي كانت ستبدأ خلال نصف ساعة تقريبا.  

الضباط الثلاثة قالوا إنهم بقوا على الجانب الثاني من الطاولة ولم يدخلوا الى الصورة. في محيط نتنياهو يقولون إنهم كلهم تمت دعوتهم لالتقاط الصورة، لكنهم دخلوا متأخرا الى الغرفة. حسب اقوال الحضور، في تصريح قصير اعلن نتنياهو في ذلك الوقت امام العدسات أنه يوجد تقدم في المفاوضات، رغم أن المحادثات لم تكن قد بدأت بعد. حتى ورقة العمل التي اعتقدوا أنهم وافقوا عليها يوم الاربعاء كانت ما تزال على الطاولة.

          ممثلو الدروز تحركوا في هذه المرحلة بعدم راحة. "لقد رأينا أنه كما يبدو أعد ورقة وكأن كل شيء منته. لقد احضرنا من اجل التقاط الصور وأن كل شيء يجري بصورة جيدة"، قال حبيش. مشارك آخر اضاف "لقد كنت أغلي. ما هذا، لم نأت من اجل ذلك". الجو اصبح متوترا. في نهاية التصوير قال حبيش لنتنياهو إن الممثلين لن يوافقوا على الخطة.

          في هذه المرحلة تدخل اسعد. أكد حسب اقواله أن الدروز لن يقبلوا رزمة المنافع التي يقترحها نتنياهو والتي تضمنت تضمين الطائفة الدرزية والشركسية فقط في قانون يبين أن أحقية ابناء الاقليات للحصول على المنافع مرهونة بخدمتهم في قوات الامن. وعاد وكرر مطالبته بتضمين مكانة كل الاقليات في قانون اساس أو الغاء قانون القومية. وحسب اقوال رجال رئيس الحكومة فان اسعد انفجر وتحدث اليه وكذلك للشيخ بصورة غير محترمة. اسعد وآخرون نفوا وقالوا إن ما قيل تم بهدوء. ايضا طريف نفى أن اسعد مس باحترامه، كما قيل. ومهما كان الامر فان نتنياهو رد على ذلك: "أنا لا أتحدث مع من يسميني رئيس حكومة ابرتهايد".

          نتنياهو تطرق الى الامور التي كتبها اسعد في صفحته على الفيس بوك قبل يوم من ذلك، وحسب هذه الاقوال فان قانون القومية هو قانون ظالم وعنصري استهدف تمهيد الارض لتحويل الدولة الى دولة ابرتهايد. حسب اقوال اسعد ومشاركين آخرين اجاب رئيس الحكومة بأنه حقا يعتقد أن القانون "من شأنه أن يدهور اسرائيل الى ابرتهايد". حسب اقوال رجال نتنياهو فانه اعلن "أنا أعيش في دولة ابرتهايد". مهما كان الامر، بعد الجواب خرج نتنياهو غاضبا من الغرفة. وطلب أن يتواصل اللقاء بطاقم مقلص اكثر بدون مشاركة الضباط السابقين. ممثلو الطائفة رفضوا. الوزراء وعضو الكنيست اجتمعوا مع نتنياهو على حدة، وكان واضحا للجميع أنه لن تكون محاولة جادة للتوصل الى تفاهمات.

          خلال العاصفة في الساعة الثامنة وعشر دقائق مساء واثناء نشرات الاخبار بدأ مراسلون يرسلون التقارير ببث مباشر استنادا الى معلومات تم بثها من محيط رئيس الحكومة، بأنه في اللقاء "رئيس الحكومة تعهد بتمرير الـ 3 قوانين التاريخية" ولكن "أمل اسعد انفجر ازاء اقوال الشيخ ورئيس الحكومة ومس باحترامهما. رئيس الحكومة قال إنه لن يقبل المس لا بشرف رئيس حكومة اسرائيل ولا بشرف الدولة ممن يسمي دولة اسرائيل دولة ابرتهايد". القصة التي فهمت من المعلومات احادية الجانب كانت بأن أسعد انفجر ودعا اسرائيل "دولة ابرتهايد". عندها نتنياهو قطع اللقاء. ولكن مصادر كانت في اللقاء، التي هي ليست من طرف الطائفة، صادقت للصحيفة على أنه بعد أن فهم أن اللقاء لن يصل الى حل، فان نتنياهو هو الذي طرح أولا موضوع الابرتهايد وفجر اللقاء بعد أن رفض اسعد التراجع، ووجهاء الطائفة رفضوا الجلوس معه بصورة منفردة. عندها ايضا خرجت البيانات من محيطه الى وسائل الاعلام. مقربو نتنياهو قالوا إنه مرفوض القول إنه بادر الى تفجير اللقاء لأن اسعد لم تتم دعوته ولم نكن نعرف انه سيأتي".

          بعد خمس دقائق من خروجه من الغرفة بدأت هواتف ممثلي الطائفة بالرنين من اجل الحصول على رد. لماذا قلتم إن اسرائيل هي دولة ابرتهايد؟ سأل المتصلون. "نحن لم نحضر للتصريح، لقد حضرنا للنقاش. كانت لدينا فكرة ابداعية للجلوس والتقدم، لكنه (نتنياهو) جاء واعطى تصريح لوسائل الاعلام وجعل امل اسعد يهرب من الغرفة"، قال أحدهم. "اعتقد أنه اراد منا المجيء لالتقاط صورة والقول إن كل شيء تمام، وهو يقول لشعب اسرائيل ليس هناك مبرر للاحتجاج في يوم السبت"، اضاف حبيش. "اعتقد أنه خطط لاحضارنا والقول إننا بدأنا بالعمل مع الطواقم على مشروع قانون للدروز، وأن نقول له شكرا ونقبله. لقد خطط لذلك. عندما رأى أن هذا الامر لا يسير كما يجب بحث عن ذريعة لتفجير اللقاء".

          اسعد قال للصحيفة بعد اللقاء "أنا لم أطرح أبدا موضوع الابرتهايد في اللقاء. نتنياهو تطرق للامور التي كتبتها في الفيس بوك مؤخرا والتي تقول إن القانون يمكن أن يؤدي الى ابرتهايد. أنا أتمسك بهذه الاقوال، لكن نتنياهو هو الذي استل فجأة هذه الاقوال في اللقاء من اجل تفجيره". وامس قال في محادثة اخرى "أنا لا احترم دولة اسرائيل؟ أنا احترم دولة اسرائيل اكثر بكثير من اسرائيليين كثيرين، بما فيهم الذين يجلسون في قمة السلطة حتى المستوى العالي جدا، دون ذكر اسماء".

          غداة اللقاء اقتبس المحلل امنون ابراموفيتش في "ستوديو 6" مصدر مجهول مقرب من رئيس الحكومة. "نحن ذهبنا في طريق من المحظور أن نغير فيه كلمة في قانون القومية. من لا يروق له ذلك هناك طائفة درزية كبيرة في سوريا وعليه اقامة دولة درزية". لم يبق شك بشأن الاحتمال الذي اختاره نتنياهو.

          مكتب رئيس الحكومة رد على ذلك بأن "تصريح كهذا يعارض رؤية رئيس الحكومة وعمله من اجل الطائفة الدرزية. ومن المضحك نسب ذلك له".

          من الليكود جاء ردا على ذلك "رئيس الحكومة نتنياهو يرفض تماما هذه الاقوال المثيرة للغضب التي نشرها أمل اسعد في الفيس بوك وكررها في اللقاء: أنا أعيش في دولة ابرتهايد. قانون القومية استهدف الدفاع عن مكانة اسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، حيث تحاول جهات في الخارج ومؤخرا في اسرائيل ايضا تشويهها. ليس في قانون القومية أي مس بحقوق ابناء الطائفة الدرزية أو حقوق أي مواطن آخر. هذه الحقوق متضمنة في عدة قوانين بما فيها قانون الاساس: احترام الانسان وحريته. من المؤسف أن جهات يسارية وعلى رأسها صندوق اسرائيل الجديد تستخدم بطريقة تهكمية مواضيع مرتبطة بالطائفة الدرزية فقط للمناكفات السياسية".


المصدر: هآرتس