كُتّاب الموقع
محور فيلادلفيا.. أزمة تتصاعد بين مصر وإسرائيل

العرب اللندنية

الثلاثاء 9 كانون الثاني 2024

بدأت الخلافات المكتومة بين مصر وإسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة تتخلى تدريجيا عن الصمت الذي لاحقها الفترة الماضية، وقد تكون الترتيبات الأمنية التي تريدها إسرائيل في محور صلاح الدين (فيلادلفيا) ولا تحظى بموافقة مصرية واحدة من المنغصات الفترة المقبلة، لأنه في سبيل تقويض كل قوة حركة حماس ستجد تل أبيب نفسها في مواجهة سياسية وقانونية مع القاهرة.
 
وفتح حديث مقتضب لمسؤول مصري في تصريح نشرته وسائل إعلام محلية عديدة نفى فيه ما رددته تقارير أجنبية عن وجود تعاون مصري – إسرائيلي بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الباب لمناقشة أمر تراه إسرائيل حيويا، بينما تراه مصر لا يحتاج إلى ذلك لأنه محكوم بقواعد دولية يصعب المساس بها من دون تجنب تداعياتها، ولذلك أكد المصدر المصري أن هذه الأنباء “لا أساس لها من الصحة”.
 
وقد لا يغير النفي أو عدم النفي المصري من وجود أزمة مكتومة مع إسرائيل آخذة في التصاعد حيال محور فيلادلفيا، والذي بدأ يتحول في خطاب بعض أركان الحكومة الإسرائيلية إلى شماعة لتبرير بعض الإخفاقات الأمنية بحجة أن قوة حماس استمدت جزءا منها عبر تهريب أسلحة من الجانب المصري.
 
وقال الخبير الإستراتيجي والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء نصر سالم إن الرد الواضح بخصوص نفي التعاون مع إسرائيل هو “رسالة شديدة اللهجة بأن القاهرة لن تسمح بحدوث وقيعة بينها وبين الفصائل الفلسطينية”.
 
وأضاف لـ”العرب” أن إسرائيل تهدف من وراء نشر معلومات عن تعاونها مع مصر في المحور إلى الوقيعة بينها وبين المقاومة من ناحية، وشحن الرأي العام الفلسطيني ضدها من ناحية ثانية، وهذا بالنسبة إلى القاهرة غير مقبول، لافتا إلى أن المحور تحت الاحتلال الإسرائيلي باعتباره يقع في قطاع غزة، ووجود تعاون مصري – إسرائيلي بشأنه يعني أن القاهرة شريكة في احتلال الأراضي الفلسطينية، “وهذا درب من الجنون”.
 
وذكر اللواء نصر سالم أن سلطات الاحتلال تحاول إيهام الداخل الإسرائيلي بأن مصر تدعمها وتتعاون معها لتحقيق أهداف الحرب، “وهذه أكذوبة لا يصدقها عاقل، ودلالات النفي المصري الحاسم موجهة للحكومة والشارع في إسرائيل بأنها لن تقبل سيطرة الاحتلال على محور فيلادلفيا ولن تتخلى عن حق المقاومة تحت أي ظرف”.
 
وأكدت مصادر تحدثت إليها “العرب” في القاهرة أن ظاهرة الأنفاق انتهت منذ سنوات لأسباب تتعلق بالأمن القومي المصري، وعلى إسرائيل أن تجيب على سؤال من أين يتحصل الفلسطينيون في الضفة الغربية على أسلحتهم التي يشهرونها في وجوه بعض المستوطنين وقوات الاحتلال قبل أن تتحدث عن تهريب أسلحة عبر الحدود المصرية.
 
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أيام نقلا عن مسؤولين مصريين أن إسرائيل أجرت اتصالات مع القاهرة حول مستقبل الحراسة والحماية الأمنية في محور فيلادلفيا بعد الحرب، بهدف منع تحول المحور الى شبكة تهريب إلى قطاع غزة.
 
ونفت مصادر مصرية تقارير إسرائيلية حول تهريب أسلحة ومساعدات إلى غزة عبر الحدود المصرية في مدينة رفح، ووصفتها بأنها تأتي في سياق تبرير الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا.
 
وتشير السلطات المصرية دوما إلى أنها تحافظ على حدودها آمنة، وتسيطر عليها بشكل كامل، وتمنع عمليات التهريب وأنهت مبكرا ظاهرة الأنفاق التي انتشرت في سنوات سابقة وأدت إلى تحميل الأمن المصري في سيناء تكاليف باهظة.
 
ومنذ أن اندلعت حرب غزة، وعملية دخول المساعدات الإنسانية تتم وفق آلية جرى الاتفاق عليها مع إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وتمر من خلال معبر رفح الحدودي مع غزة بعد تفتيش الشاحنات في معبري العوجة وكرم أبوسالم.
 
وأدت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قبل حوالي أسبوع بشأن الرغبة في السيطرة على محور فيلادلفيا بشكل كامل إلى انتقادات فلسطينية، وامتعاض في القاهرة حيال المساعي الرامية لفرض أمر واقع بالقوة بذريعة التخلص من كل الشرايين المحتملة التي يمكن أن تمد حماس بأسلحة ومعدات عسكرية.
 
ونشر موقع “والا” الإسرائيلي أخيرا تقريرا عن أنشطة لمجنزرات وآليات لجيش الاحتلال بالقرب من معبر كرم أبوسالم باتجاه معبر رفح على خط محور فيلادلفيا.
 
وتؤدي السيطرة على محور فيلادلفيا من جانب إسرائيل إلى التأثير سلبا على اتفاقيات السلام مع مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويمكن الرد على هذه التوجه قانونيا، لأن الخطوة تعني عودة الاحتلال، ما يتطلب توقيع بروتوكولات جديدة.
 
ووضعت اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 قيودا عددية ونوعية على نشر القوات على جانبي الحدود، بما في ذلك الجانب المصري للمحور.
 
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت طرح على نظيره الأميركي لويد أوستن إقامة جدار تحت الأرض في رفح المصرية لفصلها عن رفح الفلسطينية، وذلك بتمويل أميركي، بطول 13 كيلومترا، ويتضمن مجسات وتقنيات للكشف عن احتمال وجود حفر وشيك بالقرب منه.
 
وتوالت التحذيرات الإسرائيلية من فقدان السيطرة على محور فيلادلفيا بحجة أن أيّ خطوة لإنهاء المقاومة في غزة يجب أن تشمل السيطرة على المحور تماما على طول الحدود المصرية – الفلسطينية مع قطاع غزة.
 
وراجت معلومات حول تقسيم محور فيلادلفيا بين ثلاثة أطراف في إسرائيل، يتعامل كل منها مع واجهة مختلفة: الجيش الإسرائيلي وهو مسؤول عن النشاط العملياتي، ومنسق العمليات في المناطق ومسؤول عن النشاط المدني وتشمل بشكل محدد دخول شاحنات الإمداد عبر معبر رفح، وحركة المساعدة العسكرية التي تخطط لليوم التالي.
 
ونشرت صحيفة “معاريف” في الثالث من يناير الجاري تفاصيل عن خطة إسرائيل المثيرة المتعلقة بمحور فيلادلفيا بعنوان “الأرض مصرية والفكرة إسرائيلية والتمويل أميركي”، وقالت “إن الحرب في غزة تتقدم بشكل مستمر، وقضية رفح التي تعتبر من أصعب القضايا السياسية التي يمكن حلها تزداد أهمية بالنسبة إلى تقدم القوات”