كُتّاب الموقع
2023 دولياً: عام الكوارث الطبيعية والحروب المستمرة

ماهر الخطيب

الثلاثاء 2 كانون الثاني 2024

على الرغم من إنشغال العالم، في العام 2022، بالتحديات التي كان قد فرضها إستمرار إنتشار فيروس كورونا على المستوى العالمي، إلا أن الإنتهاء من خطره، في العام الحالي، لم يشكل بارقة أمل نحو نمط جديد من العلاقات بين الدول، بل على العكس من ذلك تفجرت المزيد من الحروب، في حين شكلت الكوارث الطبيعية عنواناً بارزاً في أكثر من منطقة، وفيما يلي أبرز أحداث من دون أن تكون مرتبة وفق تسلسلها الزمني.
 
طوفان الأقصى
 
 
في هذا السياق، شهدت المنطقة العربية العديد من التحولات التي تستحق التوقف عندها، أبرزها عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة "حماس" في السابع من تشرين الأول الماضي، التي كانت مقدمة نحو شن إسرائيل عدواناً على قطاع غزة، مع ما تضمنه ذلك من توسع رقعة المواجهات نحو جنوب لبنان. في حين لا تزال مخاطر توسع هذه الحرب نحو جبهات أخرى مرتفعة، في ظل حالة العجز عن تحقيق أي "إنجاز" التي تمر بها تل أبيب، ما يدفعها إلى رفض كل الدعوات إلى وقف إطلاق النار، لا بل هي عمدت، في الأيام الماضية، إلى التصعيد، من خلال إغتيال قيادي في الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي السورية.
 
من حيث المبدأ، من المتوقع أن تكون الحرب على قطاع غزة، بما تحمله معها من عناوين أخرى، هي الحدث الأبرز على مستوى المنطقة في الأشهر الأولى من العام 2024، نظراً إلى أن مسار الأمور يوحي بأن التصعيد سيكون هو سيد الموقف، قبل الوصول إلى التسوية المنتظرة. مع العلم أن القيادات السياسية والعسكرية لا تزال تتحدث عن أشهر طويلة من القتال.
 
التطبيع السعودي الإسرائيلي
 
 
قبل الوصول إلى يوم السابع من تشرين الأول الماضي، كان المسار العام على مستوى المنطقة مختلف كلياً، حيث أن العنوان الأبرز كان الحديث عن إمكانية الوصول إلى إتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، برعاية أميركية، خصوصاً بعد الإعلان عن الممر الإقتصادي الذي يمتد من الهند نحو أوروبا، الأمر الذي عُد على أساس أنه، في حال حصوله، سيكون الضربة الأخطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.
 
في الوقت الراهن، جميع المؤشرات تصب في إطار تراجع هذا المسار، بعد أن أعادت "طوفان الأقصى" تسليط الضوء على أهمية معالجة القضية الفلسطينية. في حين كانت العلاقات العربية الإسرائيلية والعلاقات الأميركية قد شهدت توترات كبيرة، نتيجة المشاريع التي تستهدف تهجير سكان قطاع غزة نحو سيناء المصرية من جانب تل أبيب، والتأييد الكبير للعدوان على القطاع من جانب واشنطن. وهو ما دفع الجانبان المصري والأردني إلى مواقف متشددة، نظراً إلى أن عمان تخشى أن يكون ذلك مقدمة نحو تهجير سكان الضفة الغربية أيضاً بإتجاه أراضيها.
 
الإتفاق السعودي الإيراني
 
ضمن السياق الذي كان يوحي بأن المنطقة تتجه نحو مرحلة من الإستقرار، جاء الإعلان عن الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، في شهر آذار من العام الحالي، على وقع مؤشرات على إمكانية العودة إلى الإتفاق النووي الإيراني نتيجة إتفاق بين واشنطن وطهران. وبناء على هذا الإتفاق، كثرت الرهانات حول إمكانية الوصول إلى تفاهمات، سعودية وإيرانية، تطال العديد من الملفات الإقليمية العالقة، لكن من دون أن يتحقق ذلك حتى الآن.
 
في الشهر الأخير من العام، تم التأكيد من قبل الجانبين على إلتزامهما الكامل بتطبيق إتفاق بكين، الأمر الذي يفتح الباب أمام إمكانية الرهان على إنعكاس ذلك على الملفات العالقة في العام المقبل، خصوصاً إذا ما إستمرت العلاقة بين البلدين ضمن المسار نفسه.
 
عودة سوريا إلى الجامعة العربية
 
 
من الأحداث البارزة في العام 2023، كانت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، حيث شارك رئيسها بشار الأسد، في 19 أيار، في القمة العربية التي عقدت في السعودية، بعد نحو 12 عاماً من حظر عضويتها في الجامعة، لكن من دون أن يكون لذلك تداعيات كبيرة على مستوى الأزمة السورية، خصوصاً على المستوى الإقتصادي، نظراً إلى الموانع التي يتركها قانون "قيصر" الأميركي.
 
في هذا المجال، كانت قد سجلت العديد من المؤشرات على إمكانية أن تشهد دمشق أيضاً تحسناً على مستوى علاقاتها مع أنقرة، إلا أن هذا الأمر لم يحصل. في حين كانت قد برزت مشكلة أخرى، تمثلت في التظاهرات الشعبية التي كانت قد شهدتها محافظة السويداء، رداً على تردي الأوضاع الإقتصادية في البلاد، الأمر الذي كان سبباً في إنطلاق موجة نزوح إقتصادي جديدة نحو لبنان.
 
أميركا وإحتمال عودة ترامب
 
 
على وقع إستمرار التنافس مع الصين وروسيا، اصطدمت الولايات المتحدة بالتطورات في الشرق الأوسط، التي قادتها إلى إعادة التركيز على هذه المنطقة، لا سيما بعد إنفجار الأوضاع في فلسطين المحتلة. في حين هي على موعد مع إنتخابات رئاسية مهمة في الأشهر المقبلة من العام 2024، على وقع منافسة شرسة بين الرئيس الحالي جو بايدن ومنافسه المحتمل الرئيس السابق دونالد ترامب.
 
في هذا السياق، كانت شعبية بايدن قد تراجعت، في الفترة الأخيرة، نتيجة الموقف من العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، الأمر الذي أثار المخاوف من تأثير أصوات الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتأرجحة، خصوصاً أن هذه الأصوات كانت قد ساهمت بفوزه في الإنتخابات الماضية. بينما فتح مجلس النواب الأميركي، في الشهر الأخير من العام، تحقيقاً رسمياً لعزل بايدن، على خلفية "أنشطة ابنه هانتر التجارية الدولية المثيرة للجدل".
 
في المقابل، يبدو أن ترامب مصر على منافسة بايدن في الإنتخابات الرئاسية، بالرغم من صدور قرار، عن المحكمة العليا في ولاية كولورادو، قضى بعدم أهلية ترامب لخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية العام المقبل، بسبب دوره في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني من العام 2021.
 
الحرب في أوكرانيا
 
إلى جانب المخاطر الناجمة عن موجة الهجرة وإرتفاع شعبية الأحزاب اليمنية المتطرفة في أوروبا، لا تزال الحرب في أوكرانيا هي العنوان الأبرز في القارة العجوز، مع استمرارها واحتمال دخول العام الثالث على اندلاعها، وسط غياب أفق سياسي لإنهائها. بينما لا يبدو أن أي طرف، قادر على إنهاء المعركة لصالحه في وقت قريب.
 
في هذا السياق، قد يكون التطور الأبرز، بالنسبة إلى الجانب الأوكراني، هو قرار الكونغرس الأميركي، الذي خالف رغبات الرئيس، وقف المساعدات المقدمة لأوكرانيا، الخطوة التي وصفها البيت الأبيض بأنها هدية مجانية بالنسبة لروسيا.
 
أما بالنسبة إلى الجانب الروسي، فإن الخطر الأكبر كان قد برز، في شهر أيار، عندما قادت قوات "فاغنر"، بقيادة يفغيني بريغوغين، تمرداً ضد السلطات الروسية، انتهى في اليوم نفسه بتراجع "فاغنر"، قبل أن يتم الإعلان، بعد أشهر، عن مقتل قائدها بريغوغين، بحادث تحطم طائرته الخاصة التي كانت متجهة من موسكو إلى سان بطرسبرغ.
 
إنقلابات في القارة السمراء
 
 
على مستوى القارة الأفريقية، كانت الحرب المستمرة في السودان، بين قوات الجيش، بقيادة عبد الفتاح برهان، و"الدعم السريع"، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، التي اندلعت في 15 نيسان، هي العنوان الأبرز، بسبب التداعيات التي تركتها على العديد من الدول المجاورة، من دون أن تنجح الوساطات المتعددة في الوصول إلى حل لها.
 
من ناحية، عرفت أفريقيا انقلابين في العام 2023، فسرا على أساس أنهما ضربة للنفوذ الفرنسي في القارة السمراء: الأول كان في النيجر استولى عسكريون على السلطة في 26 تموز متحججين بتدهور الوضع الأمني"، أما الثاني فكان في الغابون، حيث أطاح انقلاب عسكري، في 30 آب، بالرئيس علي بونغو اونديمبا، بعد انتخابات رئاسية تعرضت لانتقادات واسعة، بسبب اتهامات تزوير، أظهرت فوزه بولاية ثالثة.
 
في المقابل، فاز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الشهر الأخير من العام، بولاية رئاسية ثالثة، بعد حصوله على نسبة 89.6% من أصوات الناخبين الصحيحة. حيث وعد باستكمال "الحوار الوطني"، بين مختلف القوى والأحزاب السياسية في مصر، وبناء "الجمهورية الجديدة"، و"استنفار كل الجهود للحيلولة دون استمرار الحرب على غزة".
 
كوارث طبيعية
 
بالإضافة إلى ما تقدم، كانت الكوارث الطبيعية هي السمة الأبرز للعام 2023، حيث كانت البداية في شهر شباط، عندما ضرب زلزالان عنيفان بقوة 7.8 درجة تركيا وسوريا وتسببا في مقتل أكثر من 50 ألف شخص وإصابة أكثر من 24 ألفا آخرين، إضافة إلى تشريد مئات الآلاف.
 
وفي شهر أيلول، ضرب زلزال عنيف آخر بقوة 6.8 درجات إقليم الحوز بالمغرب، ما أدى لوفاة أكثر من 3 آلاف شخص، وتشريد الآلاف. بالتزامن مع ضرب العاصفة دانيال شمال وشرق ليبيا، ما أدى إلى غرق مدينة درنة ومقتل المئات وتدمير آلاف المساكن.
 
 
المصدر: النشرة