كُتّاب الموقع
التصعيد ضد إيران يضع المنطقة على حافة توسع الحرب

العرب اللندنية

الأربعاء 27 كانون لأول 2023

يضع التصعيد الإسرائيلي ضد إيران، الذي كان من أبرز نتائجه إلى حد الآن مقتل القيادي البارز في فيلق القدس الجنرال رضي موسوي، المنطقة على حافة توسع الحرب، خاصة بعد تلميح إسرائيل بتنفيذ أعمال انتقامية في عدد من الدول التي تنشط فيها ميليشيات موالية لطهران وهي سوريا واليمن ولبنان والعراق.
 
وتوعدت إيران بالرد على مقتل موسوي، وهو التهديد الذي يأخذه الإسرائيليون على محمل الجد حيث يتوقع الخبراء في إسرائيل تصعيدا خلال الأيام القادمة على الجبهة الشمالية.
 
يأتي ذلك بينما يستمر التصعيد الحوثي في منطقة البحر الأحمر، حيث أكدت مصر إسقاط طائرة مسيرة قرب مدينة دهب السياحية، في حين أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وقوع انفجار على بعد 60 ميلا بحريا قبالة ميناء الحديدة ورصدها صواريخ على بعد 4 أميال من مكان الحادث.
 
وألمح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء إلى أنه تم تنفيذ أعمال انتقامية في العراق واليمن وإيران ردا على هجمات ضد إسرائيل، مع اتساع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة إلى مناطق أخرى في المنطقة.
 
وقال غالانت للنواب “نحن في حرب متعددة الجبهات ونتعرض للهجوم من سبع مناطق: غزة ولبنان وسوريا ويهودا والسامرة (الضفة الغربية) والعراق واليمن وإيران. بالفعل قمنا بالرد واتخذنا إجراءات في ست من هذه المناطق”.
 
ويقول مراقبون إن تعداد غالانت للجبهات المفتوحة على إسرائيل يتطابق مع مصالح تل أبيب، فالتأكيد على أنها تواجه سبع جبهات مختلفة في وقت واحد قد يعطل الضغوط الغربية عليها بشأن وقف إطلاق النار، ويحول الحرب إلى مواجهة مفتوحة جغرافيّا تجد الولايات المتحدة نفسها وحلفاؤها الغربيون طرفا فيها بحكم الأمر الواقع وعلى أكثر من جبهة.
 
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، عندما شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوما عبر الحدود في السابع من أكتوبر الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه رد على هجمات من لبنان وسوريا ونفذ مداهمات استهدفت مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
 
ولم تنشر إسرائيل معلومات عن تنفيذ مثل هذه الأعمال في اليمن ومنه أطلق الحوثيون المتحالفون مع إيران صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة على إسرائيل وهاجموا سفنا في البحر الأحمر، ولا في العراق حيث أعلنت جماعة متحالفة مع إيران الأسبوع الماضي مسؤوليتها عن هجوم بطائرة مسيرة على مدينة إيلات الساحلية جنوب إسرائيل.
 
وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء قصف ثلاثة مواقع في العراق تستخدمها فصائل موالية لإيران، غداة هجوم بطائرة مسيّرة استهدف قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الأميركية قرب مطار أربيل في شمال العراق، أدّى إلى إصابة ثلاثة عسكريين أميركيين بجروح.
 
وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن إن المؤشرات تشي بإمكانية تزايد الضغوط الأميركية على إسرائيل خلال الأيام القليلة القادمة لوقف الحرب، وإن التسريبات توحي بأن الإدارة الحالية منحت إسرائيل فرصة حتى نهاية العام الجاري لتحقيق أهدافها، في وقت يجري فيه الحديث عن طرح مصري بالتنسيق مع الولايات المتحدة للتوصّل إلى هدنة طويلة نسبيا -قد تدوم أسبوعين- ما يسمح بتهدئة الأوضاع في غزة وحصار أي مسعى لتوسيع الحرب.
 
وأوضح لـ”العرب” أن “مصر وإيران والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية والفصائل المختلفة لا ترغب في توسيع قاعدة الحرب، باستثناء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه غالانت اللذين يستمران فيها دفاعا عن نفسيهما”.
 
وقلل من إمكانية توسيع نطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة، لافتا إلى أن إيران حريصة على أن تبقى العمليات ضد إسرائيل محدودة وقد تشجع حزب الله في لبنان على توسيع عملياته دون أن يخرج ذلك عن قواعد الاشتباك التي جرى التوافق عليها ضمنيا في السابق بين إسرائيل والحزب، وتضع طهران في اعتباراتها أنها في حال دخلت الصراع بشكل مباشر فإن قواتها الجوية قد تصبح عرضة للتدمير.
 
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الثلاثاء “يتعين على تل أبيب أن تنتظر عدا تنازليا صعبا” بعد مقتل موسوي. وفي حسابه على منصة إكس تقدم عبداللهيان بخالص التعازي لعائلة موسوي والشعبين الإيراني والسوري.
 
وأوضح أن موسوي كان “مستشار إيران في مكافحة الإرهاب بسوريا”، مبينا أنه كان في المنطقة لسنوات عديدة مع الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة مطلع 2020 في غارة جوية بالعراق.
 
وهدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية العميد رضا طلائي إسرائيل الثلاثاء لاغتيالها موسوي، قائلا “ينبغي على الصهاينة (إسرائيل) الاستعداد لعواقب جريمتهم… وستكون مؤلمة”.
 
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية الثلاثاء عن مسؤولين أمنيين لم تسمهم أن “إسرائيل تتوقع ردا من الجبهة الشمالية على مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني (يسمى) السيد رضي موسوي في سوريا”.
 
وأضافت “وفقا للتقييمات الأمنية الإسرائيلية كثفت إيران نقل الأسلحة إلى الميليشيات الشيعية العاملة في سوريا منذ أن شن الجيش الإسرائيلي حربه على حماس في غزة”.
 
وذكر الخبير العسكري اللواء محمد الغباشي أن توسيع دائرة الحرب خيار غير واضح في الوقت الحالي، لأن إيران لا ترغب في دخول معركة موسعة، ولدى إسرائيل ما يكفيها من المشكلات ولا تستطيع أن تدخل حربا برية خارج نطاق سيطرتها.
 
ولم يستبعد في تصريح لـ”العرب” أن يكون هدف بعض القوى استفزاز الجيش المصري واستدراجه إلى أعمال عسكرية غير مخطط لها ولا يسعى إليها.
 
وقال مصدران أمنيان لرويترز الثلاثاء إنه جرى إسقاط مسيرة قرب مدينة دهب السياحية المصرية المطلة على البحر الأحمر.
 
واعتبر الغباشي أن إيران التي لم ترد على مقتل قاسم سليماني لن تتحرك الآن بعد مصرع أحد مساعديه في سوريا، وأن الضربات التي تتم بصورة مسرحية ضد الأهداف الأميركية في كل من العراق وسوريا تأتي لحفظ ماء وجه طهران ولن تؤثر على إسرائيل أو الولايات المتحدة.
 
وشدد على أن نتنياهو هو الوحيد الذي يتمنى توسيع نطاق الحرب وينتظر حدوث مفاجآت غير متوقعة لإنقاذ نفسه؛ فهو يحاول بشتى الطرق أن تتحول المنطقة إلى كرة لهب بما يقود إلى إطالة أمد القتال ليحمي نفسه من المحاكمة أو الاستجواب جراء إخفاقات حكومته العسكرية والسياسية، خاصة أن هناك تفاهمات ضمنية تقضي بتجنب الدخول في مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، والحالات التي تتم فيها عمليات عسكرية من قبل إسرائيل هي ضربات خاطفة موجهة إلى أهداف معينة ولا تتمكن إيران من الرد عليها بشكل صارم.