كُتّاب الموقع
تاريخ رئاسة الجمهورية اللبنانية: الشغور والتمديد والحروب

جنى الدهيبي

الخميس 25 كانون الثاني 2024

على مدار ثمانين عامًا من عهد الاستقلال سنة 1943، الذي توج بانتخاب الرئيس الراحل بشارة الخوري، وحتى اليوم، لم يشهد لبنان إلا نادراً عملية تسلم وتسليم سلسة بين رؤساء الجمهورية.  
 
لذا، تستعرض الحلقة الأولى من برنامج "تركيب" في "المدن"، ظروف وأحوال كل محطة رئاسية، حيث شهد هذا المنصب الأعلى في الجمهورية، أربع حالات شغور مقابل ثلاث عمليات تمديد، مع اختلاف كل حقبة بحروبها وصراعاتها، داخليًا واقليميًا. 
 
رؤساء ما بين الاستقلال والطائف
 
 
انطلقت هذه الحلقة من منتصف الحرب العالمية الثانية، وأهم الأحداث التي شهدها انتخاب بشارة الخوري كأول رئيس للجمهورية لعهد الاستقلال، في 21 أيلول 1943.  
 
عرف لبنان مع الخوري أول حالة تمديد سنة 1949، عبر التجديد لولايته حتى 1955. ثم قدم استقالته في 18 أيلول 1952، وبعد خمسة أيام في 23 أيلول، تم انتخاب كميل شمعون.  
كان شمعون أول رئيس يغادر القصر الجمهوري، مع نهاية ولايته في 23 أيلول 1958. وشهد عهده أول عملية تسلم وتسليم مع الرئيس المنتخب فؤاد شهاب، وكان استلام الأخير لسدة الرئاسة بمثابة صورة تذكارية، وربما نادرة، لانتظام تداول السلطة في لبنان.  
 
تطرق فيديو "تركيب" أيضًا إلى أبرز أحداث "العهد الشهابي"، وكان عبارة عن عهدين: عهد الرئيس فؤاد شهاب من سنة 1958 حتى 1964، وعهد الرئيس شارل الحلو من سنة 1964 حتى 1970.  
 
وبعدما شهد عهد شهاب مشروع بناء الدولة، وصياغة علاقات لبنان العربية والغربية، أعلن في 17 آب 1964، العزوف عن تجديد ولايته استجابة للمعارضين المسيحيين، فانتخب البرلمان شارل الحلو كرئيس تسوية.   
 
ثم في 23 أيلول سنة 1970، انتخب البرلمان الراحل سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، بدعم من معارضي العهد الشهابي، وفاز بفارق صوت واحد ضد المرشح الياس سركيس. ثم تسلم سركيس منه مقاليد الرئاسة في 23 أيلول 1976.  
 
شهد عهد سركيس دخول قوات الجيش السوري إلى لبنان، وانفجار الحروب بين الميليشيات اللبنانية والفصائل الفلسطينية، والاجتياح الإسرائيلي للبنان. بعد ذلك، انتخب البرلمان بشير الجميل في 23 آب 1982، رئيسًا للجمهورية، بعد انخراطه بحرب الميليشيات على رأس حزب الكتائب، فكان أول رئيس منتخب لم يستلم الحكم، بعد اغتياله في 14 أيلول بمركز الكتائب في الأشرفية.  
 
بعد أسبوع واحد، انتخب البرلمان أمين الجميل لخلافة شقيقه بشير في 21 أيلول 1982، ومع انتهاء ولايته في 22 أيلول 1988، عرف لبنان أول شغور رئاسي دام عامًا و44 يومًا. 
 
وتناول "تركيب"، تسلم ميشال عون الحكم عبر تشكيل حكومة عسكرية بحالة تمرد استثنائية عرفها لبنان، إلى حين انتخاب الرئيس رينيه معوض في 5 تشرين الثاني سنة 1989 بقاعدة جوية في شمال لبنان، ثم تم اغتياله في 22 تشرين الثاني، بعد 17 يومًا من انتخابه.  
 
رؤساء ما بعد الطائف 
وتطرق "تركيب" إلى تفاصيل الأحداث التي شهدها لبنان عند انتخاب رؤساء الجمهورية بعد توقيع اتفاق الطائف (1989) الذي توج انتهاء الحرب الأهلية. ومنذ ذلك العام حتى 2016، عرف لبنان انتخاب أربع رؤساء جمهورية فقط. 
 
كانت البداية مع انتخاب الياس الهراوي في 24 تشرين الثاني 1989، الذي عرف لبنان معه ثاني تمديد رئاسي، استمر 3 سنوات حتى 1998.  
 
في 15 تشرين الأول 1998، انتخب البرلمان اميل لحود بغالبية مطلقة، وعرف لبنان في عهده ثالث تمديد لثلاث سنوات حتى 2007، وشهد أكثر الأحداث سخونة ما بعد الطائف، من تحرير الجنوب سنة 2000، إلى اغتيال الرئيس الحريري في شباط 2005، وانسحاب الجيش السوري بالعام نفسه، والعدوان الإسرائيلي في تموز 2006، وغيرها من الأحداث.  
 
ومع انتهاء ولاية لحود الممددة، شهد لبنان ثاني شغور رئاسي، استمر ستة أشهر حتى 25 أيار 2008. وبعد أحداث 7 أيار في بيروت، التي قادت إلى توقيع اتفاق الدوحة، انتخب البرلمان ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، بغالبية 118 صوتًا، وشهد عهده أولى تداعيات انخراط لبنان بالحرب السورية، وبدء تدفق اللاجئين السوريين. 
 
ثم عرف لبنان ثالث وأطول شغور بعد الاستقلال، بعد انتهاء ولاية سليمان في 24 أيار 2014، واستمر الشغور عامين ونصف العام.  
 
في 31 تشرين الأول 2016، وبعد 46 جلسة برلمانية، انتخب البرلمان ميشال عون رئيسًا للجمهورية. وشكل انتخابه تتويجًا لتسوية رئاسية كان عرابها حزب الله، بالاتفاق مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري وجبران باسيل وسمير جعجع. فكان العهد الشاهد على شتى اشكال انهيار لبنان.  
 
ومع انتهاء ولاية عون في 31 تشرين الأول 2022، دخل لبنان رابع حالة شغور، صار عمره عامًا ونصف العام تقريبًا، أفضى إلى تشكيل لجنة خماسية حول لبنان (مؤلفة من فرنسا وأميركا ومصر وقطر والسعودية)، ما زالت مهمتها الرئاسية متعثرة.  
 
أما اليوم، وبعد انعقاد 12 جلسة برلمانية، انتهت عند معادلة تعطيلية محورها مرشح ثنائي حزب الله وحركة أمل، سليمان فرجية، عُلق الاستحقاق الرئاسي إلى أجل غير مسمى.  
 
في حين، يزداد المشهد الرئاسي تعقيدًا منذ اندلاع الجبهة الجنوبية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلية، حتى صار هذا الاستحقاق هامشيًا، في بلد يقوم تاريخه الرئاسي على الحروب. 
 
 
المصدر: المدن