كُتّاب الموقع
"طلائع حماس- لبنان" تنكأ جراح الذاكرة المسيحية: إدانة جماعية

دنيز عطالله

الأربعاء 6 كانون لأول 2023

بدا لكثير من اللبنانيين، عند سماعهم حركة حماس تعلن عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" في لبنان، وكأن التاريخ يسخر منهم ويكرر نفسه "كمأساة ومهزلة" في آن.
إلاّ أن ظروف كانون الأول 2023 تختلف كثيراً عن ذاك التشرين الثاني من العام 1969 يوم تم توقيع اتفاق القاهرة، وكان ما كان من استباحة الجنوب الذي تحول، لأكثر من عقد، لـ"فتح لاند"، وساهم، إضافة إلى عوامل متداخلة، في تحويل لبنان إلى "نو مانز لاند "(No man's land) أو الأرض القاحلة.
 
اليوم، لا حماسة لـ"حماس لاند" في معظم الأوساط اللبنانية، ولا تغطية سياسية لأي عمل عسكري فلسطيني من الأراضي اللبنانية. يمكن تلمس ذلك لدى جميع الأحزاب الوازنة والقوى السياسية والطائفية اللبنانية.
 
ومع ذلك، تبدو "الحساسية المسيحية" أعلى في هذا السياق. فالأوساط المسيحية، على اختلاف توجهاتها الحزبية، لا تستسيغ "إسناد" حزب الله لحماس، فكيف باستعادة استباحة حرية العمل العسكري لمجموعات فلسطينية على أرض الجنوب؟
 
قد يعكس موقف النائب نعمت افرام، وهو الماروني من كسروان، المستقل، وصاحب "الحس الإنساني المسيحي" المزاج العام في هذه البيئة. 
 
افرام: تعلمنا درسنا
 
 
يقول افرام لـ"المدن" إن هذا "الإعلان خطير ومرفوض بالكامل من اللبنانيين. وهو يذكّر الجميع بأيام سوداء، كان الشعب اللبناني خلالها، بنيّة طيّبة وبإقدام كبير، يساعد القضيّة الفلسطينيّة ويساندها، فكان أن انقلبت الأمور واستغلّت الأوضاع، وكاد أن يتحوّل لبنان وطناً بديلاً للفلسطينيين. هذا ما لا نقبله اليوم، ونرفض أن يتحوّل تعاطف اللبنانيين مع قضيّة حقّ، إلى ربط بلدهم بالصراع الدائر وإلى خطر استدراج وطننا إلى فخّ الحرب". يضيف افرام "إن لبنان ساهم وساند ودعم القضيّة الفلسطينيّة كما لم يفعل أحد، سابقاً وحاضراً. وهو اليوم أيضاً يدفع ضريبة الدم والشهادة في هذا السبيل. الآن، الواجب يدعو بأن نتحلّى كلبنانيين وكلّ الأفرقاء بالوعي الكافي لنطلق صرخة واحدة وجامعة، قائلين إننا تعلمنا من التاريخ دروساً قاسية، والذاكرة مثقلة بالآلام والتعدّيات والتجاوزات، إضافة الى خطر استدراج لبنان إلى فخّ الحرب، ولا نريد أن نعود إلى الوراء مرة ثانية".
 
الجيش والذاكرة المثقلة
 
 
يربط افرام بين إعلان حماس وما يتم تداوله حول الجيش. يقول "يلفتني تزامن هذا الموضوع مع الأزمة المتعلقة بقيادة الجيش. جيشنا الوطني المفترض به أن يكون هو الراعي والضامن للوجود الفلسطينيّ في لبنان والضابط لأي انفلات والحافظ للسيادة الوطنية، يتعرّض اليوم لنيّة زعزعة في قيادته وتشتيت مهامه، في وقت تطرح علامات استفهام حول التوسّع في الحركة الفلسطينيّة. إننا من ناحية نرفض إعلان حركة حماس فرع لبنان تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" في بلدنا، وندعم ثبات المؤسّسة العسكريّة الوطنيّة في قيادتها ومهامها".
 
الربط بين "استهداف الجيش وقيادته" وإعلان حماس عن إطلاق كتائبها، كان مثار نقاش بين "مجموعة تفكير" من الشباب الجامعي من أحزاب مسيحية معارضة.
 
استعيدت في النقاش أسوأ المشاهد و"تحييد الجيش قبل شرذمته، مما سمح بانهيار الدولة وتفككها واستباحتها". لذا كان إجماع على "خطورة وإدانة وشجب" إعلان حماس ووضعه "في سياق خط ممنهج لتدمير كل مقومات الدولة".
التقوا على ما قاله رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل:"طلائع الأقصى في فلسطين وليس في لبنان ولا من لبنان. لن نعود إلى زمن ولى".
 
القوات: القرار عند حزب الله
 
 
يعتبر حزب القوات اللبنانية أن "إدانة بيان حماس-فرع لبنان ورفضه أمر بديهي، لكن الحقيقة أن هذا بيان لحزب الله بتوقيع حماس". ويقول مصدر حزبي مسؤول لـ"المدن" في الجنوب "لا تسقط شعرة ولا صاروخ إلا بعلم حزب الله". ويذهب أبعد في التحليل قائلاً "قد نفهم اليوم سبب اندلاع الاشتباكات في المخيمات الفلسطينية ومحاولة حماس وضع اليد عليها، أي بمعنى آخر وضع يد حزب الله". ولا يخفي المصدر اعتقاده أن "من أهداف هذا الإعلان تضليل الراي العام وإعادة التركيز على السلاح الفلسطيني لتناسي سلاح حزب الله".
 
في المحصّلة، ترفض القوات "أن يجرنا حزب الله إلى ملعبه بحرف الأنظارعن أخذ البلد رهينة، تماما كقرار الحرب، من دون أن يكون للدولة، كما لسائر اللبنانيين، أي رأي في الموضوع".
 
الكتائب: لنشر الجيش جنوباً
 
 
من جهته، حمّل المكتب السياسي لحزب الكتائب الذي اجتمع بعد ظهر اليوم "الحكومة بما تمثله من بقايا سلطة، مسؤولية عدم القيام بأدنى واجباتها للوقوف في وجه تشريع أبواب لبنان أمام رياح هو أعجز ما يكون عن مواجهتها، في ظل أوضاعه المعروفة". وجدّد التأكيد على "ضرورة اتخاذ قرار سياسي واضح وصريح لنشر الجيش اللبناني والقوى الأمنية على كامل الحدود ليكونوا الضامن الوحيد للسلام".
 
ودعا حزب الكتائب "المجتمع الدولي، الذي يقود عبر موفديه وسفرائه مساعٍ حثيثة لمنع توريط لبنان في أي مواجهات، إلى التدخل السريع وبذل كل الجهود اللازمة لوقف هذا التطاول على البلد وسيادته، والمحاولات المستمرة لجره إلى لعبة الساحات والمحاور". مشدداً على "ضرورة التشبث بتطبيق القرارات الدولية 1559، 1680 وعلى رأسها الـ1701".
 
باسيل: لسنا ورقة مساومة
 
 
من جهته، رفض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل "إعلان حركة حماس في لبنان تأسيس طلائع طوفان الأقصى ودعوتها الشّباب الفلسطيني إلى الالتحاق بها". وقد غرّد معتبراً أن "أي عمل مسلح انطلاقاً من الأراضي اللبنانية هو اعتداء على السيادة الوطنية". مذكّراً بما اتفق عليه اللبنانيون منذ العام 1990 في الطائف بوجوب سحب السلاح من الفلسطينيين في المخيمات وخارجها، وبما أجمعوا عليه من إلغاء اتفاقية القاهرة". 
 
أضاف باسيل" لبنان صاحب حق يقوى "بمقاومته الوطنية" لاسرائيل دفاعاً عن نفسه، ويضعف بإقامة حماس لاند في الجنوب من جديد للهجوم على إسرائيل من أراضيه. يجب أن يكون التاريخ قد علّمنا كيف لا نتحوّل لورقة مساومة في زمن الحروب، عندما نستطيع أن نفرض شروطنا على الطاولة في زمن المفاوضات".
 
 
 
المصدر: المدن