كُتّاب الموقع
تداعيات "طوفان الأقصى" على صورة واشنطن أكبر من تل أبيب

ماهر الخطيب

الجمعة 20 تشرين الأول 2023

منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، طُرحت الأسئلة حول التداعيات المحتملة على صورة إسرائيل في المستقبل، لا سيما أنها تقوم في الأساس على فكرة تأمين مكان آمن لمواطنيها، بينما هذه العملية أثبتت أنها، بكل قدراتها العسكرية والإستخباراتية، لم تعد قادرة على توفير ذلك لهم.
 
إنطلاقاً من هذه الصورة، رُسمت السيناريوهات حول ما يمكن أن تقوم به من خطوات، لاستعادة هذه الصورة أو فرض معادلة ردع مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، خصوصاً بعد أن حصلت على الغطاء الدولي اللازم من قبل غالبية القوى الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة.
 
تاريخياً، كانت أميركا من أبرز داعمي إسرائيل، ما يعني، من وجهة نظر الكثيرين، أن المواقف التي عبرت عنها إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ليست بالأمر المستغرب، بل على العكس تأتي من ضمن سياق عام، لا سيما أنه سيكون، في الأشهر القليلة المقبلة، على موعد مع الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، إلا أن لدى مصادر متابعة قراءة مختلفة، تنبع من أن تداعيات ما حصل خلال "طوفان الأقصى" على صورتها، أكبر من تلك التي على صورة تل أبيب.
 
في هذا السياق، تشير هذه المصادر إلى أن واشنطن سعت، في السنوات الماضية، إلى ترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، من أجل التفرغ إلى المواجهة التي تخوضها مع كل من الصين وروسيا، من خلال الدفع بعجلة التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، على قاعدة أن هذا الأمر سيساهم في توفير تل أبيب الحماية لتلك الدول، التي تعيش "هاجس" القلق من الدور الإيراني، لكنها اليوم وجدت نفسها مضطرة إلى العودة بنفسها إلى المنطقة.
 
وتوضح المصادر أنه لم يكن تفصيلاً أن تشاهد الولايات المتحدة، في الأشهر الماضية، كيف نجحت الصين في رعاية مصالحة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، في حين كانت روسيا قد عادت إلى المنطقة بقوة، عندما قررت الدخول المباشر في الحرب السورية، ما يعني أنه بات لدى حلفائها التقليديين خيارات أخرى من الممكن لهم الإعتماد عليها، لكنها كانت تظن أن التطبيع سيبقى هو الخيار الأفضل، ما دفعها، في الآونة الماضية، إلى تحريك المسار السعودي الإسرائيلي.
 
العودة إلى هذا المشهد مفيدة لفهم ما يحصل في الوقت الراهن، خصوصاً بالنسبة إلى الدور الأميركي في الحرب الحالية، بالإضافة إلى أهمية "إنتصار" إسرائيل فيها لها في المستقبل.
 
من وجهة نظر المصادر المتابعة، إنتصار "حماس" سيكون بمثابة رسالة إلى كل حلفاء أميركا بأنها غير قادرة على حمايتكم، وبالتالي عليكم البحث عن خيارات أخرى للحفاظ على أمنكم القومي، كما سيمثل ضربة قاسية لمعادلة أن إسرائيل قادرة على تولي المهمة، من خلال الإتفاقات التي تعقد معها، نظراً إلى أنها فشلت عسكرياً في حماية نفسها من حركة تعيش في حصار، منذ العام 2006، كما فشلت إستخباراتياً في توقع ما ينتظرها.
 
بالنسبة إلى هذه المصادر، فان المستفيد الأكبر من ذلك سيكون الصين وروسيا وإيران، أما حلفاء واشنطن سيعززون من خطوات التقارب مع بكين وموسكو، التي كانت في الأصل قد برزت في السنوات الماضية نتيجة الخلافات مع واشنطن، كما أنهم، على الأرجح، سيجدون أن من مصلحتهم الذهاب إلى تفاهمات مع طهران، بدل الإستمرار في الصراعات القائمة منذ عقود، والتي لعبت الولايات المتحدة دوراً أساسياً في إشعال معظمها.
 
إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر نفسها ضرورة قراءة الدور الأميركي في الحرب الدائرة، حيث السؤال الأساسي يبقى حول قدرة واشنطن على تحمل الوصول إلى هكذا واقع في وقت قريب، أيّ خسارة إستراتيجية من العيار الثقيل في المواجهة الأشمل مع النفوذين الروسي والصيني على مستوى العالم، الأمر الذي من المفترض أن يُقاس مع قدرتها على تحمل كلفة الحرب، وفق الأهداف التي يذهب المسؤولون الإسرائيليون إلى الإعلان عنها.
 
بناء على ما تقدم، من الممكن فهم بعض المواقف التي عبر عنها الرئيس الأميركي، خلال زيارته إلى تل أبيب، التي بدأت من دعوة المسؤولين الإسرائيليين إلى إختيار أهداف قابلة للتحقق، ولم تنتهِ عند نفيه أن تكون بلاده قد أبدت إستعدادها لدخول الحرب في حال دخلها "حزب الله"، من دون تجاهل المخاوف التي لدى بعض الدول العربيّة من تداعيات ما قد تقدم عليه تل أبيب.
 
 
المصدر: النشرة