كُتّاب الموقع
خارطة جديدة حمراء للشرق الأوسط خاصة باللاجئين الفلسطينيين

العرب اللندنية

الخميس 19 تشرين الأول 2023

كشفت تصريحات شديدة اللهجة وفي شكل صرخة على لسان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، يرفض فيها استقبال الأردن ومصر للاجئين فلسطينيين جدد، عن وجود خطة ما لتهجير أعداد جديدة من الفلسطينيين وتوزيعهم على مصر والأردن، ما يفضي إلى خارطة جديدة حمراء للشرق الأوسط خاصة باللاجئين الفلسطينيين.
 
ورغم اللاءات المصرية والأردنية تضغط إسرائيل على مئات الآلاف من سكان غزة للاتجاه جنوبا نحو الحدود مع مصر، ما تسبب في حالة اكتظاظ قصوى وبروز مخاوف أمنية في ظل استمرار القصف وزيادة أعداد الضحايا، بالتزامن مع الحصار المضروب على الغذاء والماء والكهرباء والدواء. وكل هذه العناصر قد تدفع إلى نزوح جماعي نحو مصر، وتوفر فرصة لتنفيذ خطة إسرائيلية تقوم على توطين الفلسطينيين في سيناء.
 
وبالرغم من أن المؤشرات توحي بأن مصر ستكون قبلة لأي تهجير فلسطيني جديد، إلا أن العاهل الأردني يستبق أي فرضية يمكن أن تدفع بأعداد جديدة من الفلسطينيين إلى بلاده بتأكيد أن الأردن ليس مستعدا لاستقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين.
 
وفي بيان للديوان الملكي أكد الملك عبدالله الثاني أنه “لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن ولا في مصر جراء الحرب على غزة، وهذا خط أحمر”.
 
وبيّن أن ذلك “توجه من عدد من الجهات لخلق واقع جديد على الأرض”، دون أن يحدد الجهات، مشيرا إلى أنه “يتحدث بقوة ليس فقط باسم الأردن ولكن أيضا عن الأشقاء في مصر”.
 
وتابع العاهل الأردني خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز بالعاصمة برلين “خطر توسع الحرب حقيقي وستكون عواقب ذلك وخيمة على الجميع”، واعتبر أن “الطريق إلى الأمام يتطلب حلولا سياسية وليس أمنية فقط”.
 
وفي تطور لاحق نبه الملك عبدالله الثاني بعد اجتماع بقيادة الجيش إلى أن الأردن سيحمي حدوده وسيدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه بكل إمكانياته، وقال “لن نسمح بموجات لجوء جديدة”.
 
ويعتقد متابعون أن تصريحات العاهل الأردني موجهة بالأساس إلى الولايات المتحدة تحسبا لأي عرض يمكن أن يحمله الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء جولته في المنطقة، والتي تبدأ بإسرائيل وتنتهي بقمة رباعية في الأردن يحضرها بالإضافة إلى بايدن والملك عبدالله الثاني كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس.
 
ولا يُعرف ما إذا كان الرئيس الأميركي سيحمل معه مبادرة تخص نقل اللاجئين إلى دول الجوار الفلسطيني، أم سيعمل على تحصيل الدعم لفكرة إقامة مخيمات فلسطينية على الحدود مع مصر، أم ينوي الاكتفاء بالحصول على موقف سياسي قوي لإدانة حماس وتحميلها مسؤولية ما يجري من استهداف إسرائيلي لغزة.
 
وتبدو الولايات المتحدة في مزاج منحاز انحيازا كاملا إلى إسرائيل، ما قد يدفعها إلى تبني أكثر الأفكار والخطط الإسرائيلية تشددا، مثل طرد الفلسطينيين إلى دول الجوار وإعادة احتلال غزة بهدف تفكيك حماس والقضاء على أي شكل من أشكال المقاومة المهددة لأمن إسرائيل القومي.
 
ويعاني الأردن من أعباء اللاجئين، وخاصة غداة دخول مئات الآلاف من السوريين إلى أراضيه بسبب الحرب الأهلية في سوريا، ويشكو من محدودية الدعم الدولي ويحذر من أنه قد يصبح عاجزا عن الإيفاء بتقديم الخدمات الضرورية لهم.
 
ويوجد في الأردن نحو 1.3 مليون سوري، نصفهم تقريبا مسجلون بصفة “لاجئ” في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم يقيمون في البلاد منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين.
 
وفي عام 1948 هاجر وشُرّد نحو 800 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم من أصل 1.4 مليون شخص كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية في ذلك العام.
 
وفي أعقاب حرب عام 1967 فقدت المملكة سيطرتها على الضفة الغربية، ونزح إلى الضفة الشرقية حوالي 380 ألف فلسطيني من الضفة الغربية (منهم 240 ألفا من لاجئي عام 1948) و40 ألفا من سكان قطاع غزة.
 
ويرى المراقبون أن سكان القطاع سيجدون أنفسهم أقرب إلى مصر، وإذا خُيّروا بين التوطين في سيناء أو في مكان آخر فسيقبلون البقاء في مصر لوجود مشتركات كثيرة ومصاهرات، خاصة أن اللاجئين الفلسطينيين في دول عربية أخرى مثل لبنان يعيشون أوضاعا صعبة جدا، حيث رفض المجتمع اللبناني استيعابهم واستبعدهم من التمتع بمعظم الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية.
 
كما أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا صعبة أمنيا واقتصاديا بسبب ما حف بالحرب الأهلية من تطورات ومواقف من الفصائل الفلسطينية. وسعت مصر إلى إغلاق الباب في وجه السيناريو الإسرائيلي لتوطين الفلسطينيين بسيناء. وشدد الرئيس المصري على أن أمن مصر القومي مسؤوليته الأولى.
 
وقال “لا تهاون أو تفريط في أمن مصر القومي تحت أي ظرف، وإن الشعب المصري يجب أن يكون واعيا بتعقيدات الموقف ومدركا لحجم التهديد”.
 
وتحدثت مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى عن أن “هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية من أصحاب الأرض وسكانها وإجبارهم على تركها بتخييرهم بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم”. وحذرت المصادر في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية من “المخاطر المحيطة بتداعيات الأزمة الراهنة على ثوابت القضية الفلسطينية وعلى الحق الفلسطيني”.
 
وأشارت إلى وجود أطراف وقوى تخدم مخطط الاحتلال وتمهد له بتقديم مبررات الأمر الواقع لتزكية أطروحات فاسدة تاريخيا وسياسيا، سعى الاحتلال إلى طرحها على مدى الصراع العربي – الإسرائيلي وتقضي بتوطين أهالي غزة في سيناء، وهو ما تصدت له مصر وسوف تتصدى له، ورفضه الإجماع الشعبي الفلسطيني المتمسك بحقه وأرضه وأعلنته مقررات الجامعة العربية في سياقات مختلفة.