كُتّاب الموقع
الجبهة الجنوبية... رسائل متبادلة "تحت السقف" حتى الآن

ماهر الخطيب

الجمعة 13 تشرين الأول 2023

منذ إنطلاق عملية "طوفان الأقصى"، التي بدأت بها حركة "حماس" السبت الماضي، طُرحت الكثير من الأسئلة حول إمكانية إنتقال المواجهة القائمة في ​فلسطين​ إلى الحدود اللبنانية، لا سيّما أن حجم الضربة الّتي تعرّضت لها تل أبيب ليس من السهل عليها تجاوزها، وبالتالي المرجّح هو أن تذهب إلى توجيه ضربة كبيرة لـ"حماس" في ​قطاع غزة​.
 
في الأيام الماضية، عمدت اسرائيل إلى الإكتفاء بالضربات الجوية الوحشيّة، في الوقت الذي كانت تعمل فيه على تأمين أكبر حشد دولي مؤيّد لها، وهو ما ترجم من خلال المواقف التي صدرت عن العديد من الدول الغربيّة، في إطار منحها الضوء الأخضر للقيام بما تريد لما تزعم أنه للدفاع عن نفسها.
 
في المقابل، كان من الواضح أنّ حلفاء "حماس" يدركون أنها ستكون أمام مواجهة صعبة، في الأيّام المقبلة، نظراً إلى أنّ تل أبيب ستسعى للقيام بضربة تعيد لها هيبتها، في ظلّ الأعداد الضخمة من القتلى والجرحى والأسرى، وهو ما دفعهم إلى رسم مجموعة من الخطوط الحمراء، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
 
في هذا الإطار، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الجبهة الجنوبيّة كانت أبرز مسرح لتوجيه الرسائل العسكريّة، بعد أن سعت العديد من الجهات الدولية إلى توجيه تحذيرات إلى الجانب اللبناني من دخول "​حزب الله​" على خط المواجهة، حيث كانت البداية من خلال العمليّة التي نفذها الحزب على مواقع عسكرية ​إسرائيل​يّة تقع ضمن ​مزارع شبعا​، قبل أن تظهر تحركات "حركة الجهاد الإسلامي"، ثم حركة "حماس".
 
وفي حين تلفت هذه المصادر إلى أن العمليات التي قام بها الفصيلين الفلسطينيين هي الأولى من نوعها بعد التحرير في العام 2000، خصوصاً لناحية التبنّي الرسمي لها، وتوضح أن الأمر لم يخرج عن الإطار المتوقّع، أيّ أنها لا تزال "تحت السقف"، وهي كانت بمثابة رسالة إلى الجانب الإسرائيلي بأنّه لا يستطيع الإستفراد بساحة غزّة، للذهاب إلى المعركة كبيرة بعنوان القضاء على فصائل المقاومة فيها، بالرغم من بروز بعض الأصوات المعارضة لهذا الأمر في الداخل اللبناني.
 
هذا التطور، سيكون موضوع متابعة من قبل الجهات الرسميّة اللبنانيّة، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، لا سيما أن بيروت كانت في الأصل قد اطلقت مجموعة من التحذيرات من فتح الجبهة الجنوبية، خصوصاً أن تل أبيب تحظى بغطاء دولي واسع في المرحلة الراهنة، على عكس ما كانت عليه الأمور في المواجهات الماضية، وهو ما يعود إلى حجم الخسائر التي تعرضت لها.
 
على هذا الصعيد، تحاول الجهات الفلسطينية المعنية التهرب من السؤال حول أسباب ما يحصل، واضعة الأمر في إطار أن "المقاومة تخوض المعركة عن الأمة"، الأمر الذي لا يقنع العديد من الأفرقاء اللبنانيين، الذين يحذرون من تكرار ما كان يحصل في السنوات الماضية، بينما على مستوى "حزب الله" فإنّ الجواب المتكرر يكمن بأنه ليس "حرساً للحدود".
 
في الجهة المقابلة، تلفت المصادر المتابعة إلى أنّ تل أبيب هي أيضاً سعت إلى توجيه رسائل واضحة من خلال هذه الجبهة، فهي عمدت إلى الردّ على الخرق الأوّل من خلال إستهداف عناصر من "حزب الله"، في مؤشّر إلى أنها تحمّله مسؤوليّة أيّ عمل ينطلق من الحدود الجنوبيّة، بينما في الماضي لم تكن تتعامل بهذا الشكل مع الأعمال التي لا يتم تبنيها من قبله بشكل رسمي، رغم إدراكها أنّ الحزب لن يتردّد في الردّ على ذلك.
 
في قراءة هذه المصادر، ما قامت به إسرائيل على هذه الجبهة يتعلّق برغبتها في تفادي الذهاب إلى مواجهة كبرى، لا سيما أنّها لا تملك قدرة القتال على أكثر من جبهة في الوقت نفسه، لذلك سعت على المستوى السياسي إلى نقل تهديدات إلى الجانب اللبناني، أما على المستوى العسكري فهي تظن أن ما قامت به قد يقود إلى ردع الحزب عن التدخل، وهي تراهن على الضغوط التي من الممكن أن تمارس من الجانبين الأميركي والفرنسي.
 
في المحصّلة، تؤكّد المصادر نفسها أنّ كل ما يحصل لا يزال ضمن الحدود التي لا تقود إلى إشعال الجبهة الجنوبيّة، رغم تشديدها على أن الأمور ستبقى مرهونة بتطورات الأوضاع الميدانيّة في قطاع غزة في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن المواجهة الحالية، في ظلّ الخسائر التي تعرّضت لها تل أبيب إلى جانب الرسائل السياسية التي توجهها، لا يمكن التكهّن بالمدى الذي قد تصل إليه.
 
 
المصدر: النشرة