كُتّاب الموقع
الأمين منصور عازار قدوةٌ حاضرة رغم الغياب

سركيس أبوزيد

الخميس 1 حزيران 2017

يمر عيد ميلاد الأمين منصور عازار وهو غائب عنا للسنة الثالثة. رغم تخلفه عن الموعد ما زال حاضراً معنا لما تركه من تأثير وقدوة وذكرى طيبة لا تنسى.


 تعلمت منه أولاً حسن إدارة الوقت فهو معادي للهدر وقتل الزمن من دون إنتاج وعطاء. الوقت ثروة يجب الاستفادة منها من دون هدر أو استهلاك مجاني بالنسبة إليه. كل دقيقة مفيدة يجب استثمارها وتوظيفها من أجل العمل والانتاج وخدمة القضية. وكان يحتسب الوقت الذي عاشه انطوان سعاده رغم الاغتراب والملاحقات والنضال ليستنتج بأن الزعيم استغل وقته على أحسن وجه والدليل الكم الهائل من الكتابات والرسائل.


تعلمت منه ثانياً تجاوز الأنانية والفردية لأنه يقتدي بالمعلم الذي يقول:"إن الأفراد هم مجرد إمكانية في المجتمع". لذلك لم يكن يهتم بعيد ميلاده ولابالملذات الفردية ولا بالتسلية غير المفيدة، وكل الطاقات يجب أن تُحشد لقضية تساوي وجوده.


عاش حياته وهو ينسجم مع نفسه، سلوكه وأهدافه تتطابق مع معتقده فهو شفاف وواضح ولا يحب الازدواجية، يؤمن بفصل الدين عن الدولة وبالعلمانية سلوكاً ونهجاً، فكوَّن عائلته على صورة أفكاره، عائلة عابرة للطوائف والمذاهب، فتجد في أسرته الصغيرة وفي أسرته الكبيرة التنوع الطائفي والمذهبي. ويُعاشر الفقير والغني فلا فواصل طبقية ولا مظاهر خداعة، فهو يحب أن يصرف المال على الثقافة والانتاج والقليل منه على البذخ والترف والمظاهر التي لم تكن تعنيه أو يهتم بها، فهو صرف جزءاً من حياته في الأعمال التجارية لكن هاجسه دائماً هو أن يعمل ويشجع الأعمال الثقافية والفكرية لذلك أسس مكتب الدراسات العلمية بالتوازي مع بناء المعمل والمتجر والمصرف لأن الفكر يبقى ويدوم بالوعي بينما الانتاج المادي قيمته بأن يُسّخر من أجل النهضة والعمران والانتاج الفكري.


رغم غيابه عنا ما زلنا نستنير بتجربته بما فيها من مشقة وعناء وعناد وعطاء، وبناء على وصيته نتابع مسيرته من خلال مؤسسة الدراسات العلمية التي أصبح لها ترخيص رسمي كجمعية تهتم بنشر الثقافة العلمية والعلمانية عبر الانفتاح والحوار،  والإقرار بحق الاختلاف والتنوع، والعمل على ترسيخ فكرة المواطنة وتقبل الآخر والاعتراف به. بالإضافة إلى دعم وتبني كل ما من شأنه تقدم الثقافة البيئية والمحافظة على الآثار والتراث ودراسة قضايا لبنان والمشرق والاغتراب عن طريق تنظيم مؤتمرات وندوات وورش عمل ميدانية تطبيقية. بالإضافة إلى المساواة بين الرجل والمرأة، ودعم حقوق الإنسان والعمل على نهضة المجتمع وتطوره.


ومن أولى إنجازاتها موقع الكتروني بإسم "مؤسسة الدراسات العلمية"، يهتم بقضايا الاغتراب اللبناني والعلمانية وبالحوار الفكري الحر والثقافة بمختلف مجالاتها، كما تنظم المؤسسة ندوات وأنشطة ثقافية تُلقي الضوء على مختلف القضايا المعاصرة والتي تهتم بعالمنا العربي عامة والمشرقي خاصة، كما يحتوي الموقع على مقالات في مختلف القضايا التي تناولها المؤسس منصور عازار. كما يتم التحضير لبرنامج عمل يحقق الأهداف التي كان يؤمن بها من خلال الثقافة والنهضة والاغتراب.


الرجال الكبار لا يموتون بل يستمروا بالأعمال الخيرةروالقدوة التي يتركونها ذكرى طيبة بعد غيابهم.


الأمين منصور عازار ما زال حاضراً بمؤسسته ونهجه وقدوته ونحن نستنير ونستمر.