كُتّاب الموقع
إدعى زعيمها أنه المهدي والمسيح ... من هي الطائفة الأحمدية؟

عبد الله بن عمارة

الأربعاء 13 حزيران 2018

قبل حوالي سنتين من الآن، لم يكن أحد من الجزائريين، من غير المُختصِّين، يعرف شيئاً عن الطائفة الأحمدية القاديانية. فالأخبار التي كانت تتناقلها وسائل الاعلام المحلية، عن تفكيك شبكات هذه الجماعة وتوقيف الناشطين فيها، إلى غاية اعتقال أميرها في بداية السنة الماضية، كانت تثير الكثير من الحيرة والتساؤل عن أفكارها وأهدافها في الجزائر. فمن هي هذه الطائفة؟

الأحمدية القاديانية :"ميرزا غلام" آخر الأنبياء ... والاستعمار الانجليزي واجب الطاعة


في أواخر القرن التاسع عشر أسّس ميرزا غلام أحمد الطائفة الأحمدية القاديانية، نسبة إلى "قاديان" إحدى قرى مقاطعة البنجاب الهندية آنذاك، والتي كانت ترزح تحت نير الاستعمار الانجليزي. إدّعى أنه "الإمام المهدي والمسيح الموعود" وأنّه يُوحى اليه ليُجَدِّد أمر الدين، فهو آخر الأنبياء (أما محمد فهو خاتمهم).

تميّز غلام أحمد بموقفه المهادن بل والمؤيد لبقاء الاستعمار الانجليزي، وظل يقود أتباعه إلى وفاته سنة 1908 ليخلفه في قيادته، زعماء آخرون وصولاً إلى الزعيم الحالي "ميرزا مسرور أحمد" الذي يستقر في لندن حيث يقود النشاطات التبشيرية لجماعته في العالم.

عقائد الطائفة لم تلق قبولاً منذ عقودٍ مضت عند أغلب المؤسسات الفقهية في العالم الاسلامي على اختلاف مشاربها العقدية والمذهبية. وأجمعت على تناقضها مع أصول الاسلام التي يُجْمِعُ عليها كل المسلمين (خاتمية النًبًوَّة أهمها).

الأحمدية القاديانية في الجزائر

لم يُعرف عن هذه الطائفة تواجد في الجزائر إلا في السنوات الثلاث الماضية على الرغم من ادِّعاء زعيمها المعتقل في 2017 عن بداية انتشار أفكارها في سنة 2007، بسبب حجم الدعاية الاعلامية والتمويل الكبير لمؤسساتها التبشيرية.

بعيداً عن العدد الذي تحدثت عنه أوساطهم وهو خمسة آلاف منتسب، فإنّه لا أحد باستطاعته تقديم العدد الحقيقي لأتباعها في الجزائر. لكن تفكيك شبكاتها واعتقال عدد من أعضائها بمن فيهم أميرها وتقديمهم للعدالة، قد جعل السلطات تتحدث بثقة عن نهاية وجود هذه الطائفة في البلاد كما صرّح وزير الشؤون الدينية محمد عيسى في شهر نيسان/أبريل الماضي.

بأيِّ مقاربةٍ تعاملت السلطات الجزائرية مع الطائفة؟

تعاملت السلطات الرسمية مع شبكات الطائفة التي انتشرت في مناطق مختلفة من البلاد كخطر على وحدة وأمن المجتمع، من خلال مقاربتين الأولى أمنية صارمة فرضتها الظروف الاقليمية والعالمية الضاغطة على الجزائر، والتي تَصُبُّ في دائرة مشاريع استهدافها منذ ما يُسمّى بــ "الربيع العربي" (نظراً لمواقفها السياسية المتمايزة والمستقلة في سوريا وليبيا واليمن).

كشفت السلطات عن تقارير تُؤكّد تورط شبكات الطائفة مع قوى وجمعيات أخرى، في مُخطّطات لإقحام البلاد في موجة "الربيع العربي". ولا يخفى مدى استغلال القوى الغربية الكبرى من خلال المنظمات الدولية والاعلام الغربي وبعض العربي لمثل هذه التحركات ولشعارات حقوق الانسان وحماية الأقليّات والحريات الدينية... الخ وتحويلها إلى ذرائع من أجل خلق أجواء تهويلية تضغط بها على الدول التي لا تجري في فلكها، خصوصاً أن الامر يتعلق بجماعة ذات علاقات تمويلية وإعلامية وسياسية بجهات أجنبية وبمواقف غامضة ومشبوهة من (إسرائيل).

أما المقاربة الثانية فهي إعلامية وثقافية/أكاديمية ودينية تُبْرِز من جهة وجه التناقض الرئيسي الذي تمثله جماعة لم تر في الاستعمار خطرا على المجتمع الذي انطلقت منه دعوتها، (بل تعاملت معه كوليّ أمر واجب الطاعة) مع دولةٍ وطنيةٍ خرجت بالنهاية من رحم ثورةٍ تحريريّةٍ عنيفة ضد استعمار استيطاني (بكلفة بشرية ثقيلة، مليون ونصف مليون من الشهداء) بالإضافة إلى مواقفها المُلتبسة من استعمارٍ استيطاني من ذات الشاكلة في فلسطين (زيادة على علاقاتها الوثيقة بالحكومة البريطانية).

ومن جهة أخرى خطورة اختراق النسيج الاجتماعي الجزائري وتهديد الوحدة الوطنية والمرجعية الدينية للبلاد من خلال خلق "بُؤرٍ أقلّوية" يتم استثمارها لاحقاً من قبل القوى المعادية من أجل تهديد الجبهة الداخلية (هناك سوابق ملموسة يمكن التذكير بها في هذا الشأن، فالسلطات الأمنية الجزائرية فكّكت شبكة أمنية (إسرائيلية) عملت في منطقة غرداية التي عرفت أحداث عنف خطيرة)، في بلدٍ خرج من تجربة اقتتال داخلي قاسية دامت عشرية كاملة وأودت بحياة مئات الالاف (تُسمّى العشرية السوداء 1992 -2002) ورغم انتصاره فيها اِلّا أنّ تداعياتها باقية الى الآن. فهو يحاول بكل ما أًوتي من قوة الحفاظ على استقراره في ظل اقليمٍ مليءٍ بالتهديدات الأمنية والفوضى منذ 2011.



 


 
المصدر: الميادين
 (ان كافة الآراءَ الواردة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع)