كُتّاب الموقع
فرنسا متمسكة بخيار فرنجية للرئاسة مقابل سلام للحكومة

العرب اللندنية

الثلاثاء 18 نيسان 2023

يتطلع اللبنانيون إلى الزيارة المرتقبة التي سيؤديها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة السعودية الرياض لمناقشة عدد من ملفات بينها الملف اللبناني، آملين في اقتراب تحقيق انفراجة في الملف الرئاسي المعطل.
 
وكشفت مصادر لبنانية أن الرئيس الفرنسي سيعيد على المسؤولين السعوديين مقترحه بشأن تحقيق اختراق في الملف الرئاسي اللبناني قوامه وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا مقابل تولي نواف سلام رئاسة الحكومة، وهي صيغة رفضتها الرياض في وقت سابق.
 
ويراهن اللبنانيون على مسار السلام المحتمل في الشرق الأوسط والذي أنتجته المصالحة السعودية - الإيرانية ليشمل بيروت، مع اتجاه السعودية إلى تصفير المشاكل في المنطقة وتدعيم أسس الاستقرار فيها للتفرغ لمشاريعها الاقتصادية الطموحة.
 
وتبقى التغييرات الإقليمية، ولاسيما على الخط السعودي - الإيراني - السوري، الأبرز في المشهد، والتي يعوّل عليها المسؤولون في لبنان لتنعكس إيجاباً على مستوى الرئاسة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الاجتماعات الدولية العربية التي تبحث الملف اللبناني، وينتظر أن تحدث خرقاً ما.
 
ويقول النائب اللبناني سجيع عطية إن “الحديث عن إيصال سليمان فرنجية مقابل نواف سلام كطرح فرنسي يصب في إطار إحداث نوع من الضمانة لمن لديه هواجس ترتبط بفرنجية والعكس، وفرنجية لا مشكلة لديه بذلك، لكن رئاسة الحكومة ليست مضمونة، خصوصاً أنها تخضع لاستشارات نيابية”.
 
ويضيف عطية “التطورات على الخط السعودي - السوري - الإيراني ستنعكس على لبنان بطريقة ما، ولاسيما أن حزب الله موجود ضمن المشهد الإقليمي، في ظل هواجس سعودية بتدخلاته، خصوصاً في اليمن”.
 
وتابع “هذه المستجدات قد تنعكس إيجاباً على لبنان وفي حال بقي الفيتو السعودي على فرنجية، فيجب البحث عن خيار ثانٍ”.
 
وفرنسا هي أكثر المنخرطين رئاسياً بمبادرة غير معلنة رسمياً، تقوم على دعم فرنجية للرئاسة مقابل وصول سلام إلى رئاسة الحكومة لإرضاء مختلف القوى اللبنانية، لكن طرح باريس لم يلق بعد ترحيباً سعودياً، وفق ما يتردد سياسياً.
 
والصيغة الفرنسية التي تتضمن معادلة انتخاب فرنجية رئيساً، مقابل تولي القاضي في محكمة العدل الدولية السفير السابق نواف سلام رئاسة الحكومة، لم تلق قبولاً أيضا لدى القوى السياسية اللبنانية المعارضة لحزب الله وحلفائه، وسط شبه إجماع الأحزاب المسيحية على رفضها، نظراً إلى التحالف الوثيق لفرنجية مع الحزب.
 
وتنظر القوى المسيحية إلى تمسك الثنائي الشيعي (حزب الله - حركة أمل) بفرنجية كخيار وحيد على أنّه تحدٍّ لن تقبل به، إلى حد الدفع بنواب مسيحيين إلى التهديد بتعطيل جلسات مجلس النواب حال طُرح فرنجية للانتخاب.
 
ويرفض حزب القوات اللبنانية، وهو أكبر حزب مسيحي، بشكلٍ قاطع فرنجية، ويوضح رئيس دائرة إعلام الأجهزة والانتشار في حزب القوات اللبنانية ميشال الشمّاعي موقفهم بالقول إنّ فرنجية لا يحقق شروطهم كرئيس للبلاد.
 
ويضيف الشمّاعي “لسنا في خلاف معه بالقاعدة الشخصية بل مع المشروع الذي ينتمي إليه”.
 
ورغم أنّ تجارب الفراغ الرئاسي في لبنان تفتح الباب لتكرار تجربة عامي الفراغ في 2014 حتى انتخاب ميشال عون في 2016، إلا أنّ هناك متغيراً جديداً يمثّل عامل ضغط على القوى المسيحية للإسراع في انتخاب الرئيس، وهو فراغ منصب حاكمية مصرف لبنان في يوليو المقبل.
 
وبحسب قانون “النقد والتسليف” الذي يحكم عمل المصرف، يتولى النائب الأول أعمال الحاكم في حال شغور منصبه. وينتمي النائب الأول إلى الطائفة الشيعية، ما يعني خروج منصب مسيحي كبير آخر من يد المسيحيين، نظراً إلى أنّ التمديد لحاكم المصرف رياض سلامة غير واردٍ في ظل المعارضة الشديدة من التيار الوطني الحر، ومعارضة القوى المسيحية لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب لإقرار التمديد، فضلاً عما هو مثار حول سلامة من شبهات تتعلق بغسيل الأموال وغيرها من التهم.
 
ولهذا يمثّل فراغ مركز حاكم مصرف لبنان ضغطاً عاماً على القوى اللبنانية في ظل أزمة الانهيار الاقتصادي، وضغطاً على القوى المسيحية لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء، كمقدمة لازمة لملء شغور حاكمية المصرف.
 
وقدم فرنجية، مرشح حزب الله للرئاسة في لبنان، خلال زيارته إلى باريس ولقائه باتريك دوريل المستشار السياسي للرئيس الفرنسي مؤخرا، سلسلة من الضمانات التي حاول أن يوحي من خلالها بأنه يستطيع أن يقدم ما لا يستطيع آخرون تقديمه.
 
ويبدو أن هذه الضمانات لم تقنع السعودية، وهو ما عكسته مواقف الأطراف السياسية المحسوبة عليها.
 
وبحسب تقارير إعلامية لبنانية تعهد فرنجية بعدم عرقلة برنامج الحكومة الإصلاحي، وإقرار الإستراتيجية الدفاعية بالتفاهم مع حزب الله، ووقف تصدير المخدرات إلى دول الخليج، وضبط الحدود، وعدم خروج لبنان عن الإجماع العربي، فضلا عن توطيد العلاقات مع السعودية وبقاء خطوط التشاور معها مفتوحة في كل القضايا التي تهم العلاقات بين البلدين.
 
وتعود فكرة تقديم الضمانات إلى الرئيس ماكرون، باعتبارها مخرجا محتملا من الاستعصاء الراهن.
 
ولم ترفض السعودية الفكرة ووعدت بدراسة ما يمكن لفرنجية تقديمه، وذلك على سبيل تأكيد أنه لا توجد تحفظات شخصية ضده. إلا أنها أحالتها إلى “لجنة مصغرة”، في إشارة إلى أنها لا تستطيع شراء ضمانات سبق أن حصلت عليها، كما حصل عليها الرئيس ماكرون نفسه، ثم تم التنصل منها بذريعة أو بأخرى.
 
ويعتبر الفرنسيون أن المطالب السعودية ستكون قد لبيت بالالتزامات التي قدمها فرنجية. وبالتالي، لا يمكن البقاء على الموقف نفسه، فيما تعتبر جهات أخرى أن لا أحد في لبنان قادرا على توفير الضمانات، وحتى وإن قدمها وأعلن عن التزامه بها فلا يمكن تطبيقها، لا فرنجية كشخص ولا كرئيس ولا أي طرف آخر، لأن المسألة أبعد وأوسع من هذا المجال.
 
وأشارت مصادر دبلوماسية فرنسية إلى أن مسؤولاً في الإليزيه زار السعودية مؤخرا والتقى مستشار الأمن القومي مساعد العيبان والمدير العام لوزارة الخارجية السعودية، عادَ بانطباع بأن الأجواء ليست مقفلة تماماً، وأن المسؤولين السعوديين بدأوا يُبدون ليونة خلال الحديث عن الملف اللبناني.