كُتّاب الموقع
هل يكون 2023 عام الانقلابات في إفريقيا؟

عماد عنان

الخميس 5 كانون الثاني 2023

يبدو أن إفريقيا على موعد مع عام مكدس بالأحداث السياسية، فمن المقرر أن تشهد استحقاقات انتخابية في 17 دولة، متنوعة بين انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية وحزبية، في وقت تعاني فيه القارة من اضطرابات أمنية وأزمات سياسية طاحنة في بعض الدول، وكعادة القارة الإفريقية فإن مثل تلك الاستحقاقات تكون في أغلبها معارك تكسير عظام.
 
لا تسلم حتى الدول ذات الممارسات الديمقراطية الضعيفة من الانتهاكات، سواء ضد المعارضة أم بين المتنافسين داخل الحزب الواحد، الأمر يزداد تعقيدًا مع دخول الجماعات المسلحة والقبلية على خط الأزمة، هذا بخلاف وجود العسكر كلاعب أساسي في كثير من الأحيان، وهو ما يقلب الطاولة في الغالب.
 
البعض استبشر خيرًا بوضع القوى الكبرى إفريقيا على قائمة اهتماماتهم، والتنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا على خطب ودها، وطرق أبوابها تقربًا وتعاونًا وتحالفًا، لكنه تنافس برغماتي بحت مبني على اللهث خلف ثروات القارة وموقعها الإستراتيجي، إلا أن البيئة الرخوة سياسيًا وأمنيًا ربما يكون لها رأي آخر في هذه المعادلة التي لا تخلو من أجندات خارجية وحسابات إقليمية ودولية خاصة.
 
كان يفترض أن تُجرى الانتخابات في 24 دولة إفريقية خلال العام الحاليّ، حسب إحصاء المعهد الانتخابي للديمقراطية المستدامة في إفريقيا، لكن هناك دولًا تمتنع عن إجراء الانتخابات مثل مالي وغينيا، فيما عدلت دول أخرى في الدستور وأجلت مواعيد الانتخاب بها مثل مصر، وثالثة لم تحسم موقفها بعد مثل ليبيا.
 
لم تستفق القارة السمراء بعد من صدمة العام المنصرم الذي شهد وحده 4 انقلابات، اثنان منها في دولة واحدة هي بوركينا فاسو في يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2022، هذا بجانب الاضطرابات والاحتجاجات التي شهدتها العديد من المدن الإفريقية، لتستيقظ على أجواء مشابهة في العام الجديد، وسط تخوف من تكرار السيناريو ذاته.. فهل يشهد 2023 موجة انقلابات جديدة داخل القارة الإفريقية؟
 
بنين.. تهديدات القاعدة وداعش
 
 
تشهد بنين أول ماراثون انتخابي في القارة الإفريقية بالعام الجديد، ففي الثامن من الشهر الحاليّ ستنطلق الانتخابات التشريعية وسط منافسة من 15 حزبًا بعد دمجهم في إطار خطوات الإصلاح السياسي التي جرت في 2018، حيث كان هناك في البلاد أكثر من 200 حزب تم دمجهم إلى 15 فقط.
 
من المتوقع أن تشهد العملية الانتخابية معركة حامية الوطيس بين حزب "قوى كوريس من أجل بنين ناشئة" الحاكم والتكتل المعارض المكون من 6 أحزاب (الاتحاد التقدمي من أجل التجديد والكتلة الجمهورية وحركة النخب الملتزمة بتحرير بنين وحركة التحرير الشعبية والاتحاد الديمقراطي من أجل بنين الجديدة)، فيما تم استبعاد الحزب الديمقراطي وهو أكبر الأحزاب المعارضة بسبب عدم تقديم مرشحيه إقرارات الذمة المالية.
 
يتخوف البنيون من تكرار سيناريو 2019 حين شهدت آخر انتخابات تشريعية أحداث عنف دامية كانت نقطة الشرارة لتفاقم التوتر السياسي خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2021 ونجح خلالها الرئيس الحاليّ باتريس تالون في الفوز بولاية رئاسية ثانية له.
 
تعاني بنين من اضطرابات أمنية خطيرة مرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، حيث ينتشران بشكل مكثف في منطقة الساحل غرب إفريقيا، وعلى مدار سبع سنوات كاملة لم يتوقفا عن إثارة الفوضى وعدم الاستقرار، فيما كانت بنين هي أكثر الدول تضررًا في الإقليم، إذ تشير التقديرات إلى تصاعد الهجمات المسلحة التي شنها التنظيمان لأكثر من عشرة أضعاف في الفترة بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2022 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
 
المحللون ذهبوا إلى أن الوضع إذا استمر على ما هو عليه من حيث الهجمات المسلحة فإن إجراء الانتخابات في البلاد ستكون مغامرة محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي يمثل ضغطًا كبيرًا على الدولة التي يفترض أنها ضمن زمرة البلدان الديمقراطية في القارة السمراء، وعليها سيتعاظم جهدها لتوفير الأجواء المناسبة لإجراء هذا الاستحقاق.
 
نيجيريا.. تشاؤم بشأن سلمية الانتخابات
 
 
تجرى الانتخابات العامة في نيجيريا في فبراير/شباط المقبل، وتقسم إلى مرحلتين، الأولى: الانتخابات الوطنية (الرئاسية والجمعية الوطنية) وستكون في الـ25 من الشهر، الثانية: انتخابات الولاية (مجلس النواب والولايات) وستكون بعدها بأسبوعين، تحديدًا في 11 مارس/آذار.
 
يتنافس في تلك الانتخابات 12163 مرشحًا يمثلون 18 حزبًا، في 109 مناطق فيما يتعلق بانتخابات البرلمان "مجلس الشيوخ"، و360 في الانتخابات الفيدرالية و993 في برلمانات الولايات، مقارنة بـ28 لمناصب الحكام بجانب منصب الرئيس الذي تنحصر المنافسة فيه على اسمين فقط هما: مرشح حزب جميع التقدميين، بولا تينوبو، ومرشح حزب العمال، بيتر أوبي، في مواجهة نائب الرئيس الحاليّ أتيكو أبو بكر الممثل للحزب الديمقراطي الشعبي.
 
تطغى المخاوف الأمنية على المشهد السياسي النيجيري وسط حالة من اليأس من الساسة والنخبة في إجراء الانتخابات بشكل سلمي دون التعرض لتهديدات أمنية، وفق المؤشرات الأولية التي شهدتها الساحة وتنذر بأن العملية لن تكون في مأمن، وأن العنف المتصاعد سيكون له دور واضح في هذا الاستحقاق، في ظل تزايد أنشطة بوكو حرام وغيرها من الجماعات المسلحة.
 
من أبرز تلك المؤشرات السلبية ما تعرضت له التجمعات السياسية للمرشحين من استهداف ممنهج وهجمات عنف دامية، كما حدث مع المرشح الرئاسي لحزب الشعب الديمقراطي المعارض، أتيكو أبو بكر، الذي تعرض موكبه لهجوم في مدينة مايدوجوري (شمال شرق)، وهي معقل حزب المؤتمر التقدمي الحاكم، وذلك في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفي الأسبوع ذاته وفي نفس الأسبوع، تعرضت حملة مرشح حزب المؤتمر التقدمي، أحمد تينوبو، في مدينة كانو الشمالية الغربية لهجمات مشابهة.
 
خلال الشهرين الماضيين، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 تعرضت سبعة مكاتب - على الأقل - تابعة للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في خمس ولايات للتخريب على أيدي عصابات وجماعات مسلحة، فيما نقلت وكالة "الأناضول" عن المتحدث باسم اللجنة فيستوس أوكوي، قوله: "أعمال العنف قد تؤثر على الانتخابات المقبلة في حال استمرارها".
 
سيراليون.. مهددات الوضع الاقتصادي
 
 
تضرب سيراليون موعدًا مع الانتخابات العامة خلال منتصف هذا العام، حيث تشهد انتخابات رئاسية في 24 يونيو/حزيران، بجانب انتخابات تشريعية وبلدية وذلك بعد تأجيلها العام الماضي لأسباب لوجستية، وسط حالة من الترقب لما ستسفر عنه هذه الملحمة التي تأتي في ظروف اقتصادية قاسية.
 
يعتزم الرئيس الحاليّ للبلاد، جوليوس مادا بيو، الفوز بولاية رئاسية ثانية وأخيرة مدتها 5 أعوام حسب الدستور، فيما يأمل حزبه الشعبي الحاكم في الاحتفاظ بأغلبيته المعتادة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، في ظل المخاوف من تأثر المزاج العام للناخبين بالأوضاع المعيشية، ما قد ينجم عنه تصويت سلبي يُفقد الحزب الأغلبية.
 
تعاني البلاد من زيادة الغضب الشعبي بسبب التدني الاقتصادي والحالة المعيشية المتردية، ففي أغسطس/آب 2022 شهدت العاصمة "فريتاون" موجة احتجاجات وتظاهرات عارمة، حيث أغلق المتظاهرون الشوارع الرئيسية وأشعلوا النيران في إطارات السيارات، فيما نشبت مواجهات دامية أسفرت عن مقتل شرطيين، ما دفع السلطات لفرض حظر تجوال كامل في شتى المدن.
 
قبيل الانتخابات هناك حالة من الترقب في ظل استمرار الوضع الاقتصادي المتردي وسط قلق من استمرار الاحتجاجات التي يخشى أن تتحول إلى أعمال عنف، تنديدًا بفشل الحكومة في علاج الأزمة، إذ تعاني البلاد من مصاعب اقتصادية جمة،  فيما يعيش قرابة 4 ملايين مواطن يمثلون أكثر من نصف عدد السكان تحت خط الفقر، وفقًا لما ذكره البنك الدولي.
 
زيمبابوي.. شبح انتخابات 2018 يخيم على المشهد
 
 
تجرى الانتخابات الرئاسية في زيمبابوي في الفترة ما بين 27 يوليو/تموز و26 أغسطس/آب العام الحاليّ، وسط منافسة قوية بين الرئيس الحاليّ إيمرسون منانجاجوا، وزعيم المعارضة نيلسون تشاميسا الذي دشن "تحالف المواطنين من أجل التغيير" المكون من 19 عضوًا برلمانيًا وبات أكبر تكتل سياسي معارض في البلاد.
 
يُمني تحالف الحزب الحاكم (الاتحاد الوطني الإفريقي لزمبابوي – الجبهة الوطنية ZANU-PF) نفسه بفوز مرشحه واستمرار الهيمنة على المشهد الانتخابي في ظل إصرار كبير من المعارضة على تصحيح أخطاء 2018 والعمل على تغيير المشهد السياسي والاقتصادي والأمني الذي توجه له انتقادات حادة من النخبة والشارع معًا.
 
تعاني الساحة الزيمبابوية من تأزم سياسي منذ سنوات جراء الانتهاكات التي يمارسها الحزب الحاكم والسلطة معًا التي كان من أبرز مظاهرها استهداف المعارضة وإقصائها عن الساحة السياسية قدر الإمكان، بجانب السياسات الأمنية والاقتصادية المشددة التي دفع الشعب ثمنها غاليًا جدًا خلال الآونة الأخيرة.
 
يخيم شبح انتخابات 2018 على الشارع الزيمبابوي الذي شهد أعمال عنف دامية عقب إعلان الحزب الحاكم فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت قبل 4 سنوات وتعرضت لانتقادات واتهامات بالتزوير من المعارضة، حيث نشبت مواجهات بين أنصار المعارضة والشرطة في العاصمة هراري أسفرت عن مقتل 3 مواطنين.
 
الغابون.. أسرة آل بونغو تتشبث بالحكم
 
 
في أغسطس/آب القادم ستكون دولة الغابون على موعد مع استحقاق رئاسي جديد، ربما يكون المنافس الأبرز فيه الرئيس الحاليّ علي بونغو أونديمبا، الذي دعاه الحزب الديمقراطي الحاكم إلى الترشح لولايةٍ ثالثة، وذلك بعدما اعتمد حزمة قرارات خاصة بالأداء الداخلي للحزب على هامش المؤتمر الثاني عشر له الذي عقد نهاية العام الماضي، بهدف حثه على الترشح.
 
ويحظى أونديمبا (63 عامًا) بدعم كبير من النخبة السياسية والاقتصادية المهيمنة على البلاد وتأييد ضمني واسع النطاق من أعضاء الحزب الحاكم، رغم أنه يعاني من أزمات صحية كبيرة، فقد أصيب بجلطة دماغية مؤخرًا أقعدته عن المشي وجعلته يتحرك ببطء.
 
إلا أن ترشيح الرئيس الحاليّ لولاية جديدة يواجه انتقادات كبيرة من المعارضة التي تسعى لتغيير نظام الحكم العائلي المهيمن على البلاد منذ عام 1967 حيث تسيطر أسرة آل بونغو على السلطة منذ قرابة 6 عقود كاملة، كما تحكم قبضتها على ثروات البلاد النفطية والتعدينية التي تشكل 60% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد التي تعد رابع أكبر منتج للنفط في إفريقيا جنوب الصحراء، بل إن الصحافة الإفريقية يطلقون عليها "كويت إفريقيا".
 
وورث الرئيس الحاليّ الحكم عن والده عمر بونغو عام 2009 وما زال في الحكم حتى اليوم، وكان قبل ذلك وزيرًا للدفاع بما يسمح له السيطرة على المؤسسة العسكرية تجنبًا لأي محاولات انقلاب على والده بسبب الهيمنة على الحكم في البلاد، وسط قلق من أعمال عنف قد تشهدها الساحة الغابونية إذا أعلن علي بونغو ترشحه بشكل رسمي لانتخابات أغسطس/آب القادمة.
 
 
ليبيريا.. الفساد يهدد الانتخابات
 
 
يتوجه الليبيرون في أكتوبر/تشرين الأول القادم صوب صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الجديد للبلاد وأعضاء البرلمان، وسط حالة احتقان شعبي متصاعدة ضد الرئيس الحاليّ جورج وياه بسبب فشله في تحسين الأوضاع الاقتصادية وتدني المستوى المعيشي للمواطنين بجانب عدم قدرته على وقف سرطان الفساد المتفشي في أرجاء الدولة.
 
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تظاهر المئات من الشعب الليبيري ضد الرئيس بدعوة من المعارضة، وذلك بسبب تجاهله للأوضاع الاقتصادية المتدنية والسفر لحضور مباريات كأس العالم في قطر التي أقيمت بين شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2022.
 
وكتب المتظاهرون على لافتات لهم رفعوها في أثناء التظاهرات "سئمنا المعاناة"، فيما طالبوا بإقالة الحكومة وإعادة النظر في السياسات المتبعة التي أودت بالبلاد إلى أن تكون إحدى أفقر دول العالم، الأمر الذي أثار قلق البعض من احتمالية نشوب أعمال عنف خلال الانتخابات المقبلة إذا ترشح وياه.
 
وتواجه ليبيريا صعوبات أخرى في الاستحقاق الرئاسي المقبل تتمثل في صعوبة تنظيم الانتخابات أمنيًا وإداريًا، حيث تعاني من مشاكل التعداد قبل التصويت، فضلًا عما تتعرض له من ضغوط من حليفها الأمريكي بسبب تفشي الفساد، وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات على 5 مسؤوليين ليبيريين بتهمة الفساد، فيما حذر السفير الأمريكي في مونروفيا عبر رسالة نشرها نهاية العام الماضي مفادها أن بلاده تنتظر انتخابات حرة نزيهة وإلا ستضطر لفرض عقوبات إضافية خلال الأشهر المقبلة.
 
 
الكونغو الديمقراطية.. الفصائل المسلحة قد تقلب الطاولة
 
 
من المفترض - ما لم يطرأ طارئ يؤجلها - أن تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية انتخاباتها الرئاسية والبرلمانية يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، وسط خشية من اللجوء إلى التأجيل أسوة بما حدث في انتخابات 2018 التي تأجلت لمدة عامين إذ كان مقررًا لها أن تكون في 2016 كونها أول انتخابات بعد الانتقال الديمقراطي الذي شهدته البلاد.
 
من المتوقع أن يخوض الرئيس الحاليّ فيليكس تشيسكيدي الماراثون للفوز بولاية ثانية، لكن ذلك ليس بالأمر السهل خاصة بعدما تخلى عنه سلفه القديم جوزيف كابيلا، وفي الوقت ذاته تحشد المعارضة قوتها الضاربة من أجل أن تكون ندًا قويًا لشيسكيدي، ومن أبرز الأسماء المنافسة المرشحة لخوض هذا الغمار مويس كاتومبي ومارتن فايولو.
 
ويعد تأمين العملية الانتخابية التحدي الأبرز أمام السلطات الكونغولية، حيث تنتشر الفصائل المسلحة في مساحات شاسعة من البلاد، فيما تتصاعد أنشطتها الدموية وأعمال العنف المتورطة فيها خلال الآونة الأخيرة وهو ما يخشاه المراقبون الذين يطالبون السلطة بالاستعداد الكامل وتوفير كل سبل الأمان والحيطة قبل عام كامل من انطلاق الانتخابات.
 
وفي جنوب إفريقيا سيختار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم زعيمه الجديد خلال الانتخابات المقرر لها في ديسمبر/كانون الأول، وسط حالة من الفوضى التي تخيم على أرجاء الحزب والانتقادات الحادة التي يتعرض لها بسبب ما يواجهه الرئيس الحاليّ سيريل رامافوزا من اتهامات بالتورط في عملية تبييض أموال، ما دفع المعارضة للمطالبة باستقالته، وهو ما يضع الحزب أمام منعطف خطير ربما يفقده السيطرة على الحكم المستمرة منذ عام 1994 وحتى اليوم.
 
تلك الأجواء الملبدة بغيوم الفوضى والاضطرابات الأمنية والسياسية دفعت البعض إلى التساؤل عن تداعيات ذلك على الانتخابات المزمع أن تشهدها تلك البلدان الإفريقية سالفة الذكر، وهو ما ألمح إليه ضمنيًا المدير التنفيذي لمعهد الدراسات الأمنية، فونتيه أكوم، في مقابلة مع "DW عربي" حين تساءل: "هل ستشهد القارة موجة من الانقلابات كما كان الحال في عام 2022 أم أن العام المقبل سيمثل قطعية مع هذه الظاهرة في ضوء محاولة الانقلاب الفاشلة في جزيرة ساو تومي وبرانسيبي في نوفمبر/تشرين الماضي؟
 
أما رئيس برنامج إفريقيا في مركز أبحاث "تشاتام هاوس" في لندن، أليكس فاينز، أوضح أن أزمات إفريقيا الأمنية والسياسية ستستمر خلال العام الحاليّ أيضًا، ليس في دول الساحل فحسب كمالي وبوركينا فاسو إنما في دول أخرى كالنيجر، لافتًا إلى أن الوضع في بعض الدول المجاورة كالكاميرون ونيجيريا ما زال مقلقًا من الناحية الأمنية، كذلك إثيوبيا، مشددًا على ضرورة مراقبة الانتخابات "المزمع إجراؤها في نيجيريا وجنوب إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي خاصة مع احتمال وقوع أعمال عنف في بعض هذه البلدان" لما تحمله من تأثيرات واردة على مسار الديمقراطية في القارة الإفريقية.
 
وفي مسار مواز، تواجه معظم دول القارة أزمات اقتصادية خانقة، زيادة في معدلات التضخم وقفزات جنونية في الأسعار ومستويات باهظة من الضرائب والرسوم، مع هرولة غير مسبوقة في منسوب الاقتراض وتفاقم الديون الخارجية للدول، الأمر الذي زاد من وتيرة الاحتقان الشعبي والغضب الداخلي، وهو ما توثقه الاحتجاجات التي عمت العديد من بلدان القارة بسبب أوضاعها الاقتصادية المتردية.
 
رغم المؤشرات غير المبشرة التي تستقبل بها القارة العام الحاليّ، إلا أن الوعود الوردية التي تقدمها واشنطن وبكين وموسكو وباريس بتخفيف حدة الوضع قد تساعد في تأجيل الأزمات أو تخفيف نيرانها، ولا سيما المتعلقة بالوضع الاقتصادي، لكن إلى هذه اللحظة تبقى المنح والمساعدات في إطار الوعود الكلامية.
 
 
 
المصدر: نون بوست