كُتّاب الموقع
"ذا انترسبت" يكشف حروب واشنطن السرية في الشرق الأوسط وأفريقيا

الميادين

الإثنين 7 تشرين الثاني 2022

يشير تقرير جديد صادر عن مركز "برينان" للعدالة في كلية الحقوق بجامعة نيويورك إلى أن صراعات عدة اندلعت في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، من خلال القتال البري والغارات الجوية والعمليات التي تقوم بها أذرع القوات الأميركية ووكلاؤها.
 
خاضت الولايات المتحدة أكثر من اثنتي عشرة "حرباً سرية" على مدى العقدين الماضيين، وفقاً لتقرير جديد صادر عن مركز "برينان" للعدالة في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، الذي ذكر أنه "من خلال مزيجٍ من القتال البري والغارات الجوية والعمليات التي تقوم بها أذرع القوات الأميركية ووكلاؤها، اندلعت هذه الصراعات من أفريقيا إلى الشرق الأوسط إلى آسيا، وغالباً ما تكون غير معروفة تماماً للشعب الأميركي، وبأقلّ قدر من إشراف الكونغرس".
 
واعتبر مقال نشر في موقع "ذا انترسبت" عن حروب واشنطن السرية، ويستند إلى التقرير، أنّ "هذا الانتشار للحرب السرية هو ظاهرة حديثة نسبياً، وهو غير ديمقراطي وخطر"، إذ كتبت كاثرين يون إيبرايت، المستشارة في برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان، أنّ "سير الأعمال العدائية غير المكشوف عنها في البلدان التي لم يبلّغ عنها، يتعارض مع تصميمنا الدستوري، وهو يدعو إلى تصعيد عسكري لا يمكن التنبؤ به للجمهور وللكونغرس وحتى للدبلوماسيين المكلَّفين بإدارة العلاقات الخارجية للولايات المتحدة".
 
وتابعت إيبرايت مشيرةً إلى أنه "تمّ تمكين خوض هذه الصراعات السرية من خلال تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001، الذي سُنّ في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر، فضلاً عن قانون العمل السري، الذي يسمح بعمليات سرية لا تحمل بصمات وهوية محددة للمنفذ، تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية في المقام الأول".
 
كما اعتمدت الولايات المتحدة على مجموعة من سلطات التعاون الأمني الغامضة التي حقق فيها موقع "ذا إنترسبت" سابقاً، بما في ذلك الكشف في وقت سابق من هذا العام عن وجود جهود أميركية غير معلنة لمكافحة الإرهاب في مصر ولبنان وسوريا واليمن. وتوثّق إيبرايت ما يسمى بـ"برامج 127e"، المعروفة بتسميتها القانونية، في تلك البلدان و12 دولة أخرى هي أفغانستان، الكاميرون، العراق، كينيا، ليبيا، مالي، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، الصومال، وتونس، فضلاً عن بلد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم يتمّ تحديده علناً بعد.
 
وذكرت الكاتبة أنّ "سلطة (127e)، التي تسمح لقوات الكوماندوس الأميركية بتوظيف بدائل محلية في مهمات موجهة من واشنطن، وتستهدف أعداء الولايات المتحدة لتحقيق أهداف الأخيرة، ليست سوى واحدة من ثلاثة جهود غير معلنة تمّ تحليلها في تقرير مركز برينان".
 
وأضافت أنّ "هناك قانوناً آخر (10 U.S. Code § 333) الذي يشار إليه غالباً باسم "سلطة التدريب والتجهيز العالمية"، ويسمح للبنتاغون بتوفير التدريب والعتاد للقوات الأجنبية في أي مكان في العالم، كما تسمح السلطة (1202) الأكثر غموضاً لوزارة الدفاع بتقديم الدعم للبدائل الأجنبية المشاركة في الحرب غير النظامية، التي تستهدف المنافسين القريبين من الأقران مثل الصين وروسيا".
 
ويقدّم التقرير، الذي صدر يوم الخميس، التحليل الأكثر اكتمالاً حتى الآن للأسس القانونية، والارتباك في الكونغرس، والتعتيم الممارس على البنتاغون، المحيط بهذه الجهود. كما يشرح كيف ولماذا تمكنت وزارة الدفاع من إجراء صراعات تحت الطاولة على مدى السنوات الـ 20 الماضية، بحسب الموقع.
 
"يؤكد تقرير مركز برينان الحاجة إلى تسليط الضوء على أنشطتنا الدفاعية التي كانت مغطاة بالسرية لفترة طويلة جداً، وعلى الأقل، يحتاج الجمهور والكونغرس إلى معرفة أين ولماذا نرسل أعضاء خدمتنا إلى طريق الأذى"، قالت النائبة سارة جاكوبس، وهي عضو في لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، لموقع "ذا إنترسبت".
 
وتابعت: "آمل أن يعزز هذا التقرير الحاجة الملحة إلى استعادة الكونغرس لسلطاته الحربية، والقضاء على الثغرات الموجودة في برامج التعاون الأمني، وضمان تطابق استراتيجياتنا مع أهدافنا والتزامنا تجاه أعضاء خدمتنا".
 
وقالت جاكوبس إنّ "فهم الكونغرس لآلة صنع الحرب في الولايات المتحدة، في كثيرٍ من الأحيان، ليس أفضل من الفهم العام، إذ يكافح الدبلوماسيون المتابعون لأعمال وزارة الدفاع في وزارة الخارجية لفهم واكتساب نظرة دقيقة عن الأعمال العدائية الأميركية، وحيثما تتعثر رقابة الكونغرس، تتعثر الرقابة داخل السلطة التنفيذية أيضاً".
 
"داناب" و"بونتلاند" في الصومال
وأضاء تحليل إيبرايت بشكل خاص على حالة الصومال، حيث طوَّرت الولايات المتحدة قوتين رئيسيتين بالوكالة، هما "لواء داناب" وقوة أمن "بونتلاند". وبدأت وكالة المخابرات المركزية في بناء قوَّة أمن "بونتلاند" في عام 2002 لمحاربة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، ولاحقاً تنظيم داعش في الصومال، وتمّ نقل القوَّة إلى السيطرة العسكرية الأميركية حوالي عام 2012، واستمرت في القتال إلى جانب قوات العمليات الخاصة الأميركية لمدة عقد من الزمن.
 
"في بونتلاند، قمنا ببناء هذه القدرة، وتدريبهم على المستوى التكتيكي وكيفية دعم أنفسهم واتباع استراتيجية جيدة لمكافحة التمرّد ضد حركة الشباب"، قال دون بولدوك، الرئيس السابق لقيادة العمليات الخاصة في أفريقيا، والمرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ في نيو هامبشاير، للصحيفة في مقابلة عام 2019.
 
والأمر الأكثر "إثارةً للقلق" بحسب المقال هو أن التقرير يشير إلى أنّه "لفترة طويلة من الزمن، لم يكن هناك أساس قانوني واضح للجيش الأميركي للقتال إلى جانب هذه القوات وتوجيهها، إذ صنفت إدارة أوباما عام 2016 حركة الشباب كقوَّة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وبالتالي فهي هدف مشروع بموجب قانون (AUMF) لعام 2001".
 
وتابع: "فعلت تلك الإدارة الشيء نفسه مع تنظيم داعش في عام 2014، ولكن لم يتمّ تحديد داعش علناً كقوَّة مرتبطة بالقاعدة من قبل أيّ إدارة، وهذا يعني أنّ البنتاغون طوّر وقاتل إلى جانب قوة أمن "بونتلاند" من عام 2012 ولواء داناب من عام 2011 - تحت سلطات التعاون الأمني 127e و 333 - قبل أن يتمّ الحكم بناءً على قانون (AUMF) بأنّه يمكن القيام بأعمال عدائية ضدّ حركة الشباب وداعش".
 
وأضاف الكاتب أنّ "وزارة الدفاع لا لبس لديها أنها لا تتعامل مع الفقرتين 333 و127 لأخذ الإذن باستخدام القوة العسكرية. الواقع ليس واضحاً جداً، وبعد كل شيء، استخدمت القوات الأميركية هذه السلطات لإنشاء وتحريك، وفي بعض الأحيان الانخراط في القتال، جنباً إلى جنب مع مجموعات مثل قوّة أمن بونتلاند ولواء داناب".
 
حدود حقوق الدفاع عن النفس
وعلى مدى السنوات الـ20 الماضية، طالب الرؤساء باستمرار بحقوق واسعة للعمل دفاعاً عن النفس، ليس للقوات الأميركية وحسب، ولكن أيضاً لشركاء مثل قوة أمن "بونتلاند" ولواء "داناب".
 
وقالت النائبة جاكوبس إنه "كان من الصعب طمأنة المجتمع العسكري في منطقتها في سان دييغو بأننا نفعل كل ما في وسعنا للحفاظ على سلامتهم، لأنه لدى الكونغرس معلومات قليلة فقط، ناهيك  بمهمته كالإشراف على متى وأين وكيف نستخدم القوة العسكرية".
 
وأكدت أنّ "محاولات تجنب التدقيق من الكونغرس - وتخلي الكونغرس نفسه عن سلطاتنا الحربية - أمر أساسي لفهم كيف انتهى بنا المطاف في حروب لا تنتهي، وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، والاستراتيجيات الفاشلة التي تهدر دولارات دافعي الضرائب وتغذّي الصراعات نفسها التي نحاول حلّها".
 
وتابعت أنّ "التعريفات الموسعة للدفاع الجماعي عن النفس للوكلاء مثيرة للقلق، بشكل خاص فيما يتعلق بسلطة 1202، التي تتطلب إشرافاً أقل من قوانين 333 و 127e وتستخدم لتقديم الدعم للقوات الأجنبية أو القوات غير النظامية أو الجماعات أو الأفراد المشاركين في الحروب غير النظامية".
 
في حين أن قانون 1202 على غرار 127e،  لا يستهدف الجماعات الإرهابية الإقليمية مثل حركة الشباب وداعش الصومال، ولكن يستهدف ما اعتبر "دولاً معادية"، مثل إيران أو كوريا الشمالية، أو الخصوم القريبين من روسيا والصين.
 
معارك بالوكالة تحت طاولة الكونغرس
وأكدت إيبرايت "أنّ تفسير السلطة التنفيذية الواسع لاستخدام القوة، يمكن أن يؤدّي إلى قتال، من دون أن يوافق عليه الكونغرس ضد الدول القوية"، كما أنّ "قيام سلطة 1202 بالقليل من الرقابة هو خطأ كبير، عندما تنطوي الأمور على مخاطر إدارة قوات بالوكالة ضدّ دولٍ قوية وحتى مسلحة نووياً. 
 
ويقدم التقرير مقترحات "لتحسين الرقابة العامة والكونغرس، وإنفاذ توازن سلطات الحرب داخل الحكومة، ومنع الأعمال العدائية غير المصرَّح بها من قبل الكونغرس"، إذ إنّ "إلغاء الفقرات 333 و 127e و 1202 من شأنه أن يعيد ميزان القوى إلى ما كان عليه" قبل عمليات 11 أيلول/سبتمبر، بحسب إيبرايت.
 
وتأمل الكاتبة أن يجبر ذلك " البنتاغون على إقناع الكونغرس بأن بناء وكلاء أجانب في الخارج يصبّ في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى أن العمل من قبل الوكلاء والحلفاء الأجانب ومعهم ومن خلالهم هو مفتاح الرؤية العالمية للبنتاغون"، وفقاً لاستراتيجية الأمن القومي واستراتيجية الدفاع الوطني التي أصدرتها إدارة بايدن مؤخراً.
 
وتابعت: "تؤكد كلتا الوثيقتين أنّ وزارة الدفاع تنظر إلى التعاون الأمني على أنه مستقبل نهجها، وفي الوقت نفسه، لا يوجد لدى الكونغرس، ولا لدى المواطنين، محادثات حول ما يعنيه ذلك، ولا دراية إن كانوا في حالة حرب، وكيفية تأثير ذلك في التدخل والحضور العسكري في الخارج".