كُتّاب الموقع
الألمان يتجهون إلى آسيا الوسطى الحديقة الخلفية لبوتين

العرب اللندنية

الجمعة 4 تشرين الثاني 2022

تبحث ألمانيا عن شركاء جدد للتخلص من تبعيتها للغاز الروسي، وهو ما تندرج ضمنه زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى آسيا الوسطـى، التي لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتبرها حديقته الخلفية.
 
بيربوك عبّرت عن اعتقادها بوجود فرص لتعاون أوثق مع أوزبكستان وكازاخستان من أجل تحقيق استقلال أكبر عن الصين وروسيا. وأضافت خلال زيارتها إلى مدينة سمرقند الأوزبكية أن هناك اهتماما كبيرا في كلا البلدين بتوثيق التعاون مع أوروبا، لكن ليس كابتعاد كامل عن الصين وروسيا، موضحة أن هذا يعد تحديا، نظرا إلى موقع المنطقة الجغرافي وعلاقاتها التاريخية.
 
العلاقات الألمانية مع آسيا الوسطى ليست جديدة، وتعود إلى فترة الحرب الباردة والاتحاد السوفييتي، وتم تنشيطها لاحقاً في العام 2009، حين أعلن الاتحاد الأوروبي أن دول وسط آسيا تعدّ محورا إستراتيجيا لأوروبا وشرياناً حيوياً لاقتصادها.
 
حين بدأت تلك الإشارات الموجهة إلى دول وسط آسيا، كازاخستان وطاجكستان وقرقيزيا وأوزبكستان، وكانت روسيا تعدّ بينها آنذاك، كنت تهدف إلى التأكيد على أنه إذا ما أرادت أوروبا الحصول على الغاز والنفط بشكل سهل فإن علاقاتها مع دول وسط آسيا يجب أن تكون ضمن أولويات سياستها الخارجية، فالأمن الاوروبي مرتبط بأمن تلك المنطقة.
 
وحينها قال وزير الدولة في الخارجية الألمانية جيرنوت إيرلر إن ألمانيا ومنذ حكومة المستشار السابق جيرهارد شرودر ساهمت ولا تزال تساهم بتحقيق شراكة إستراتيجية بين أوروبا ودول وسط آسيا، وإن برلين تعارض ”ضغوط الناتو“ على حكومات تلك الدول بالانضمام إلى الحلف لتحقيق مكاسب عسكرية.
 
الاتحاد الأوروبي كان قد وضع نصب عينيه توطيد العلاقات مع دول آسيا الوسطى، بسبب احتياطيها الهائل من النفط في بحر قزوين. فأطلقت ألمانيا ”مبادرة إستراتيجية“ لتقوية العلاقات مع دول المنطقة.
 
وقد سعت برلين لإطلاق إستراتيجية هدفها تقوية عرى العلاقات بين آسيا الوسطى وأوروبا، فأرسلت وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير، الرئيس الألماني الحالي، في العام 2006 بجولة شملت دول آسيا الوسطى الخمس.
 
وكانت غاز بروم الروسية ومؤسسة شبكة الأنابيب الروسية التي جرى إنشاؤها في العهد السوفييتي تملكان حتى ذلك الوقت ”شبه احتكار“ لنقل النفط والغاز الخام، ما دفع إلى إطلاق آلية لتهميش روسيا بالتدريج عبر شبكات النقل الجديدة، لاسيما التركية منها. وبذلك يتنافس على هذه المنطقة مع الألمان وبقية الأوروبيين، كل من الروس والصينيين، عبر منظمة ”شنغهاي للتعاون“.
 
فيما قال خبراء إن روسيا ربما تخسر نفوذها في دول آسيا الوسطى بسبب حربها على أوكرانيا، بما في ذلك نفوذها الاقتصادي الكبير.
 
وقالت صحيفة “موسكو تايمز“ إنّ روسيا تفقد نفوذها على الدول السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، وأكّد الخبير في علاقات روسيا مع آسيا الوسطى بول سترونسكي إن “هناك توتراً بين موسكو وحكومات دول آسيا الوسطى“.
 
وكالة بلومبيرغ تقول إن ألمانيا عززت تبادلها التجاري مع كازاخستان بنسبة 88 في المئة، وبنسبة 111 في المئة مع أوزبكستان في النصف الأول من العام الحالي.
 
ودول آسيا الوسطى التزمت إلى حد كبير بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا،  بل إن هذه الدول أوقفت عمليات التهرّب من العقوبات الغربية على روسيا.
 
كما أغلقت بنوك كازاخستان الثغرات المصرفية التي كانت تسمح للروس في الشهور الأولى من الغزو الروسي بالحصول على بطاقات فيزا وماستركارد بعد خروج شركات الدفع الدولية من روسيا. وعلقت البنوك الكازاخية والقرغيزية والأوزبكية الشهر الماضي نظام الدفع “مير” الروسي، الذي كانت جعلته روسيا بديلاً عن فيزا وماستركارد.
 
كما باع بنك “سبيربنك” أكبر مصرف في روسيا فرعه الكازاخي، واحتجزت كازاخستان شاحنات مليئة بالسلع الأوروبية الخاضعة للعقوبات كانت في طريقها إلى روسيا.
 
من جانبها قامت موسكو عدة مرات بعرقلة صادرات النفط الكازاخية إلى الأسواق العالمية بذريعة المخاطر البيئية ووجود أعطال في خط الأنابيب ومنصات التصدير عبر ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود، وهو الميناء الوحيد لتصدير النفط الكازاخي.
 
وبينما وصفت بيربوك الخطوة الألمانية نحو آسيا الوسطى بأنها ”لن تكون خطوة فورية“ أكدت بأن العملية قد بدأت، وأنها ستكون طويلة، وستحتاج إلى حوار مفتوح، فألمانيا في حاجة إلى الهيدروجين الأخضر، والمواد الخام وإلا فلن تتمكن من ”تشكيل الرقمنة وتحقيق انتقال الطاقة”، كما توضح بيربوك.