كُتّاب الموقع
"تحالف غرب آسيا الرباعي" يؤسس للمزيد من المتاعب في المنطقة

أزاد عيسى

الخميس 21 تموز 2022

في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وافق وزراء خارجية الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة على تشكيل تحالف غير رسمي جديد لتوسيع التعاون التجاري والسياسي في الشرق الأوسط وآسيا.
 
أثارت القمة الافتراضية همسات حماسية في إسرائيل والهند حول تشكيل مجموعة قوة جديدة سميت بـ "تحالف غرب آسيا الرباعي"، وهو تحالف "هندي  إبراهيمي" ينسج على خطى الحوار الأمني ​​الرباعي أو الرباعية المكون من أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة الذي تشكّل لمواجهة الصين في المحيط الهادئ.
 
في ظل صعوبة الحصول على معلومات رسمية، فإن معظم التفاصيل في الساحة العامة حتى الآن مصدرها إما الحكومة الإسرائيلية أو الهندية أو وسائل الإعلام.
 
يوم الخميس، اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يزور منطقة الشرق الأوسط حاليًا، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت يائير لابيد وشارك في قمة افتراضية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والزعيم الإماراتي محمد بن زايد  حيث تم إنشاء "التحالف الرباعي" (يضم الهند وإسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة) بالتعاون مع بعض المسؤولين الرسميين.
 
في بيان مشترك صدر يوم الخميس، قالت المجموعة إنها تهدف إلى "تسخير حيوية مجتمعاتنا وروح المبادرة لمواجهة بعض أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا، مع التركيز بشكل خاص على الاستثمارات المشتركة والمبادرات الجديدة في مجال المياه والطاقة، النقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي".
 
وأضاف التحالف أنه يعتزم حشد رؤوس أموال وخبرات القطاع الخاص، وتحسين الصحة العامة، فضلاً عن تعزيز التواصل بين الناس وبين دول الشرق الأوسط. وجاء في بيانهم "نحن نعتزم إنشاء حلول جديدة لمعالجة النفايات، واستكشاف فرص التمويل المشترك، وربط شركاتنا الناشئة باستثمارات التحالف الرباعي، وتعزيز تطوير التقنيات الناشئة والصديقة للبيئة، مع ضمان الأمن الغذائي والطاقة على المدى القريب والطويل".
 
لكن النية المعلنة لـ "تحديث البنية التحتية" و"تعزيز التنمية منخفضة الكربون" و"تحسين الصحة العامة" تتناقض مع دافع التحالف الحقيقي ألا وهو الخصخصة، والتوريق، وإرساء الهيمنة في المنطقة.
 
ترسيخ اتفاقات إبراهيم
 
 
تبقى اتفاقيات إبراهيم أو بالأحرى صفقات التطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية والشمال إفريقية محور أجندة التحالف الرباعي. كانت إدارة بايدن واضحة بشأن تأييدها لـ "صفقة القرن" التي أبرمت خلال عهد دونالد ترامب، وهي تتطلع إلى البناء عليها.
 
في بيان مشترك، أوضحت اللجنة الرباعية أن اتفاقيات إبراهيم  ستظل قائمة: "نرحب بالفرص الاقتصادية التي تنبع من هذه التطورات التاريخية، بما في ذلك تعزيز التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وعلى وجه الخصوص من أجل تعزيز الاستثمار المستدام بين شركاء مجموعة الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة".
 
تأتي الإشارة إلى التعاون الاقتصادي مع استمرار تسارع العلاقات الاقتصادية بين الهند والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. يشكل الهنود أكبر المجتمعات المغتربة في الإمارات (حوالي 28 بالمئة من السكان) وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات.
 
في شباط/ فبراير، أبرمت الهند والإمارات اتفاقية تجارة حرة. ومن المتوقع أن تتوصل الهند وإسرائيل إلى اتفاق مماثل في المستقبل القريب. في بيان صدر قبل أيام من قمة هذا الأسبوع، قالت الحكومة الهندية إن اللجنة الرباعية ستشجع الاستثمارات المشتركة في ستة مجالات محددة بشكل متبادل مثل المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي.
 
لكن التركيز على التعاون تحت إطار "المصالح المشتركة" سرّع في إنشاء نظام بيئي اقتصادي وسياسي تصبح فيه إسرائيل والإمارات والهند حلفاء متعاونين تحت قيادة الولايات المتحدة.
 
وفقًا لجوكول ساهني ومحمد سليمان، فإن صعود الكتلة الهندية الإبراهيمية يعمل تدريجيا على ترسيخ إنشاء نظام غرب آسيا من خلال "إقامة توازن ضد القوى المستقلة الديناميكية في المنطقة، وهما إيران وتركيا، وتحقيق الاستقرار في المنطقة في عصر يتسم باحتدام المنافسة بين القوى العظمى".
 
بالمثل، صرّح كيفين ليم لصحيفة نيويورك تايمز بأنه مع بداية الرباعية الجديدة، يبدو أن بايدن يحاول دمج سياقين استراتيجيين منفصلين [المحيطين الهندي والشرق الأوسط]. وهو يتطلع إلى توحيد الصفوف بين شركاء الولايات المتحدة في مناطق مختلفة".
 
حارس البوابة
 
 
انضمت الهند إلى الإمارات العربية المتحدة (وكذلك المملكة العربية السعودية) والولايات المتحدة وإسرائيل كشركاء اقتصاديين على الورق. من الناحية العملية، فإن هذه المجموعة لديها طموحات لتصبح حارسة المنطقة من غرب آسيا إلى جنوبها.
 
مع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وزيادة احتمال تطبيع المملكة العربية السعودية العلاقات مع تل أبيب، أصبح الفلسطينيون طرفًا غير مهم لهذا الرباعي. ولن تدعم كل دولة البقية فقط متى أمكن ذلك، بل ستستثمر بشكل متبادل في المشاريع الوطنية.
 
ستصبح الشركات الإماراتية الهندية أكثر انخراطًا في إسرائيل، بما في ذلك داخل الأراضي والمستوطنات المحتلة. وبالمثل، ستساعد الإمارات العربية المتحدة في تبييض جرائم الهند ضد المسلمين. وفي وقت سابق من هذا العام، كانت الإمارات أول دولة ترسل وفدًا إلى كشمير التي تحتلها الهند للنظر في الاستثمار في المنطقة منذ أن ألغت حكومة مودي وضع الدولة شبه المستقل في آب/ أغسطس 2019.
 
في غضون ساعات من اجتماع بايدن يوم الخميس، ذكرت وكالة رويترز أنه تم بيع ميناء حيفا لشركة "أداني بورتس" الهندية التي تعمل بمناقصة مشتركة مع شركة "غادوت" الإسرائيلية. يمنح هذا الاتفاق الثنائي الشركتين حقوق استغلال الميناء حتى سنة 2054. وقد بدأت الهند بالفعل في إنتاج أسلحة إسرائيلية مشتركة في مصانع هندية عبر الهند.
 
من شأن إنتاج الأسلحة بشكل مشترك توسيع نطاق تكنولوجيا الأسلحة الإسرائيلية بالنظر إلى الانتشار الأوسع للدبلوماسية الهندية. يقوم التحالف الرباعي على الاستعانة بمصادر خارجية رسمية للإمبراطورية الأمريكية لخدمة مصالح إسرائيل والهند والإمارات العربية المتحدة (وكذلك المملكة العربية السعودية).
 
وبدأت قطع مختلفة من اللغز تتساقط بالفعل في مكانها.
 
النفاق الأمريكي
 
 
صوّت المشرعون الأمريكيون مساء الخميس لصالح تعديل قانون تفويض الدفاع الوطني الذي من شأنه حماية الهند من التعرض للعقوبات بسبب شراكتها التجارية الدفاعية المستمرة مع روسيا.
 
اقترح التعديل، الذي قدمه المشرّع الهندي الأمريكي رو خانا، تعميق العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة ودعا إلى إعفاء خاص بالهند بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات. وقال النائب خانا في بيان قبل التصويت: "بينما تصعّد الصين عدوانها على طول الحدود الهندية الصينية، يجب أن تقف أقدم ديمقراطية في العالم مع أكبر ديمقراطية في العالم لإرسال إشارة صريحة لضرورة احترام السيادة والقانون الدولي".
 
وفي سياق متصل، أضاف خانا: "إنني أحث الكونغرس على تبني اقتراحي الوارد لتعزيز الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند، وأحث الإدارة على إصدار تنازل ينهي قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات المفروض على الهند للحيلولة دون إضعاف تلك الشراكة المهمة. وعدم القيام بذلك سيدفع بالهند إلى التقرب من روسيا نظرًا لاحتياجاتها الأمنية".
 
كما أوصى خانا بأن تتخذ الولايات المتحدة "خطوات إضافية لتشجيع الهند على تسريع انتقالها بعيدًا عن الأسلحة الروسية وأنظمة الدفاع وأيضاً لدعم احتياجات الدفاع الفورية للهند بقوة".
 
الاقتصاد السياسي للاحتلال
 
 
لم يقل خانا شيئًا عن تسلط مودي المتزايد وسياساته المعادية للمسلمين التي تركت الديمقراطية الهندية في حالة يرثى لها. حتى أن ضم الهند لكشمير في آب / أغسطس 2019  وإقرار قانون (تعديل) الجنسية والمذابح الدورية ضد المسلمين وزيادة قمع الحريات في البلاد، دفع زميلة خانا إلهان عمر إلى تقديم قرار يدعو إلى تصنيف الهند على أنها "دولة ذات شأن خاصة".
 
لكن من غير المرجح أن يتم تمرير قرار إلهان لأنه لم يتلق سوى القليل من الدعم من زملائها. ومع ذلك، فإن حقيقة أن أحد المشرعين التقدميين في الولايات المتحدة يمكن أن يطلق على الهند أنها "بلد له شأن خاص" في حين أن زميلا آخر يزعم أنه تقدمي من نفس الحزب يحث على توثيق العلاقات العسكرية مع "أكبر ديمقراطية في العالم"، يشير إلى مدى تصدع المصلحة الذاتية الأمريكية والتنكر لحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي.
 
كان خانا من أكثر منتقدي الحرب التي قادتها السعودية في اليمن ودور الولايات المتحدة في الصراع. ولكن باسم المصالح الأمريكية، فإنه إذا أقر مجلس الشيوخ التعديل الذي يحثّ عليه خانا، سيشجع الهند، الحليف الرئيسي لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، على أن تصبح راعياً أكبر لصناعة الأسلحة الأمريكية.
 
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب خانا لم يرد على عدة طلبات من "ميدل إيست آي" للتعليق على الأمر.
 
تعد الهند بالفعل أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية، حيث تنفق حوالي مليار دولار سنويًا. ومع تشكيل تحالف غرب آسيا الرباعي، ستصبح الهند بشكل قاطع جزءًا من الاقتصاد السياسي للاحتلال الإسرائيلي. ومن المرجح أن يكون هذا التحالف وسيلة لتعزيز القيادة الاستبدادية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وتوفير ضوء أخضر للحكومات العنصرية في الهند وإسرائيل.
 
 
 
المصدر: ميدل إيست آي - نون بوست