كُتّاب الموقع
أسرار غياب الغاز عن البرامج الانتخابية في لبنان

زياد ناصر الدين

السبت 14 أيار 2022

على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان منذ أواخر العام 2019، كشف مسح جديد لإدارة الإحصاء المركزية في لبنان ومنظمة العمل الدولية، هذا الأسبوع، عن ارتفاع معدّل البطالة الرسمي من 11,4% في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2019 إلى 29,6% في كانون الثاني/يناير الماضي، أي نحو 3 أضعاف. كما وجهت الأمم المتحدة اتهاماً خطيراً للدولة اللبنانية ومصرفها المركزي بانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك "الإفقار غير الضروري" للسكان، حيث ارتفع عدد من يعيشون تحت خط الفقر إلى 80%، وارتفعت الأسعار بنسبة تجاوزت 200%، وخسرت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار.
 
أمام هذه الوقائع الخطيرة، باتت البلاد بحاجة إلى اعتماد هويّة جديدة لاقتصادها تساهم في إنقاذه وإعادة تفعيل دوره بالشكل المطلوب. ومن المنطقي أن ترتكز هذه الهوية على عوامل قوة بمتناول اليد، وألا تعيد إنتاج أخطاء الماضي بالاتكال على الاستدانة الخارجية والداخلية على حد سواء. ولعلّ أبرز ما يمكن الارتكاز عليه لإتمام هذا الانتقال هو الغاز؛ عامل القوة الأساسي الذي ظهر في السنوات الماضية.
 
الغريب هنا هو تغييب هذا الخيار الإنقاذي الذي يقع خارج سطوة الدولة العميقة ونفوذها عن البرامج الانتخابية التي طرحتها القوى السياسية الفاعلة، فضلاً عن برامج من يصنّفون أنفسهم في خانة "الإصلاحيين" الذين يدّعون معارضتهم للنظام الحاكم منذ انتهاء الحرب الأهلية. بات واضحاً أنّ طرح ملف الغاز كمَخرج أساسي من التدهور النقدي والإفلاس الممنهج، والأزمة الاجتماعية، وكسر الحصار الاقتصادي والمالي، ممنوع حتى لفظاً.
 
ولمعرفة أسباب ممارسة التعمية المتعمدة على هذا الملف ومنع اللبنانيين من الاستفادة منه في عمليّة الإنقاذ، نطرح مجموعة من الأسئلة التي من شأنها الإضاءة على أهمية الغاز بالنسبة إلى لبنان والمطامع الخارجية به، إضافة إلى دوره في الصراع المحوري في الشرق الأوسط والعالم:
 
1-   هل يُشكّل الغاز صراعاً اقتصادياً وجودياً مع العدو الإسرائيلي؟
 
2-   هل يُعتبر الغاز في سواحل المتوسط، ولبنان تحديداً، حاجة لأوروبا؟
 
3-   هل الانفتاح الفرنسي الكبير على لبنان وموانئه البحرية مرتبط بأطماع في هذا الملف؟
 
4-   هل تطمح الدولة العميقة للسيطرة على الغاز ومردوداته؟
 
5-   هل استخراج الغاز بعيداً عن التدخل الأميركي ينهي هيمنة الدولار على السوق اللبناني؟
 
6-   هل تشييد أكبر سفارة للولايات المتحدة بالشرق الأوسط في لبنان مرتبط بالإشراف على شركات المسح والتنقيب والاستخراج بهدف تسهيل عمل منظمة شرق المتوسط؟ وما هو دور الحصار الممارس على لبنان وسوريا في هذا الإطار؟‏
 
7-   هل يتم تحضير مخطط لرهن الغاز لصالح صندوق النقد الدولي كما هو حاصل مع الدول الأفريقية‏‏؟
 
8-   ما سبب اهتمام الولايات المتحدة بطرح بملف الغاز خلال مئات الزيارات لمسؤوليها إلى لبنان لو لم يكن يمتلك مخزوناً ضخماً، كما أفادت مسوحات شركة "بي جي أس" النروجية؟‏
 
9-   لماذا يتم ربط ملف استجرار الطاقة والموافقة على إنشاء معامل كهرباء عند الساحل اللبناني بالتنازل في ملفي الحدود البحرية والغاز؟
 
10-  لماذا يُمنع لبنان من الموافقة على العرض الروسي بإنشاء مصافٍ للنفط من شأنها أن تؤمّن مردوداً ماليّاً كبيراً لخزينة الدولة؟‏
 
11-   لماذا منعت الولايات المتحدة شركة "توتال" من إعلان نتيجة الاستكشاف في البلوك رقم 4، لتعود الشركة الفرنسية لاحقاً وتؤكد اهتمامها بالبلوك نفسه؟
 
12-  لماذا ينحصر الكلام على البلوك رقم 9 فيما العين على البلوك رقم 8؟ وما سر هذا البلوك حتى أصبح موضع اهتمام من واشنطن إلى "تل أبيب"، مروراً بأوروبا والشركات الخاصة؟ وهل ‏صحيح أنّه البلوك الأكبر على سواحل المتوسط؟‏
 
لقد طرحت المقاومة في الخطابين الأخيرين لأمينها العام السيد حسن نصر الله معادلة جديدة قائمة على الردع لحماية المنشآت النفطية التي ستُشيّد في لبنان، مؤكدة بذلك قدرتها على الدفاع عن حدود البلاد البحرية التي يُنتظر من الدولة أن تعلنها، وأن تُحدّد مهلة زمنية للشركات لتوقيف الابتزاز في التنقيب والاستخراج.
 
وبات على الدولة اللبنانية حشد خبرائها وطاقاتها وكوادرها لتأمين قاعدة ‏معلوماتية وهيكل فني بهدف استغلال هذه الفرصة التاريخية، المتمثلة بثروة الغاز وقوة المقاومة، لإنقاذ البلاد، وألا تدع ثروات لبنان غنيمة بين براثن الأعداء.
 
 
المصدر: الميادين