كُتّاب الموقع
"صفقة القرن" قيد التنفيذ وتصل ذروتها يوم النكبة

سعيد عريقات

الأربعاء 2 أيار 2018

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت الماضي أن موعد تنفيذ قراره نقل سفارة بلاده لدى إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة الشهر المقبل إنما يأتي في سياق تطبيق مخططه لمسمى "صفقة القرن" تحت مزاعم "تحقيق السلام في الشرق الأوسط" الكثير من الفضول حيث بدأت آلة الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن استعداد الرئيس الأميركي لطرح خطته مباشرة بعد نقل السفارة إلى القدس المحتلة يوم 14 أيار المقبل.

ويقول مصدر مطلع في واشنطن للقدس أن "مخطط الرئيس (الأميركي دونالد ) ترامب أخذ بعين الاعتبار ومنذ اللحظة الأولى التي أظهر اهتمامه (ترامب) بضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وجلب السلام يحمل في ثناياه مجموعة سخية من المحفزات المالية التعويضية للفلسطينيين، وتخفيف وطأة المصاعب اليومية التي يواجهونها حاليا في ممارستهم لحياتهم اليومية، وحل للأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة لإقناعهم أن مخططه يحمل للفلسطينيين مخرجا من معاناتهم التي اختبروها لعقود طويلة في الماضي وطريقا آملاً لمستقبل آمل".

ويدعي المصدر لـ"لقدس" أنه "في الحقيقية أن أجزاء كثير من خطة الرئيس ترامب (صفقة القرن) هي الآن قيد التنفيذ، فقد استطاع أن يعالج معضلة القدس التي أوقفت كل المساعي السابقة ، واتخذ قرارا سريعا وعمليا، ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بسرعة البرق وبتكلفة زهيدة جداً—إنه يفكر ويتخذ قرارات وينفذها بعملية مذهلة".

يشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في إطار مؤتمره الصحفي المشترك مع المستشارة الألمانية آنجيلا مريكل عصر الجمعة 27 نيسان 2018 في البيت الأبيض أنه قد يتوجه إلى القدس لافتتاح السفارة الأميركية الجديدة هناك.

وقال ترامب في إطار رده على سؤال أحد الصحفيين عما إذا كان ينوي الذهاب لافتتاح السفارة الأميركية في القدس الشهر المقبل "دعنا أخبرك أنهم جاءوا لي بعرض تبلغ تكلفته مليار دولار وكنت عل وشك التوقيع..وترددت كون أن المبلغ كبير جداً فاتصلت بسفيري هناك ديفيد فريدمان -وهو محام جيد ويحب إسرائيل ويحب أمريكا وسألته عن ذلك فقال لي إن بإمكاني أن أبني سفارة بمبلغ150 ألف دولار وأنقلها خلال أشهر قليلة فقلت له على بركة الله ولكن دعنا ننفق 400 دولار".

وأضاف ترامب "ستكون سفارة جميلة جدا - نحن لدينا الموقع وقد أذهب إلى هناك لافتتاحها".

وحول الخطوات الأخرى من مخطط ترامب (صفقة القرن) التي هي قيد التنفيذ يقول المصدر "أعتقد أن الرئيس ترامب وفريقه بشأن عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين (سفيره فريدمان، صهره جاريد كوشنر ، ومبعوثه لمفاوضات السلام جيسون غرينبلات وسفيرته في الأمم المتحدة نيكي هايلي) عرفوا منذ البداية أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين المزمنة وضرورة إنهائها هو أمر بالغ الأهمية ولذلك فإن تخفيض المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنوروا) هو خطوة في هذا الاتجاه كون أن الأنوروا من وجهة نظرهم تعقد سبل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتطيل من عمر معاناة الفلسطينيين، فهذه الوكالة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد".

وثالثاً، بحسب المصدر "اتخذت الإدارة خطوة كبيرة باتجاه استكشاف وضع جديد يساعد الفلسطينيين والإسرائيليين على تخفيف التوتر وتسهيل سبل العيش للطرفين بانتزاع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية وذلك في تقريرها عن حقوق الإنسان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية يوم 20 نيسان 2018 ". ولدى سؤال القدس عن كيف لنزع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية والقدس الشرقية يساعد إلى جلب السلام قال المصدر "إن تفكير الإدارة عملي: ينظرون إلى الـ50 سنة الماضية ويرون أن هذا التصنيف-أراض محتلة- لم يحقق أي شيء لإنهائه وأبقى الكثير من خطوط المواجهات العنيفة بين الطرفين إلى جانب تمسك الجانبين بأوهام دون أن يكون هناك حلاً في الأفق، فلم يثني هذا التنصيف الإسرائيليين عن البناء في هذه الأراضي، وأبقى على الفلسطينيين متمسكون بأوهام غير واقعية- - بعبارات أخرى، خلق حالة من التمترس وغياب المرونة".

وكانت "القدس" قد علمت الخميس الماضي من مصدر مطلع أن سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان الذي نجح في الضغط على وزارة الخارجية الأميركية لخلع صفة "الأراضي المحتلة" عن الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة في تقريره السنوي لحقوق الإنسان حول العالم والذي أعلن الأسبوع الماضي، "يبذل مساع حثيثة لإقناع البيت الأبيض بتبني الاسم الإسرائيلي للضفة الغربية ، وهو إسم يهودا والسامرة ، على الأقل في تصريحاته وبياناته الرسمية ، لكن حتى الآن يواجه مقاومة من البيت الأبيض" بشأن هذه القضية علما بأنه (فريدمان) نجح بدفع إدارة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب في تبني قرارات دراماتيكية، حقاً تاريخية فله الدور الأول في إقناع الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ولديه حلفاء ومساعدين أقوياء في من المؤثرين على ترامب من أمثال نائب الرئيس مايك بينس والملياردير شيلدون آدلسون - ومن ثم إقناع الرئيس بنقل السفارة عمليا يوم 14 أيار الذي يصادف 70 عاماً على وجود إسرائيل بعد أن كان الرئيس ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون أكدا أن ذلك سيستغرق أربعة سنوات، وأخيراً نزع صفة محتل عن الضفة والقدس الشرقية في تقرير حقوق الإنسان".

ووفق ما تسرب عن ما يسمى بصفقة القرن" فإنها قد تتضمن إعلان إقامة دولة كيان فلسطيني منزوع السلاح بعيدا عن حدود عام 1967 ومن دون إخلاء للمستوطنات أو التطرق إلى مدينة القدس المحتلة وأن ذلك جاء بموافقة بعض الأنظمة العربية. حيث ادعت وسائل إعلام عربية عبرية الأحد 29 نيسان 2018 أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجه يوم 27 آذار 2018 الماضي في إطار لقاءاته مع زعماء الجالية اليهودية الأميركية انتقادات حادة للقيادة الفلسطينية.

وأشارت صحيفة "معاريف" العبرية إلى فحوى تقرير بثته القناة العاشرة الإسرائيلية ساء الأحد، مفاده أن ولي العهد السعودي انتقد بشدة القيادة الفلسطينية خلال اجتماعه المذكور أعلاه في نيويورك مع بعض المنظمات اليهودية الرائدة في الولايات المتحدة. باراك رفيد على القناة المذكورة قول ولي العهد السعودي "منذ 40 عاما والقيادة الفلسطينية تفوّت الفرص، حيث رفضت جميع المقترحات التي قدمت لها. لقد حان الوقت كي يقبل الفلسطينيّون الاقتراحات والعروض، وعليهم العودة إلى طاولة المفاوضات، أو فليصمتوا ويتوقفوا عن التذمّر".

وادعت القناة العاشرة أن ولي العهد السعودي قال للقادة اليهود (يوم 27/3/2018 في نيويورك) إن "القضية الفلسطينية ليست الأولوية القصوى لبلاده ولا للرأي العام، وأن هناك قضايا أكثر أهمية، وأكثر إلحاحا للتعامل معها كإيران مثلاً، ولكن على الرغم من ذلك، يجب أن يكون هناك تقدم حقيقي نحو اتفاق مع الفلسطينيين ليصبح بالمستطاع تعزيز التطبيع بين المملكة العربية السعودية وبقية العالم العربي، وإسرائيل".

يشار إلى أن اللقاءات الفلسطينية الأميركية توقفت بشكل كامل يوم 6 كانون الأول 2017 بعد اعتراف الرئيس الأميركي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ورفض القيادة الفلسطينية لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بينس يوم 20 كانون الثاني 2018 في إطار زيارته للقدس أو لقاء وزير الخارجية الأميركية الجديد مايك بومبيو في زيارته الأخيرة لتل أبيب يوم 29 نيسان 2018.