كُتّاب الموقع
إسرائيل القوة الكبرى في الشرق الأوسط تصبح في مركز الحدث

العرب اللندنية

السبت 2 نيسان 2022

القمة التي عُقدت في صحراء النقب جنوب إسرائيل وجمعت وزراء خارجية أربع دول عربية هي الإمارات ومصر والمغرب والبحرين ونظيريهم الإسرائيلي والأميركي تعكس الأهمية التي باتت تمثلها تل أبيب كقوة كبرى في الشرق الأوسط سواء عسكريا أو سياسيا، لما تحظى به من نفوذ في واشنطن.
 
بعث الاجتماع الذي عقدته إسرائيل والولايات المتحدة مع 4 دول عربية هي الإمارات ومصر والبحرين والمغرب في صحراء النقب هذا الأسبوع برسائل مفادها أن إسرائيل التي تعد قوة كبرى في الشرق الأوسط قد أصبحت في مركز الحدث.
 
فتل أبيب بقوتها العسكرية وتأثيرها في الولايات المتحدة تعد مفتاح أمن الخليج الذي يواجه تهديدات متزايدة من إيران ووكلائها على غرار المتمردين الحوثيين في اليمن، علاوة على أنها قد تدفع إلى انخراط عسكري أميركي جديد في المنطقة.
 
عودة الاهتمام بالمنطقة
 
أعاد الاجتماع، الذي لم يشارك فيه الأردن والسودان اللذان اعترفا بإسرائيل، على ما يبدو الاهتمام بالشرق الأوسط، خاصة وأن الرسالة التي بعث بها هذا اللقاء تعكس قدرة المنطقة على ضمان أمنها رغم تهديدات إيران ووكلائها.
 
وقال جيمس دورسي، الخبير في قضايا الشرقين الأوسط والأدنى ، إن “الرسالة التي بعث بها الاجتماع تحمل ظاهريا وعدا بتخفيض التوتر الإقليمي، وبداية إعادة تنظيم بنية المنطقة الأمنية، وتصوّر قدرة الشرق الأوسط المتزايدة على الدفاع عن نفسه بشكل متزايد”.
 
وكان متابعون قد اعتبروا أن القمة تبعث إلى إيران رسائل مفادها أن هناك جبهة موحدة ضدها وأن الكثيرين في الشرق الأوسط غير راضين عن أداء واشنطن إزاء تهديدات طهران.
 
وجاءت هذه القمة بالتزامن مع تشكيك حلفاء واشنطن الرئيسيين، مثل إسرائيل والإمارات، في التزامات إدارة الرئيس جو بايدن تجاه المنطقة، وهم يستعدون لتداعيات الاتفاق النووي مع إيران والأزمة الأوكرانية.
 
وتنظر دول عربية، وخاصة الإمارات والسعودية، إلى الحرس الثوري الإيراني على أنه الخطر الأكبر؛ إذ يساعد فيلق القدس (وهو فرع في الحرس الثوري) إيران على نشر نفوذها في الشرق الأوسط من خلال وكلاء في اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
 
وواجهت السعودية والإمارات مؤخرا هجمات جديدة من قبل الحوثيين في اليمن قبل أن يعلن التحالف العربي الذي تقوده الرياض الثلاثاء وقفا لإطلاق النار في شهر رمضان خلال قمة لزعماء مجلس التعاون الخليجي التي تضم السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وعمان. لكن المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران رفضوا الانضمام إلى الاجتماع لأنه عُقد في الرياض.
 
وتسلط القمة الضوء على أهمية إسرائيل بالنسبة إلى الدول العربية من خلال حقيقة أن أول تجمع من هذا النوع عُقد في الدولة العبرية، وفي بيت ديفيد بن غوريون، المؤسس الأول لإسرائيل وأول رئيس وزراء لها.
 
وقال دورسي “من المؤكد أن الأزمة الأوكرانية أعادت أهمية الشرق الأوسط إلى الواجهة، سواء تعلق ذلك بتنويع إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا، أو بتأثير الشرق الأوسط على الأمن خارج حدوده، أو بالاستقرار في عصر التحدي والمعارضة مع صعود شبح أعمال الشغب بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية في مختلف دول الشرق الأوسط”.
 
وبدا الأمر كما لو أن وزراء الخارجية العرب الذين شاركوا في القمة يؤكدون على ضرورة تعزيز التحالف مع إسرائيل كقوة في الشرق الأوسط من خلال الموافقة على حضور اجتماع في منزل بن غوريون، الذي يُحمّله الفلسطينيون مسؤولية محنتهم.
 
وحرص العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إلى جانب السودان، على زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية يوم القمة بدلا من الانضمام إلى الاجتماع.
 
التأثير على واشنطن
 
إلى جانب أهمية إسرائيل كقوة عسكرية في المنطقة تسلط القمة الضوء على أهميتها باعتبارها أحد أكبر المؤثرين على قرار الإدارة الأميركية التي اختارت بعد صعود جو بايدن الانكفاء في عدة مناطق واتخذت قرارات من شأنها إطلاق يد إيران وميليشياتها مثل السعي لإحياء الاتفاق النووي بأي ثمن.
 
وقال دورسي “لا تكمن أهمية إسرائيل ببساطة في براعتها العسكرية والتكنولوجية وقدرتها واستعدادها -على عكس الولايات المتحدة- لمواجهة إيران في إيران نفسها وكذلك في سوريا والفضاء الإلكتروني فقط، وإنما أيضا في كونها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي يمكنها التباهي بامتلاك قاعدة شعبية كبيرة في الولايات المتحدة”، مضيفا “يعطي هذا إسرائيل نوعا من النفوذ في واشنطن لا يمكن تحقيقه بإنفاق الملايين من الدولارات على خدمات العلاقات العامة وشركات الضغط”.
 
وشدد دورسي على أن “هذا يعني أيضا أنه وسط احتمال تقليص الولايات المتحدة التزامها تجاه الشرق الأوسط، للتركيز بشكل أفضل على المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا في أعقاب غزو أوكرانيا، تظل إسرائيل هي الدولة الإقليمية الوحيدة التي ستحتفظ باهتمام واشنطن الكامل”.
 
وأوضح أنه “نتيجة لذلك من المرجح بشكل متزايد أن تلعب إسرائيل دورا -وقد فعلت ذلك في الكثير من الأحيان- في الأمن الإقليمي وفي العلاقات بين الولايات المتحدة ومختلف الدول العربية بشأن قضايا متعددة شملت مبيعات الأسلحة”.
 
وقال ديفيد ماكوفسكي، وهو مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن، “كان بن غوريون سيفخر بأن الدول العربية الرئيسية ترحب بإسرائيل مع تصور أن الولايات المتحدة منخرطة في تقليص عدد القوات في الشرق الأوسط… وهذا ما يزيد من أهميتها الإقليمية ويملأ هذا الفراغ ولو جزئيا”.