كُتّاب الموقع
معنى جديد للإعلام

سركيس أبوزيد

الأربعاء 25 نيسان 2018

بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيس كلية الإعلام، أعادتني إلى ذكريات شبابي إذ كنت طالباً فيها من العام 1970 إلى 1974. ماذا بقي في ذاكرتي ومن كليتي التي احتضنتني وعلمتني وخرجتني إلى حياة الإعلام والعمل؟ كيف كان الإعلام وأين أصبح الآن؟ ونحن في زمن متطور وإعلام فاعل بمتناول الجميع.


كانت الكلية طابقاً في كلية الآداب قرب الأونيسكو في بيروت ثم انتقلت إلى "فيلا" خاصة في المصيطبة والآن أصبح لها فرعين في الجامعة اللبنانية.


كانت الانطلاقة متواضعة لكنها طموحة، وبسرعة تطورت ورسخت وجودها الأكاديمي وأصبحت مختبراً لتخريج آلاف الإعلاميين في مجالات واختصاصات متنوعة. ولأنها حاضنة لأحلامي ولذكرياتي مازلت أتعاطف مع طلاب الكلية من خلال توفير إمكانية التدريب في المؤسسات الإعلامية التي عملت فيها لاحقاً تضامناً مع زملاء لم يتسنَ لهم إلا دراسة النظريات لعدم توفر التطبيق. أتذكر المعارك الانتخابية الطلابية التي خضتها في السنة الأولى الجامعية، واليوم تبدلت مواقع المنافسين حيث تبدلت الأدوار بين اليمين واليسار بسبب تغيّر التوازنات والأهواء.


بعض الزملاء رحلوا، وبعضهم غيّر مهنته، وآخرون يتبؤون أعلى المراكز الإعلامية، وكثيرون منهم مازلت التقي بهم كزملاء وأصدقاء، جمعنا الهم الإعلامي والطلابي رغم الاختلاف بالرأي والمواقع السياسية.


 أكثر ما أتذكره أن التركيز والاهتمام يومها كان منصباً على الصحافة المكتوبة الرائجة في ذلك الزمن، بينما الآن تغيرت وسائل الإعلام بشكل سريع، فالعالم دخل مرحلة جديدة من التطور التقني في ميدان الاعلام والاتصال من شأنه أن يحدث تغييراً عميقاً في عادات الناس وميولهم وخياراتهم ...


بعد مرور 50 سنة دخلنا في مرحلة جديدة تتمثل بحلول أجهزة جديدة متعددة الإختصاصات: تلفزيون وإنترنت وهاتف في آلة واحدة، مكان الأجهزة المعروفة. مما أدى الى توقف عدد من الصحف وقريباً سنشهد خروج أجهزة التلفزيون التقليدية من السوق، لتنضم الى أجهزة التلكس والآلة الكاتبة القديمة....إلخ
 حتى العمل المهني تبدل فالمندوب الصحافي أو «الجورنالجي»  ـــ تحول إلى «مدّون»، وأصبح الإعلام تواصليا وانتفى وجود الوسيط. وأصبح المرسل والمتلقي شخصا واحدا يتفاعل ويتواصل بحرية وشراكة مفتوحة. والوسيط أصبح شبكة متوفرة لكل انسان، فلكل فرد القدرة على بناء وسيلته، وهي أصبحت سهلة  المنال وغير مكلفة. وهكذا أصبحت الشبكة الوسيلة السريعة لإختصار الآكلاف و المسافات وكل مشاهد أو قارئ أصبح مدون وأضحى الإعلام الالكتروني مشوق وفعال وفوري ويضمن المشاركة بطرق ووسائل دينامية. وكل هذه التطورات التقنية سوف تنعكس على مناهج الإعلام وعمل الإعلاميين.


خمسون سنة مرت ويبقى الأمل مستمراً بالقدرة على مواكبة تطورات التواصل الإعلامي في زمن يصعب فيه التكيف السريع بين التقنيات والمفاهيم.


أبعد من الذكريات أطرح أسئلة على نفسي وعلى زملائي وعلى مستقبل كليتي، كيف نجدد رسالتنا ومهنتنا حتى نرافق التغيرات المتسارعة ونكون على مستوى تحديات العصر؟ كيف نعمل حتى نعمق شبكة التواصل بين الخريجين ليكونوا دعامة للكلية ولزملائهم الجدد؟ وذلك من أجل تجديد معارفنا وخبراتنا. على أن نعمل معاً من أجل إعطاء الإعلام الجديد معنى ونوعية ورسالة.



*هذه المقالة نُشرت في كتاب اليوبيل  الصادر عن كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية - كلّية الكلمة 1968-2018
*