كُتّاب الموقع
دوافع لقاءات القمّة بين "إسرائيل" ودول التطبيع

وسام أبو شمالة

الإثنين 28 آذار 2022

أعلن وزير خارجية العدو الإسرائيلي يائير لبيد أنه سيعقد لقاء قمّة في القدس المحتلة يجمعه مع وزراء خارجية الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب، هذا الأسبوع، وكان قد عُقد قبل أيام لقاء في مدينة شرم الشيخ المصرية جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس وزراء العدو نيفتالي بينيت، وأفاد بعض المصادر بانضمام وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى القمة بشكل غير معلن.
 
وكان وزير خارجية العدو قد زار الأردن والتقى الملك عبد الله الثاني قبل نحو أسبوعين.
 
وأجريت أول زيارة عسكرية رسمية إسرائيلية للمغرب بمشاركة قادة عسكريين من الطرفين، وتمّ التوقيع خلالها على مذكرة تفاهم للتعاون العسكري بينهما.
 
يبدو أن السياق العام لانعقاد لقاءات القمة الإسرائيلية مع قادة دول التطبيع العربي تأتي في إطار تطورات مختلفة، أبرزها تبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، وقرب التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، والخشية الإسرائيلية من تفجّر الأوضاع الميدانية في فلسطين المحتلة خلال شهر رمضان المبارك.
 
يبدو أن الأطراف الخليجيين، ولا سيما السعودية والإمارات، قرأوا الموقف الأميركي من الأزمة الروسية الأوكرانية على أنه يعكس تخلّيَ أميركا عن حليفها الأوكراني بداعي عدم رغبتها بالتورّط في الصراعات العسكرية الخارجية، على خلفيّة تجاربها المريرة تجاه غزو العراق وأفغانستان، ما يعني أن الموقف الأميركي نفسه سيتكرر، في حال تعرّضت الدولتان الخليجيتان لتهديد خارجي.
 
 لا تبتعد "إسرائيل" عن هذا التقدير، وقد عبّر العديد من الكتّاب الإسرائيليين القريبين من صنّاع القرار الإسرائيلي عن تخوّفات مشابهة تستدعي من "إسرائيل" أن تخطّط للاعتماد على نفسها في مواجهة أيّ حرب مقبلة.
 
تشترك "إسرائيل" مع الدولتين الخليجيتين في مواقف مشابهة تجاه إيران، وتسعى الدول الثلاث لعرقلة التوقيع على الاتفاق النووي في اللحظات الأخيرة، كما تتخوّف مصر والمغرب من زيادة نفوذ إيران في المنطقة بعد توقيع الاتفاق النوويّ معها.
 
 عبّرت الدولتان الخليجيتان عن مواقف عكست احتجاجهما على الفتور في العلاقات مع الولايات المتحدة منذ تولّي الرئيس الأميركيّ جو بايدن الرئاسة، ولا سيّما مواقف إدارته من ملف حقوق الإنسان، وقضية مقتل الصِحافي السعودي جمال خاشقجي، والحرب على اليمن، والقرار بعدم تصنيف جماعة أنصار الله اليمنية جماعة إرهابية، وعدم اكتراثها لهجمات جماعة أنصار الله اليمنية العسكرية ضد الأهداف السعودية والإماراتية، وعدم توفير الوسائل العسكرية للحماية من تلك الهجمات، وحتى لم تعبّر إدارة بايدن عن مواقف مساندة لهما، وعليه لم تعبّر الدولتان عن مواقف حاسمة تجاه إدانة روسيا، وامتنعت الإمارات عن التصويت في مشروع القرار المقدم لإدانة روسيا في مجلس الأمن الدولي، كما امتنعت السعودية عن الاستجابة للطلب الأميركي بزيادة إنتاج النفط، للحدّ من ارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية، ولم تنضم الدولتان إلى العقوبات الدولية على روسيا. ومن جهة "إسرائيل"، سعت الولايات المتحدة للضغط عليها للانضمام إلى العقوبات الدولية على روسيا، وحتى اللحظة عبّرت "إسرائيل" عن مواقف تدين الروس نظرياً، وتلعب دور الوساطة في موقف أقرب إلى الحياد الإيجابي.
 
تهدف "إسرائيل" إلى إقناع الإمارات بتركيب قواعد للإنذار المبكّر من الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية على أراضيها، ولكن الإمارات تخشى أن تؤدّي الخطوة إلى استفزاز أكبر لجارها الإيراني، ما يعني مزيداً من الهجمات العسكرية عليها، وفي المقابل تسعى الإمارات والسعودية للحصول على تقنيات الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي تمكّنهما من إحباط التهديدات الخارجية، وهو ما تتردّد "إسرائيل" في الاستجابة له، حفاظاً على تفوّقها العسكري، وخشية من انتقال تقنيات عسكرية إلى أطراف معادين، وعدم ثقتها باستقرار الأنظمة الخليجية.
 
تسعى مصر للحصول على مساعدات مالية من دولتي الإمارات والسعودية بعد التراجع الحاد في الاقتصاد المصري على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية، وتدرس مع "إسرائيل" فرص ضمّ تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسط والانعكاسات الاقتصادية لذلك على مصر و"إسرائيل".
 
تتطلع "إسرائيل" ودول التطبيع العربي، من خلال اللقاءات الأخيرة، إلى إيصال رسائل احتجاج وموقف مشترك إلى الولايات المتحدة، على سلوكها تجاه الحلفاء، واعتزامها التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، على أمل عرقلته وإحباطه، وتنسيق المواقف تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية وتبعاتها السياسية والاقتصادية، وتريد "إسرائيل" أن تثبّت نفسها كرأس حربة في مواجهة التهديد الإيراني، وتعزيز التحالف مع دول التطبيع العربي، كما تسعى للتنسيق مع الأطراف لتجاوز مرحلة شهر رمضان المبارك، والحدّ من مخاطر اندلاع مواجهات شعبية وعسكرية.
 
 
المصدر: الميادين