كُتّاب الموقع
العالم يتّجه "مغمض العينين" نحو كارثة مناخية

العرب اللندنية

الأربعاء 23 آذار 2022

 بدأت 195 دولة الاثنين عملية المصادقة على تقرير حول السيناريوهات التي يمكن أن تساعد في الحدّ من ظاهرة احترار المناخ وآثارها المدمّرة على الكوكب، فيما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العالم يتّجه “مغمض العينين نحو كارثة مناخية”، مشيرا إلى أنه رغم “تدهور” الوضع، تواصل الاقتصادات الرئيسية زيادة انبعاثاتها من غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخي.
 
وبعد أكثر من قرن ونصف قرن من التنمية الاقتصادية باستخدام الوقود الأحفوري، اكتسب العالم حوالي 1.1 درجة مئوية في المتوسط مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، ما أدى إلى مضاعفة موجات الحرّ والجفاف والعواصف والفيضانات المدمرة.
 
وبعد مفاوضات مغلقة محتدمة عبر الإنترنت استمرت أسبوعين، تختتم الجولة الجديدة من مناقشات الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الرابع من أبريل بإصدار الجزء الأخير من ثلاثة تقارير، يفصل المعارف العلمية المتعلقة بالتغير المناخي.
 
وقال ستيفن كورنيليوس من الصندوق العالمي للطبيعة والمراقب في المفاوضات “سيرسم التقرير صورة قاتمة حول إدماننا الوقود الأحفوري”.
 
وقال غوتيريش في مؤتمر حول التنمية المستدامة نظمته “ذي إيكونوميست” في لندن الاثنين، إن الهدف المتمثل في حصر ارتفاع درجة الحرارة في 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف الأكثر طموحا لاتفاق باريس، في “وضع حرج”.
 
وأضاف غوتيريش في مقطع فيديو مسجل مسبقا، أن “المشكلة تتفاقم”، مشيرا إلى أنه في العام 2020 تسببت الكوارث المناخية بـ”نزوح 30 مليون شخص من منازلهم، أي ثلاث مرات عدد الأشخاص الذين نزحوا بسبب النزاعات”.
 
ووصف الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري بأنه “جنون”، قائلا “إدمان الوقود الأحفوري يقودنا نحو دمار جماعي”.
 
وتابع “الخبر السار هو أن كل حكومات مجموعة العشرين، بما فيها الصين واليابان وكوريا، وافقت على وقف تمويل المشاريع العاملة بالفحم في الخارج”.
 
وختم “يجب عليها الآن أن تقوم بالأمر نفسه في الداخل”.
 
وكان التقرير الأول الذي نشر في أغسطس 2021 سلط الضوء على تسارع الاحترار المناخي، متوقعا أن ارتفاع الحرارة بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية قد يحصل بحدود العام 2030 أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا.
 
وكان اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 نص على السعي إلى حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية كحدّ أمثل.
 
أما التقرير الثاني الصادر في نهاية فبراير والذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “موسوعة للمعاناة البشرية”، فقد رسم صورة قاتمة جدا للتداعيات الماضية والحاضرة والمستقبلية على سكان العالم والأنظمة البيئية، مشددا على أن التأخر في التحرك يخفض من فرص توافر “مستقبل قابل للعيش”.
 
أما الفصول السبعة عشر والآلاف من صفحات التقرير الثالث، فتتناول السيناريوهات الممكنة للجم الاحترار المناخي، مع عرض الاحتمالات في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والنقل والزراعة وغيرها، والتطرق إلى مسائل القبول الاجتماعي للتدابير المتخذة ودور التكنولوجيا مثل امتصاص الكربون وتخزينه.
 
وأوضحت الخبيرة في اقتصاد المناخ سيلين غيفارش التي شاركت في إعداد التقرير، “نحن نتحدث عن تحول واسع النطاق لكل الأنظمة الرئيسية: الطاقة والنقل والبنى التحتية والبناء والزراعة والغذاء”.
 
وأضافت أن تحولات كبرى يجب أن “تبدأ اعتبارا من الآن” إذا أردنا أن نكون قادرين على تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050، مشيرة إلى أن “الأوان لم يفت للتحرك” وتجنب الأسوأ.
 
وهذه التساؤلات التي تؤثر على تنظيم أساليب الحياة البشرية والاستهلاك والإنتاج، قد تثير مناقشات محتدمة خلال هذين الأسبوعين عندما تراجع الدول الـ195 سطرا بسطر وكلمة بكلمة “ملخص صناع القرار”، وهو التقرير العلمي الذي يضم الآلاف من الصفحات.
 
وقال ألدن ميير المحلل في مركز الأبحاث “إي3.جي”، “رسالة الهيئة بمجملها تفيد بأن العلم واضح للغاية وأن التداعيات ستكون مكلفة ومتزايدة، لكن لا يزال بإمكاننا أن نتجنب الأسوأ إذا تحركنا الآن. سيحدد هذا التقرير ما نحتاج إليه إذا ما كنا جديين في معالجة هذه المسألة”.
 
ويشدد ميير على أن التقرير الحالي “سيوفر معلومات مهمة تغذي النقاش الحاصل في أوروبا والولايات المتحدة بشأن التخلي عن الغاز والنفط الروسيين”. ويعرب عن أمله في أن تعطي الحرب الدائرة في أوكرانيا “على المدى الطويل دفعا أكبر للحاجة إلى التخلص من الغاز والنفط عموما”.
 
بدورها قالت كايسا كوسونين من غرينبيس “هذا تقرير حاسم ينشر في وقت حرج، فيما تقوم الدول والشركات والمستثمرون بإعادة وضع معايير لخططهم من أجل تسريع عملية التخلي عن الوقود الأحفوري والانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وأكثر مرونة”.
 
وأضافت “الآن أكثر من أي وقت مضى، يجب أن توفر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أدوات ملموسة وعملية للإنسانية التي تقف عند مفترق طرق”.
 
وتفيد الأمم المتحدة بأن الالتزامات الراهنة للدول ستؤدي إلى احترار “كارثي” يبلغ 2.7 درجة مئوية، لذا ينبغي على البلدان الموقعّة على اتفاق باريس أن تعزز أهدافها في مجال خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول مؤتمر الأطراف السابع والعشرين حول المناخ في نوفمبر في مصر.
 
وأشارت تارين فرانسن من معهد الموارد العالمية إلى أنه “مع أننا نعرف ما ينبغي القيام به منذ فترة طويلة” ولاسيما التخلي أولا عن مصادر الطاقة الأحفورية، فإن تحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس “لا يمر عبر سبيل واحد”. وأضافت “التقرير سيعرض سبلا مختلفة وعلى قادتنا بعد ذلك أن يعتمدوها” وفقا للظروف الوطنية المختلفة.
 
 
 
المصدر: العرب اللننية