كُتّاب الموقع
وزارة الخارجية في خدمة "هوكشتاين"؟

عبدالله قمح

الجمعة 28 كانون الثاني 2022

دارت وزارة الخارجية دورةً كاملة حول نفسها ثم عادت إلى النقطة ذاتها: إنتظار عودة الوسيط الدولي في ملف الترسيم عاموس هوكشتاين، الآخذ باعتماد لعبة ضرب المواعيد وطرحها على الطرف اللبناني. الآن، ما هي الإضافة الجديدة التي أنتجتها "بسترس" حتى بدت مُستنفرة إلى هذا الحد؟ لا شيء عملياً.
 
تعود الأسئلة الكبيرة إلى الواجهة: ما الجديد الذي يحمله هوكشتاين الذي قرّر العودة إلى لبنان في توقيتٍ "حامل" بالتطورات؟ لأخذ العلم، لقد سبق للوسيط الأميركي أن صرف النظر عن الزيارة قبل أسابيع مرتكزاً إلى اعتبارات تخصّ وزارة خارجية بلاده.
 
العودة بمفهومها الراهن، يُشتمّ منها رائحة رضوخ إلى الشروط الأميركية، من زاوية أن الشرط الذي ربط هوكشتاين عودته به، قام على تأمين توافق داخلي حول فكرة واحدة حيال ملف ترسيم الحدود البحرية، فهل أُنجز حتى تولّى الجانب اللبناني إشاعة أجواءٍ إيجابية حيال مبدأ العودة إلى المفاوضات، وما الذي قُدّم إليه حتى تداعى بهذا الشكل؟
 
من السابق لأوانه الحكم على الزيارة، لكن ثمة إشارات متعددة تحيل "الإندفاعة" اللبنانية إلى الشكّ في محتواها، فلغايته، ما ظهر أن شيئاً إيجابياً قد قُدّم من الجانب الأميركي حيال ملف الترسيم. بموازاة ذلك، يتطلّع الجانب الإسرائيلي إلى استئناف المفاوضات من نقطة الخطّ رقم 1 الذي يأكل كامل الـ860 كلم + 1400 إضافية تقع إلى الجنوب من الخطّ 23 المشابه من الناحية التقنية العرجاء، إلى وضعية الخطّ الاسرائيلي المرسوم خلافاً للقواعد المعمول بها في القضايا المماثلة. وبصرف النظر عن هول التقديمات اللبنانية مقارنةً بتلك المُنعدمة من الجانب الإسرائيلي، نعود ونكرر نفس السؤال: ما الذي ناله لبنان مقابل هذه الإندفاعة التي تصوّره مستميتاً في العودة إلى المفاوضات ولو على حسابه؟
 
نظرياً، وزارة الخارجية منصاعةٌ بالكامل إلى الإملاء والشرط الأميركي، بدليل أمرين: عدم تفرّغها للردّ على مضمون الرسالة الإسرائيلية المرفوعة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 23 الماضي، وتتضمّن إعلاناً إسرائيلياً حول السيادة الكاملة على المنطقة الواقعة ما بين الخطّين 1 و 23، وهو اعتداءٌ موصوف على الحقّ اللبناني، أقلّها المُعلن من جانبٍ رسمي يمثّله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب، ثم عدم اتّخاذها صفة الدفاع عن الحقوق اللبنانية بوجه الهجمة الإسرائيلية المتمثّلة بمنع شركات التنقيب الدولية من العمل ضمن المجال المذكور رغم فوزها بالمناقصات، والثاني نموذج ردٍّ مقترح ينام في درج وزير الخارجية . وفي معلومات "ليبانون ديبايت" أن وزارة الخارجية قامت وقبل فترة قصيرة بطلب رأي مجموعة من الوزارات المعنيّة بملف الترسيم، حيال طبيعة الردّ على مضمون الرسالة الإسرائيلية، ورغم أنها باتت في جوّ النتيجة، إلاّ أنها ما زالت تصرّ على أسر الرسالة وعدم رفعها إلى الأمم المتحدة!
 
إصرارُ "مكتب الوزير" على احتجاز الردّ، والذي يحمل صفة القبول عملياً بالإدعاء الإسرائيلي، بأن الخطّ رقم 1 واقع تحت سيادته، لا تبرير له سوى الرغبة في السير بمزيد من المماطلة وكما يُقال في الدارج لـ"تقطيع مرحلة زيارة هوكشتاين"، وهو ما تتقاطع معه مصادر رسمية بالقول إن "الأولوية اللبنانية الحالية هي انتظار قدوم هوكشتاين وسماع ما عنده قبل اتخاذ أي خطوة،" وهذا إنما ينمّ عن خشية من مفاعيل رفع الرسالة، على الرغم من أن أوساطاً أخرى ترى "فائدةً من تقديمها في هذا التوقيت، ما سيعزّز من احتمالات وصول هوكشتاين بأفكار جديدة". بموازاة ذلك، تردّ مصادر أخرى "التأخير في بسترس"، إلى الضغط الحاصل في مجموعة من الملفات!
 
 
المصدر: ليبانون ديبايت
 
الضغطُ المشار إليه وإن سلّمنا جدلاً بوجوده، يظهر أنه على صلة بانهماك الحكومة في إنجاز الردّ على "الورقة الخليجية"، الذي يبدو أنه يفوق بالنسبة إلى "الوزارة" ملف الترسيم. ففي مقابل إدراجه ضمن خانة "الأهمية المُطلقة" بالنسبة إلى الإقليم، يفتقر إلى هذا التوصيف على الجانب اللبناني و تتعاطى معه وزارة الخارجية على أنه "ملف ثانوي!"، إذ يبدو المستوى السياسي "عندنا" ممثلاً برئاسة الحكومة ووزارة الخارجية تحديداً، مهتماً أكثر بالردّ على مضمون الشروط الخليجية الواردة في الورقة التي سلّمها وزير الخارجية الكويتي قبل أسبوع إلى الجانب اللبناني، مشترطاً رداً على المضمون لا يتجاوز الـ5 أيام، وهو الشرط الذي لبّاه الجانب اللبناني بسرعةٍ فائقة وبدرجة حيطة قلّ نظيرها. وتفيد مصادر "ليبانون ديبايت" أن "مضمون الردّ المبدئي الذي سيحمله الوزير بو حبيب، إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت أُنجز، ولم يبق سوى بعض الرتوش"، ما يُظهر أن الوزارة تعاملت مع المهلة الخليجية بوصفها أولويةً لا يُعلى عليها ولا تفوقها أولويات، على عكس مضمون ورقة الإعتداء الإسرائيلي على السيادة اللبنانية والمُودعة لدى الأمم المتحدة، القابلة للدرس على قاعدة "ولم العجلة؟"دارت وزارة الخارجية دورةً كاملة حول نفسها ثم عادت إلى النقطة ذاتها: إنتظار عودة الوسيط الدولي في ملف الترسيم عاموس هوكشتاين، الآخذ باعتماد لعبة ضرب المواعيد وطرحها على الطرف اللبناني. الآن، ما هي الإضافة الجديدة التي أنتجتها "بسترس" حتى بدت مُستنفرة إلى هذا الحد؟ لا شيء عملياً.
 
تعود الأسئلة الكبيرة إلى الواجهة: ما الجديد الذي يحمله هوكشتاين الذي قرّر العودة إلى لبنان في توقيتٍ "حامل" بالتطورات؟ لأخذ العلم، لقد سبق للوسيط الأميركي أن صرف النظر عن الزيارة قبل أسابيع مرتكزاً إلى اعتبارات تخصّ وزارة خارجية بلاده.
 
 
 
العودة بمفهومها الراهن، يُشتمّ منها رائحة رضوخ إلى الشروط الأميركية، من زاوية أن الشرط الذي ربط هوكشتاين عودته به، قام على تأمين توافق داخلي حول فكرة واحدة حيال ملف ترسيم الحدود البحرية، فهل أُنجز حتى تولّى الجانب اللبناني إشاعة أجواءٍ إيجابية حيال مبدأ العودة إلى المفاوضات، وما الذي قُدّم إليه حتى تداعى بهذا الشكل؟
 
من السابق لأوانه الحكم على الزيارة، لكن ثمة إشارات متعددة تحيل "الإندفاعة" اللبنانية إلى الشكّ في محتواها، فلغايته، ما ظهر أن شيئاً إيجابياً قد قُدّم من الجانب الأميركي حيال ملف الترسيم. بموازاة ذلك، يتطلّع الجانب الإسرائيلي إلى استئناف المفاوضات من نقطة الخطّ رقم 1 الذي يأكل كامل الـ860 كلم + 1400 إضافية تقع إلى الجنوب من الخطّ 23 المشابه من الناحية التقنية العرجاء، إلى وضعية الخطّ الاسرائيلي المرسوم خلافاً للقواعد المعمول بها في القضايا المماثلة. وبصرف النظر عن هول التقديمات اللبنانية مقارنةً بتلك المُنعدمة من الجانب الإسرائيلي، نعود ونكرر نفس السؤال: ما الذي ناله لبنان مقابل هذه الإندفاعة التي تصوّره مستميتاً في العودة إلى المفاوضات ولو على حسابه؟
 
نظرياً، وزارة الخارجية منصاعةٌ بالكامل إلى الإملاء والشرط الأميركي، بدليل أمرين: عدم تفرّغها للردّ على مضمون الرسالة الإسرائيلية المرفوعة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 23 الماضي، وتتضمّن إعلاناً إسرائيلياً حول السيادة الكاملة على المنطقة الواقعة ما بين الخطّين 1 و 23، وهو اعتداءٌ موصوف على الحقّ اللبناني، أقلّها المُعلن من جانبٍ رسمي يمثّله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب، ثم عدم اتّخاذها صفة الدفاع عن الحقوق اللبنانية بوجه الهجمة الإسرائيلية المتمثّلة بمنع شركات التنقيب الدولية من العمل ضمن المجال المذكور رغم فوزها بالمناقصات، والثاني نموذج ردٍّ مقترح ينام في درج وزير الخارجية . وفي معلومات "ليبانون ديبايت" أن وزارة الخارجية قامت وقبل فترة قصيرة بطلب رأي مجموعة من الوزارات المعنيّة بملف الترسيم، حيال طبيعة الردّ على مضمون الرسالة الإسرائيلية، ورغم أنها باتت في جوّ النتيجة، إلاّ أنها ما زالت تصرّ على أسر الرسالة وعدم رفعها إلى الأمم المتحدة!
 
إصرارُ "مكتب الوزير" على احتجاز الردّ، والذي يحمل صفة القبول عملياً بالإدعاء الإسرائيلي، بأن الخطّ رقم 1 واقع تحت سيادته، لا تبرير له سوى الرغبة في السير بمزيد من المماطلة وكما يُقال في الدارج لـ"تقطيع مرحلة زيارة هوكشتاين"، وهو ما تتقاطع معه مصادر رسمية بالقول إن "الأولوية اللبنانية الحالية هي انتظار قدوم هوكشتاين وسماع ما عنده قبل اتخاذ أي خطوة،" وهذا إنما ينمّ عن خشية من مفاعيل رفع الرسالة، على الرغم من أن أوساطاً أخرى ترى "فائدةً من تقديمها في هذا التوقيت، ما سيعزّز من احتمالات وصول هوكشتاين بأفكار جديدة". بموازاة ذلك، تردّ مصادر أخرى "التأخير في بسترس"، إلى الضغط الحاصل في مجموعة من الملفات!
 
الضغطُ المشار إليه وإن سلّمنا جدلاً بوجوده، يظهر أنه على صلة بانهماك الحكومة في إنجاز الردّ على "الورقة الخليجية"، الذي يبدو أنه يفوق بالنسبة إلى "الوزارة" ملف الترسيم. ففي مقابل إدراجه ضمن خانة "الأهمية المُطلقة" بالنسبة إلى الإقليم، يفتقر إلى هذا التوصيف على الجانب اللبناني و تتعاطى معه وزارة الخارجية على أنه "ملف ثانوي!"، إذ يبدو المستوى السياسي "عندنا" ممثلاً برئاسة الحكومة ووزارة الخارجية تحديداً، مهتماً أكثر بالردّ على مضمون الشروط الخليجية الواردة في الورقة التي سلّمها وزير الخارجية الكويتي قبل أسبوع إلى الجانب اللبناني، مشترطاً رداً على المضمون لا يتجاوز الـ5 أيام، وهو الشرط الذي لبّاه الجانب اللبناني بسرعةٍ فائقة وبدرجة حيطة قلّ نظيرها. وتفيد مصادر "ليبانون ديبايت" أن "مضمون الردّ المبدئي الذي سيحمله الوزير بو حبيب، إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الكويت أُنجز، ولم يبق سوى بعض الرتوش"، ما يُظهر أن الوزارة تعاملت مع المهلة الخليجية بوصفها أولويةً لا يُعلى عليها ولا تفوقها أولويات، على عكس مضمون ورقة الإعتداء الإسرائيلي على السيادة اللبنانية والمُودعة لدى الأمم المتحدة، القابلة للدرس على قاعدة "ولم العجلة؟"