كُتّاب الموقع
أموال أفغانستان تبخّرت..كيف تجمّد الولايات المتحدة الحسابات وتصادر الأرصدة؟

بتول دياب

الجمعة 18 شباط 2022

تطال العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الدول والشخصيات والكيانات السياسية الأخرى وفي هذا السياق، تجمّد أرصدتهم البنكية، وقد تتصرف بجزء منها.
 
مؤخَّراً، وقّع الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمراً تنفيذياً يقضي بتجميد 3.5  مليار دولار من الأموال الأفغانية المحفوظة في الولايات المتحدة، كتعويض لضحايا أحداث 11 أيلول . كما تم الإفراج عن النصف الآخر من أصل المبلغ (7 مليار دولار)  لإنشاء صندوق ائتماني "لمصلحة الشعب الأفغاني". أدّت هذه الخطوة إلى استياء شديد في أفغانستان، وأحدثت أيضاً ضجة في المجتمع الدولي.
 
نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" رسماً كاريكاتورياً تنتقد فيه القرار الأميركي. ويُظهر الرسم أن واشنطن أكلت نصف الطعام الموجود في الطبق (الأفغاني)، في إشارة إلى استخدامها نصف الأموال لمصلحتها.
 
وقالت "غلوبال تايمز" إنه بعد أن جمّدت الولايات المتحدة أصول البنك المركزي الأفغاني العام الماضي، أعرب المجتمع الدولي عن قلقه على نطاق واسع، لأن واشنطن جمّدت في الماضي أصول دول أخرى، الأمر الذي أدّى إلى أزمات إنسانية.
 
وقالت الصحيفة إنه "لا يحق للولايات المتحدة التصرف، بصورة تعسفية، في الأصول الخارجية للدول الأخرى من خلال قانونها المحلي، سواء كان ذلك تجميداً أو توزيعاً مباشراً"، مؤكدة أن قرارت واشنطن تفتقر إلى الأساس القانوني والدافع الأخلاقي".
 
ما حجم الأموال التي تحتجزها الولايات المتحدة؟
 
 
بعد قرابة شهر من سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في أفغانستان، وانهيار السلطة التابعة للولايات المتحدة، قامت واشنطن بتجميد معظم أصول البنك المركزي، والبالغة 9.5 مليارات دولار، والتي يُحتفظ ببعضها في نيويورك، وفق صحيفة "إنسايدر".
 
وقال القائم بأعمال محافظ البنك المركزي الأفغاني، أجمل أحمدي، في وقت سابق، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن مخزوناً يبلغ نحو 7 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي كان يحتفظ به بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في حين تم إيداع 1.3 مليار دولار في حسابات دولية.
 
اتبعت الولايات المتحدة السياسة نفسها سابقاً تجاه إيران، بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، عبر تجميدها مليارات من الأصول الإيرانية (تشير عدد من التقديرات إلى 100 مليار دولار) . وتم رفع التجميد عن عدد منها، بالتدريج، لكن ما زال جزء كبير منها مجمَّداً حتى اليوم.
 
وعلى غرار قرار بايدن القاضي باستخدام نصف الأصول الأفغانية من أجل تعويض ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر، قامت واشنطن، خلال عام 2016، بمصادرة ملياري دولار من أرصدة إيران المجمَّدة في الولايات المتحدة من أجل تعويض أُسَر ضحايا "هجمات إرهابية" تزعم واشنطن أن إيران مسؤولة عنها. وأصدرت محكمة العدل الدولية، عام 2018، حكماً يجيز لإيران أن تباشر مساعيها الرامية لاستعادة هذه الأموال.
 
فنزويلا لم تسلم أيضاً من القرارات الأميركية التعسفية، إذ قامت الإدارة الأميركية، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بتجميد 342 مليون دولار، في حوزة البنك المركزي الفنزويلي في الولايات المتحدة، كجزء من العقوبات على الرئيس نيكولاس مادورو. كما أن بنك انجلترا احتجز ذهب فنزويلا بقيمة مليار دولار عام 2020م على الرغم من استكمال فنزويلا سداد قرضها.
 
تم وضع الأموال تحت سيطرة زعيم المعارضة، خوان غوايدو، والحكومة الموقتة التي أنشأها، لكن نقلها تطلب ترخيصاً من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لوزارة الخزانة الأميركية.
 
 في ليبيا، تستمر حكومات أجنبية في تجميد أموال تقدَّر بنحو 150 مليار دولار، كان الرئيس الأسبق معمر القذافي يسيطر عليها. وتطالب ليبيا حتى اليوم بتحريرها، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها.
 
ما هي الأسس القانونية التي تعتمدها واشنطن في حجز هذه الأموال؟
 
 
في الولايات المتحدة، تتم إدارة العقوبات وتنفيذها من جانب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، كجزء من جهود السياسة الخارجية والأمن القومي.
 
يوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أن إحدى الصلاحيات الممنوحة للرئيس الأميركي، بموجب قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA)، والذي وُقِّع عام 1977، من جانب الرئيس جيمي كارتر، هي سلطة مصادرة ممتلكات أي شخص أو كيان متورط في عداء مسلح مع الولايات المتحدة، أو متورط في هجوم ضدها.
 
يتم تنفيذ السيطرة على الأصول الأجنبية، بصورة أساسية، من خلال برامج العقوبات التي يُديرها مكتب (OFAC).
 
ويدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية برامجَ العقوبات هذه، من خلال نشر قائمة بالرعايا المعينين بصورة خاصة (SDNs)، والأشخاص المحظورين والذين تُحظر المعاملات الاقتصادية معهم. ويمكن أن يؤدي عدم الامتثال لحظر الأصول الذي يفرضه (OFAC)،أو تجميدها، إلى عقوبات مدنية وجنائية.
 
 يشكّك كثير من الحقوقيين في آلية المعالجة القانونية هذه، ويعتبرون أن القوانين المحلية لأيّ دولة لا يجب أن تسري على دول أو كيانات خارجة عن أراضيها، لكن القوة العسكرية والتحكُّم الأميركي في الاقتصاد العالمي، من خلال عملة الدولار، يمنحان الولايات المتحدة القدرة على حجز الأموال، أو معاقبة الدول، عبر حرمانها من ودائعها.
 
 
 
المصدر: الميادين