كُتّاب الموقع
نزاع الحجاب في الهند: أين منظمات حقوق الإنسان؟

شبانة مير

السبت 12 شباط 2022

أظهرت لقطات الفيديو المزعجة طالبات مسلمات في ولاية كارناتاكا أمام بوابة كليتهن المغلقة وهن يتوسلن إلى مديرهن للسماح لهن بدخول الحرم الجامعي، ما يسلط الضوء على المناخ الخطير الذي يواجه تلك الأقلية المحاصرة سياسيًا في الهند.
 
مُنعت الطالبات من حضور فصولهن الدراسية لارتدائهن غطاء الرأس أو غطاء الوجه، ومع عدم وجود دعم من حزب الحكومة بهاراتيا جاناتا برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، اتجهت الشابات إلى وسائل الإعلام للحديث عن قضيتهن، آملات في النهاية أن يتمكن من حضور اختباراتهن ومتابعة مستقبلهن المهني.
 
وبينما ارتفعت حدة الهجمات وخطاب الكراهية في السنوات الأخيرة من أفراد الأغلبية الهندوسية ضد المجتمعات غير الهندوسية، فإن هذا العنف لم يكن جديدًا، إذ يشكل المسلمون تهديدًا سياسيًا وديموغرافيًا خاصًا للقومية الهندوسية السائدة في الهند، فقد تعرض المسلمون في الهند للتهديد بالمذابح وهجوم الغوغاء الذين يجبرونهم على ترديد الشعارات الدينية الهندوسية والقومية الهندية، كما تعرضوا للضرب بوحشية والحرق أحياءً وخُربت مساجدهم.
 
وبينما كان الرجال الهدف التقليدي للإسلاموفوبيا في الهند، حيث هجمات مكافحة الإرهاب للشرطة وما يُسمى بمطاردات "جهاد الحب"، فقد بدأت المسلمات في التعرض للمضايقات بشكل متزايد.
 
فقد نشرت شبكات "حركة هندوتفا" وأتباعها منشورات لمزايدات علنية على الإنترنت يزعمون فيها بيع نساء مسلمات ويستخدمون شتائم مهينة، تعمل الكثير من النساء في وظائف ناجحة، لكن كما تقول الصحفية عصمت آرا "فإن المزايدين لا يرون إلا أننا نساء مسلمات يجب إهانتنا وإسكاتنا".
 
ولصدمتها، اكتشفت آرا أن المشتبه بهم في تلك الشبكات جميعهم من الشباب، أحدهم فتاة يتيمة بعمر الـ18، تقول آرا: "ما الذي يعبر أكثر من ذلك عن تعفن المجتمع اليوم؟".
 
لماذا أنتم هنا؟
 
 
ارتدى الشباب والشابات الهندوسيات أوشحة بلون الزعفران في الحرم الجامعي احتجاجًا على الحجاب، وحولوا القضية إلى معاملة بالمثل وادعوا أن النساء المسلمات ينتهكن الحقوق الهندوسية بارتدائهن الزي الإسلامي.
 
في الوقت نفسه، تشعر الطالبات المسلمات بالقلق من تأثير هذا الخلاف الطويل على درجاتهن، فقد صُعقن من تصاعد تلك الهجمات على هويتهن الدينية.
 
قالت بعض سلطات الكلية إنهم يعملون وفقًا لأوامر الحكومة، بينما زعم المسؤولون بلا أساس أن الحجاب ينتهك قوانين الزي الجامعي، بينما قال المعلقون الثائرون على وسائل التواصل الاجتماعي إنه بالسماح بارتداء الحجاب والبرقع في المؤسسات التعليمية، فسوف تفرض المسلمات الهنديات "حكم الشريعة" في البلاد.
 
انتشرت هيستريا الغوغاء - التي يرعاها القادة السياسيون في البلاد - من كارناتاكا إلى الولايات الأخرى، قال وزير التعليم في ولاية ماديا براديش مؤخرًا إن الحجاب سيُحظر في المدارس بتلك الولاية.
 
بينما اقترح براتاب سيمها - عضو هندوسي في البرلمان - دخول المسلمين الذين يرتدون ملابس دينية مميزة المدارس الإسلامية فقط، مضيفًا "الهند دولة هندوسية لا ينتمى إليها الإسلام"، وقال: "إذا كنتم مصرون على ممارسة الشريعة فقد أعطيناكم بلدًا مستقلًا عام 1947، فلماذا تبقون هنا؟".
 
بالنسبة للمسلمين في الهند، فجملة "اذهبوا إلى باكستان" ليست سخريةً جديدةً، لكنها ليست بريئةً أيضًا، فهي تذكر بأعمال الشغب المميتة مثل التي وقعت في غوجارات ودلهي.
 
محصورون في الزاوية
 
 
رُسمت خطوط القتال في المؤسسات التعليمية بين عشية وضحاها، ما حصر المسلمات في الزاوية، فقد أصبح انتماؤهن الديني هويتهن الأساسية، الذي يُستخدم لاستئصالهن من الجسد السياسي كالفيروس، أمر أحد المسؤولين في كارناتاكا النساء اللاتي يرتدين الحجاب بالتوقف عن حضور الكلية، وقال إنهن يلوثن الجو.
 
والآن أصبحت ملابس المسلمات إما فيروسًا يجب إزالته وإما قضية يجب مناصرتها، لقد أصبحت صنمًا وشيطانًا، فكما كتبت طالبة بعمر الـ19: "لقد قرأت على وسائل التواصل الاجتماعي عن التمييز الذي يواجهه المسلمون في البلاد، لكنني أعيشه الآن لأول مرة، لقد أدركت أنني مسلمة وأنني الشخص الذي يرتدي ملابس مختلفة، لم أكن أفكر في مثل هذه الأمور من قبل".
 
في هذا الأسبوع ظهر فيديو لفتاة مسلمة وحدها بملابس إسلامية تذهب إلى الكلية بينما يتبعها حشد من الشباب الهندوسي وهم يرتدون أوشحة بلون الزعفران ويهتفون نحوها بعنف، لكنها بدلًا من الهرب هتفت أمامهم "الله أكبر"، لقد احتُرمت لثباتها في وجههم.
 
ومع ذلك، فالجزء الأهم هو أن القلق بشأن المسلمات في الهند كان مقصورًا على المجتمعات المسلمة، يتساءل المرء عن حقوق الإنسان الغربية والناشطات اللاتي أُعجبن بالمحبوبة ملالا يوسف زاي، فصمتهم يقول إن قلقهم لا يمتد إلى المستقبل التعليمي للمسلمات في الهند، يبدو أنهم يقدمون العون للمسلمات فقط إذا كان الرجال المسلمون هم الظالمون.
 
 
 
المصدر: ميدل إيست آي - نون بوست