كُتّاب الموقع
خفايا أربعة لقاءات دبلوماسية في أروقة "الأستانة"

غسان سعود

الخميس 30 كانون لأول 2021

على هامش محادثات الأستانة بشأن الأزمة السورية، والتي عُقِدت في الـ21 والـ22 من كانون الأول/ديسمبر الماضيين في عاصمة كازاخستان، عُقد أكثر من لقاء دبلوماسي جانبي بين المشاركين الروس والسوريين والأتراك والإيرانيين والعراقيين والأردنيين واللبنانيين.
 
الدبلوماسية العراقية: وساطة عراقية في اليمن
 
 
في أحد هذه اللقاءات، عبّر سفير العراق في موسكو، عبد العزيز الحسيني، عن "شعوره" بأنه "يُراد لسوريا تقسيمها إلى قسمين"، وهو ما يُقلق العراق. وشرح الحسيني: المشكلة في منطقة الشمال وشرقي الفرات، والتي تسيطر عليها قوات "قسد" المدعومة أميركياً، أنها منطقة غنية بالنفط. وليس من عادة الأتراك أن يخرجوا من المناطق التي يدخلونها. فخلافاً للإيرانيين، الذين يعتمدون القوة الناعمة، تعتمد تركيا دائماً القوة العسكرية لتحقيق أهدافها.
 
وأشار السفير العراقي إلى الترحيب الكبير لبلده بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو ما يلقى حماسة جزائرية كبيرة. أمّا السعودية فلا تريد شيئاً في هذه المرحلة، بحسب الحسيني، غير "الاستقرار". وأكد، في هذا السياق، أن صداقة قديمة تجمع رئيس الوزراء العراقي وولي العهد السعودي، على نحو يمكن أن يفيد العراق وسوريا، بحيث لا بدّ من أن تتقاطع المصالح السعودية والعراقية والسورية والإيرانية عند انتزاع أغنى المناطق السورية من السيطرة الكردية، وإعادتها إلى سوريا، من أجل ضمان تعافيها. 
 
وأشار الحسيني إلى أن سوريا تمرّ في أوضاع صعبة اليوم، لكنها اقتربت من الانتقال إلى الأفضل. ولا شكّ في أن أوضاعها ستكون أفضل كثيراً خلال عام أو عامين. ويمكن للتطوّر أن يكون جنونياً وعمودياً، بحيث تنتقل من حالة إلى أخرى بسرعة كبيرة. وإذا كانت الإمارات انفتحت على سوريا، على نحو مستقل، فإن البحرين يستحيل أن تفعل ذلك من دون إشارة سعودية واضحة في هذا الخصوص.
 
وعن لبنان، قال سفير العراق في موسكو إن "استقرار لبنان خط أحمر"، ولا يزال هذا البلد لاعباً رئيساً، ولا يمكن لأحد من الأفرقاء الدوليين التفريط به. وذكّر بأنه كان سفيراً لبلده في فرنسا، ويعرف مكانة لبنان جيداً لدى الفرنسيين، مشيراً إلى أن الفيول العراقي، المموَّل من خارج الموازنة، إنما هو جزء من التزام دولي بشأن دعم لبنان ومنع انهياره.
 
أمّا أهمّ ما كشفه الدبلوماسي العراقي، فهو إشارته إلى نية عراقية في توسيع المبادرة الأخيرة التي قامت بها بغداد بين السعودية وإيران في الملف اليمني، لجهة نقل جرحى من حركة أنصار الله إلى لبنان أو إيران من أجل تلقّي العلاج اللازم، مشيراً إلى أن العراق كان أرضاً للخصام، وهو يتحوّل اليوم إلى أرض للمصالحة، وهو ما يمكن للبنان أن يؤديه أيضاً.
 
والخلاصة، بحسب السفير العراقي في موسكو، أن "الاتّجاه في المنطقة إيجابي"،  و"لا أعتقد أن (إسرائيل) ستضرب إيران لأنها ستخسر".
 
الدبلوماسية التركية: سنأخذ الحرب إليهم
 
 
وفي جلسة أخرى شارك فيها ممثل تركيا في مفاوضات الأستانة، سلجوق أونال، قال الأخير إن كلاً من روسيا والولايات المتحدة تدعم "قسد"، وفق طريقتها. وما زالت تركيا تعوّل على "مسيرة السلام في سوريا" المدعومة من المجتمع الدولي من أجل إلزام هذه المجموعة بالرضوخ لشروط السلام. أمّا إذا تَواصَلَ الهروب إلى الأمام، فإن تركيا ستحاربها: "تركيا وجيش سوريا سيقاتلانها"، "نحن في تركيا لن ننتظرهم، وإنما سنأخذ الحرب إليهم".
 
الدبلوماسية الإيرانية: انتعاش سوريا رهن المساعدة الدولية
 
 
وفي حضور كامل الوفد الإيراني، الذي يضم المدير العام للشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسنيان، قال ممثل إيران في محادثات الأستانة، علي أصغر خاجي، إن الموقف العربي تحسّن كثيراً فيما يخص الأزمة السورية، بحيث يؤيد الجميع اليوم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، باستثناء قطر. وأكد، في هذا السياق، أن السعودية ستوافق على الرغم من المقابلة الأخيرة السلبية جداً لمندوبها لدى الأمم المتحدة. وإذا كانت الولايات المتحدة "تتظاهر" بمواصلة التصعيد، فإنها لم تعد تأتي على ذكر "تغيير النظام". وهو ما يدفع إلى القول "لقد تحسَّنت الحالة، على نحو كبير، لمصلحة سوريا"، مجدداً التأكيد أن وزير الخارجية السوري قال لنظيره الإيراني، في زيارته الأخيرة، إن دمشق "ملتزمة أيَّ اتفاق مع المعارضة، لكن المعارضة تواصل تغيير مواقفها"، كاشفاً عن زيارة لبيدرسون إلى إيران في الـ15 من كانون الثاني/يناير المقبل.
 
وأشار إلى أن الأمم المتحدة لا تتصرف خارج تأثير الولايات المتحدة، و"لطالما دعمنا بيدرسون، لكنه ليس في الوسط، ولا على مسافة واحدة من الطرفين. ومع ذلك، يجب التعامل معهم".
 
ولفت ممثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى أن "الولايات المتحدة مَن تحكم المناطق السورية الغنية، وليس "قسد" أو غيرها"، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن الانتعاش الاقتصادي السوري مرتبط بالمساعدة الدولية أكثر من استعادة المناطق النفطية السورية، و"من دون هذه المساعدة الدولية تستحيل إعادة إعمار سوريا".
 
الدبلوماسية الروسية: "إسرائيل" تريد نشر قوات روسية عند الحدود اللبنانية - السورية
بدوره، قال الممثّل الشخصي للرئيس الروسي، ألكسندر لافرانتييف، في لقاء دبلوماسيّ جانبيّ، إن الحُكم الذاتي للكرد في سوريا، كما في الدول المجاورة، إنما هو مشروع أميركي. ولفت إلى أن التقارب السعودي الإيراني لا يزال في بداياته، ولم يتحقق الكثير بعد، ولا يمكن التفكير في حل من دون أخذ توازن المصالح في الاعتبار.
 
أمّا الأهم فهو تدخُّل أحد أعضاء الوفد الروسي، خلال اجتماعه بالسفير اللبناني، للقول عبر مترجمة للسفير اللبناني، إن الروس كانوا يُسيّرون دوريات عند الحدود السورية اللبنانية من الجانب السوري، وهذه الدوريات لقيت استحساناً إسرائيلياً. وفي الجولان المحتل، هناك خطّا "أ" و"ب"، ويستحيل ضمنهما مرور أسلحة تحت طائلة تدميرها (وهو ما تعتقده "إسرائيل" بطبيعة الحال) في ظل المراقبة الإسرائيلية الدائمة. لكنْ يتابع الجنرال الروسي حديثه إلى السفير اللبناني، ويقول "في كل مرة نزور "إسرائيل"، يسألوننا بصورة غير رسمية كيف يمكننا أن نساعدهم على إيقاف تهريب الأسلحة عبر الحدود السورية اللبنانية، مقترحين نشر قواتنا عند الحدود مع لبنان من الجانب السوري من أجل إيقاف مرور السلاح من سوريا إلى حزب الله". وفي ظل حرص الجنرال الروسي على عدم وجود أي نية روسية في التدخل في هذا الشأن، سأل السفير اللبناني عما إذا كانت هذه المعلومات الإسرائيلية عن تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان صحيحة! وحين طلب السفير تزويده بمعلومات موثَّقة بهذا الشأن، في حال وجودها، أكَّد الجنرال الروسي أنَّ ما سبق طلبٌ إسرائيليّ مُلِحّ، لكنهم يقولون إن معلوماتهم سرية، ولا يستطيعون تسليم أي "داتا".
 
 
 
المصدر: الميادين