كُتّاب الموقع
استمرار الغرب بالمماطلة لنهب الثروات الليبية

خاص بمؤسسة الدراسات

الإثنين 27 كانون لأول 2021

مرّ الرابع والعشرون من ديسمبر دون انتخابات في ليبيا، بينما لا يزال المجتمع الدولي يدير أسطوانته المشروخة، في بيع الوهم للشعب الليبي، دون مقاربة مع الواقع الحقيقي على الأرض، تماما كما هو الحال الآن. فالمجتمع الدولي يحلل الوضع الحالي وفق حساباته النفعية الخاصة ولو كانت ضد مبدأ الحل، ومن منطلق الصراعات والتجاذبات الدائرة بين القوى المتنافسة على الاستفادة من البلد الغني بثروات ضخمة وأهمية استراتيجية قصوى.
 
وفي السياق، قال رجل الأعمال الروسي، يفغيني بريغوجين، أن المجتمع الدولي ليس جمعية أو منظمة خيرية هدفها خدمة الشعوب المقهورة والمجتمعات المنكوبة، ولا يساعدون بدون مقابل، بل على العكس تماما، المسؤولون الأوروبيون والمنظمات الدولية ينهبون من الليبيين مليارات الدولارات، ويحشون دولارات النفط الليبي في جيوبهم. ضارباً مثالاً بستيفاني ويليامز، التي أكدت للجميع مؤخرًا أنها توقفت عن العمل في ليبيا وذهبت في إجازة، واشترت لنفسها، كما كتبت وسائل الإعلام، منزلًا في بوردو، واليوم تناضل مرة أخرى من أجل مستقبلها المالي، حسب قوله.
 
ومعلقاً حول سبب إلغاء الانتخابات الليبية،  قال بريغوجين أن الإنتخابات ألغيت لأن اللاعبين الدوليين، وخاصة الأمم المتحدة، يغيرون قواعد اللعبة إلى ما لا نهاية.
 
فالحقيقة هي أن هناك صراع عنيف يدور على أكثر من صعيد بين الدول المتداخلة في الأزمة الليبية والتي ينعكس تناقض مصالحها على طبيعة مواقفها من الفاعلين السياسيين والميدانيين في البلاد، فتركيا تريد نصيب الأسد، وإيطاليا تطمح إلى استرجاع تاريخ شاطئها الرابع، وبريطانيا تدير ملفات المال والاقتصاد والمؤسسات السيادية من تحت الطاولة، وفرنسا ترى في ليبيا مصلحة اقتصادية وامتدادا لأمنها القومي من داخل مستعمراتها السابقة، حتى الجزائر لا تريد لمصر أن يتوسع تأثيرها في طرابلس.
 
حديث المجتمع الدولي عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والمناداة بالعدالة والمساواة والتداول السلمي على الحكم، وإبداء الحرص على احترام إرادة الشعب الليبي ليست سوى شعارات في أسواق الكساد السياسي الأممي، بينما هناك واقع آخر يدور على الأرض من تجلياته التلاعب بمفهوم الشرعية والتمكين لبعض الشخصيات الفاقدة لأي حزام شعبي أو غطاء اجتماعي في مؤسسات الدولة، والصمت على جرائم الميليشيات والجماعات المسلحة منذ العام 2011، وارتباط الكثير من الدول بعلاقات مصلحية مع أمراء حرب متورطين في جرائم لا تسقط بالتقادم، واحتضانها لأموال ضخمة تم نهبها من داخل ليبيا، ودفاع بعض الحكومات وخاصة الغربية، التي تتبنى مكافحة الفساد في بلدانها عن مسؤولين كبار يمارسون الفساد على نطاق واسع في ليبيا.
 
وحول الشخصيات الموجودة في الساحة السياسية الليبي نوه رجل الأعمال الى أن من سيتحكم في الوضع السياسي في ليبيا، أولئك الذين كانوا في اجتماع بنغازي في 21 ديسمبر، مشيراً إلى كلٍ من خليفة حفتر، أحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، مؤكداً على أن هذا الأخير هو الشخص الوحيد القادر على التحكم بالمليشيات في الغرب الليبي من البلاد.
 
من جهة أخرى، هناك حكومات إقليمية ودولية تعتقد أن علاقات تربطها مع أمراء الحرب قد تكون أجدر بكثير من علاقات مع المسؤولين السياسيين، فأمراء الحرب أثبتوا على الأقل أنهم باقون في مواقعهم، وغير معنيون بالتحولات سواء في المشهد السياسي أو في إطار السلطة التنفيذية، فقد تذهب حكومة وتأتي أخرى، ولكن قائد الميليشيا محافظ على مكانه ومكانته.
 
 
على المجتمع الدولي أن يعترف بفشله في ليبيا، وأن يكفّ عن تصدير الأوهام، فمنذ أكثر من عام ونحن نتحدث عن الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 كمحطة لتتويج مشروع الحل السياسي، وكفرصة لإعادة تأسيس الدولة الليبية بالتزامن مع الذكرى السبعين لاستقلالها، ولكن لا شيء من ذلك حدث.