كُتّاب الموقع
أي مصير للعالم مع ارتفاع حرارة الأرض بدرجة ونصف مئوية أو درجتين؟

العرب اللندنية

الإثنين 8 تشرين الثاني 2021

 تتزايد مخاطر الوصول إلى “نقطة التحول” التي تتجاوز عندها نظم الأرض عتبة تنطلق فيها تداعيات متعاقبة أو لا رجوع عنها، مع ارتفاع درجة حرارة العالم، في حين يظل توقيت الوصول إلى هذه النقطة على وجه التحديد غير مؤكد.
 
وارتفعت درجة حرارة كوكب الأرض حوالي 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. وزادت الحرارة في كل عقد من العقود الأربعة الأخيرة عما كانت عليه في أي عقد منذ العام 1850.
 
وقالت دانييلا جاكوب خبيرة المناخ بألمانيا “لم نشهد مثل هذا الارتفاع في الحرارة العالمية خلال بضعة عقود. ونصف درجة تعني ظواهر طقس أشد تطرفا بكثير ويمكن أن تكون أكثر تكرارا وأشد حدة وأطول أمدا”.
 
وفي العام الحالي أغرقت الأمطار الغزيرة الصين وغرب أوروبا وتسببت في مصرع المئات. وسقط مئات آخرون قتلى عندما وصلت درجات الحرارة في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ إلى مستويات قياسية. وشهدت غرينلاند ذوبان كتل جليدية هائلة وأحدثت حرائق الغابات خسائر كبيرة في منطقة البحر المتوسط وفي سيبيريا وأصاب جفاف لم يسبق له مثيل مناطق في البرازيل.
 
ويحذّر العلماء من أن تجاوز حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة إلى نحو درجتين وأكثر يمثل مجازفة بإطلاق تداعيات أشد قسوة في التغير المناخي على البشر والحياة البرية والنظم البيئية. ويستلزم الحيلولة دون ذلك تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى النصف تقريبا بحلول 2030 عن مستواها في 2010، وخفضها إلى الصافي الصفري بحلول 2050، وهي مهمة طموحة يتناقش العلماء وأرباب قطاع التمويل والمفاوضون والناشطون في قمة المناخ كوب – 26 في كيفية تحقيقها وتمويلها.
 
لكن ما هو الفرق بين 1.5 درجة مئوية ودرجتين في ارتفاع حرارة كوكب الأرض؟
 
تقول سونيا سينيفيراتني خبيرة المناخ في جامعة إي.تي.أتش في زوريخ “مقابل كل زيادة في درجة الحرارة تزداد ضخامة التغيرات في الظواهر المتطرفة”.
 
وعلى سبيل المثال ستتكرر موجات الحر بوتيرة أسرع وستكون أشد حدة، إذ تقول هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ إن موجة الحر الشديد المتطرفة التي كانت تحدث مرة كل عقد في مناخ لا تأثير فيه للعنصر البشري ستتكرر 4.1 مرة كل عقد عند بلوغ الزيادة في درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية، و5.6 مرة إذ بلغت الزيادة درجتين مئويتين.
 
وإذا حدث وقفزت الزيادة إلى أربع درجات مئوية فستتكرر هذه الموجة 9.4 مرة خلال العقد الواحد. كما أن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي يمكن أن يؤدي إلى زيادة الرطوبة في الجو، مما يفضي إلى المزيد من الأمطار شديدة الغزارة ويزيد مخاطر حدوث الفيضانات والسيول. كما أنه يزيد مخاطر تبخر المياه مما يؤدي إلى المزيد من موجات الجفاف المتطرفة.
 
ويعد الفارق بين 1.5 درجة ودرجتين مئويتين في غاية الأهمية أيضا لمحيطات الأرض ومناطق الجليد فيها.
 
ويقول عالم المناخ مايكل مان بجامعة ولاية بنسلفانيا “عند 1.5 درجة الفرصة كبيرة لنتمكن من الحيلولة دون انهيار الغطاء الجليدي في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية”.
 
وسيسهم ذلك في الحد من ارتفاع منسوب البحار ليقتصر على بضع أقدام بنهاية القرن الحالي، رغم أن ذلك يمثل تغيرا كبيرا سيؤدي إلى تآكل مناطق ساحلية وإغراق بعض الدول الصغيرة القائمة على جزر ومدن ساحلية.
 
لكن مان أكد أن تجاوز درجتين مئويتين سيؤدي إلى انهيار الغطاء الجليدي وارتفاع منسوب البحار بما يصل إلى عشرة أمتار، رغم أن الوتيرة التي قد يحدث بها ذلك غير مؤكدة.
 
ومن شأن زيادة الحرارة 1.5 درجة مئوية أن تدمر ما لا يقل عن 70 في المئة من الشعاب المرجانية، لكن زيادة بواقع درجتين ستؤدي إلى فقدان أكثر من 99 في المئة منها. ومن شأن ذلك القضاء على بيئات نمو الأسماك والمجتمعات البشرية التي تعتمد على الشعاب في الحصول على غذائها وأرزاقها. وبالتالي ستكون لارتفاع الحرارة درجتين مقارنة مع 1.5 درجة مئوية تداعيات أكبر على إنتاج الغذاء.
 
وبناء على ذلك، يحذر سايمون لويس عالم المناخ بجامعة لندن من أنه “إذا حدث فقدان للمحاصيل في بعض المناطق التي تعد سلال الغذاء للعالم في وقت واحد، فسوف تشهدون زيادات متطرفة في أسعار الغذاء وجوعا ومجاعة في قطاعات واسعة من العالم”.
 
وقد يؤدي ارتفاع درجة حرارة العالم إلى انتشار البعوض الذي ينقل أمراضا مثل الملاريا وحمى الضنك في مناطق أوسع، غير أن زيادة الحرارة درجتين مئويتين ستؤدي إلى فقدان نسبة أكبر من الحشرات والحيوانات لمعظم مواطنها الطبيعية بالمقارنة مع زيادة بواقع 1.5 درجة فقط، ومن شأن ذلك أيضا أن يؤدي إلى زيادة مخاطر حرائق الغابات بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر للحياة البرية.
 
ومن الممكن أن تؤدي موجات الجفاف وقلة الأمطار واستمرار تدمير غابات الأمازون من خلال التصحر على سبيل المثال، إلى انهيار نظام الغابات المطيرة وإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بدلا من امتصاصه وتخزينه، أو أن يتسبب ارتفاع درجة حرارة الجليد في الدائرة القطبية الشمالية في تحلل الكتلة الحيوية المتجمدة منذ عصور بعيدة وإطلاق كمية هائلة من الانبعاثات الكربونية.
 
لكن التعهدات المناخية التي قدمتها الدول قد تدفع العالم إلى زيادة قدرها 2.7 درجة مئوية، مما ينذر بأضرار أشد خطورة من تلك التي يسببها ارتفاع درجات حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية أو درجتين.
 
ويقول علماء إن ذلك سيؤدي إلى حر لا يطاق في بعض أوقات العام في مختلف أنحاء المناطق المدارية وشبه المدارية. وسيتعرض التنوع الحيوي لاستنزاف هائل وسيتراجع الأمن الغذائي وستفوق ظواهر الطقس المتطرفة إمكانيات معظم البنية التحتية اللازمة لاستيعابها في المناطق الحضرية.
 
 
 
المصدر: العرب اللندنية