كُتّاب الموقع
واشنطن تنافس بكين على النفوذ وتدعمها اقتصاديا!

العرب اللندنية

الخميس 28 تشرين الأول 2021

ترى الولايات المتحدة في السياسات التي تتبناها الصين تهديدا حقيقيا لها ونفوذا متزايدا ترغب في وضع حدّ سريع له، حفاظا على هيمنتها الفردية على العالم، لكنها في المقابل تدعم بكين اقتصاديا من خلال فتح أسواقها لسلعها، وهو ما دفع محللين أميركيين ومن بينهم لورانس كاديش إلى التساؤل: لماذا تمول الولايات المتحدة آلة الحرب الصينية؟
 
ويقول الباحث الأميركي كاديش، وهو عضو مجلس إدارة معهد جيتستون، “إن المؤرخين الذين درسوا انحدار وسقوط الإمبراطوريات الحديثة الكبرى يجب أن يكونوا قلقين هذه الأيام”.
 
ويضيف الرئيس المؤسس للجنة الأمن والسلام في الشرق الأوسط وشبكة معلومات الشرق الأوسط الأميركية، في تقرير نشره معهد جيتستون، أن الكثيرين سجلوا كيف فقدت الصين التي كانت ذات يوم قوية، سيادتها لصالح القوى الاستعمارية خلال السنوات الأولى من القرن العشرين. فقد اكتسح تحالف أوروبي من الدول إمبراطوريتها الضعيفة وجيشها المتواضع ليجد أن الصين ستصبح الجائزة الدموية للجنرالات اليابانيين، الذين مارست قواتهم الاغتصاب والقتل في طريقهم إلى بكين.
 
وقد لا يتذكر الغرب هذا “العرض الجانبي” للحرب العالمية الثانية، ولا يزال العديد من اليابانيين يرفضون الاعتراف بإرثهم، ولكن الصينيين يتذكرون.
 
إنهم يتذكرون وهم يستخدمون في الطيران أحدث جيل من المقاتلات الشبح. إنهم يتذكرون وهم يبنون 100 منشأة إضافية لإطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. إنهم يتذكرون وهم ينشئون جزرا اصطناعية في المحيط الهادئ لإيواء الصواريخ القادرة على استهداف حاملات الطائرات الأميركية.
 
إنهم يتذكرون وهم يختبرون صواريخ كروز الأسرع من الصوت. إنهم يتذكرون وهم يطلقون صواريخ أسرع من الصوت يمكنها الدوران حول الأرض، وتحمل رأسا حربيا نوويا، وتبقى معلقة في مدار منخفض إلى حين اتخاذ قرار بالضرب. إنهم يتذكرون وهم يطلقون بعثات فضائية مأهولة لإنشاء محطة فضائية مدارية قد تكون قادرة على القيام بنشاط عسكري.
 
ويتساءل كاديش: كيف أصبح الصينيون يمتلكون مثل هذه البراعة؟
 
ويجيب “لقد أصبحنا مستهلكين أساسيين لسلعهم من ألعاب الأطفال والأدوات المنزلية إلى الأدوية وتكنولوجيا الهواتف الذكية. لقد رحبنا بتجارتهم بطريقة سيجدها مؤرخو المستقبل غير قابلة للتفسير، تماما كما نفعل الآن عندما ننظر إلى شركات مثل ‘آي.بي.أم’ و ‘فورد’، قامت بأعمال تجارية مزدهرة مع النازيين عشية الحرب العالمية الثانية”.
 
وعموما، لم يكن الأمر يتعلق بأيديولوجية بغيضة، لكن كان عملا تجاريا فقط وكما يقول رجال الأعمال اليوم “إذا استمرت واشنطن في السماح بذلك، فسوف يستمرون في القيام بعملهم. لكننا اليوم نتعامل مع بلد أكثر ثراء وعدوانية بكثير من خصوم واشنطن السابقين”.
 
ويضيف كاديش “كمستهلكين للسلع صينية الصنع ومستثمرين في المنتجات صينية الصنع، فإننا نقوم بتمويل الجيش الصيني علنا. ولم تخف القيادة الصينية خططها للتفوق على الولايات المتحدة من الناحية التكنولوجية والاقتصادية والعسكرية، حتى من خلال ‘الحرب غير المقيدة’ إذا لزم الأمر. وبالنسبة للولايات المتحدة غير المبالية بالآثار الاستراتيجية، فإننا قمنا بضخ تريليونات الدولارات في الاقتصاد الصيني، بينما ساعدنا بشكل خطير على تآكل قاعدتنا الصناعية”.
 
وقال المحلل الأميركي “كان يتعين على الولايات المتحدة أن تكون المصّدر وليس المستورد. لا ينبغي أن تكون هناك سلع من الصين تنتظر الهبوط على أراضينا، ولا عائدات من واشنطن تتدفق إلى خزائن الحزب الشيوعي الصيني”.
 
ويوضح أن الصينيين يعرفون تاريخهم وهم يعرفون أيضا أن هناك دولة ديمقراطية (الولايات المتحدة) يضعف اقتصادها بسبب جائحة كوفيد – 19، وتنفق ميزانية بمليارات الدولارات من شأنها أن تغرقهم في ديون تاريخية، دولة تخضع تحت قيادة وطنية ربما تكون في حالة من الضعف، وجيش شعر بالإذلال عندما يأمره قائده الأعلى بالخروج من ساحة المعركة الأفغانية.
 
ويضيف “إن الصينيين يعرفون كيف يستخدمون القوة، ويكتشفون الضعف، ويؤكدون هيمنتهم القوية والمتزايدة على حساب الآخرين. إنهم ينظرون إلى القرن الماضي على أنه فترة إذلال. وهم ينوون، من أعمالهم وأعمالنا، أن يجعلوا من هذه الحقبة قرنا من الإذلال لأمة أخرى. ويمكن بسهولة تأكيد قوتهم الاقتصادية والعسكرية الحالية والمتزايدة بتمويل من الشركات الأميركية”.
 
ويؤكد “لا يكفي أن نرفع أيدينا في وجه خصم لا هوادة فيه. ويتعين على واشنطن أن تركز على أعمالها وأن تقدم الحوافز المناسبة والضرورية لتوسيع قاعدة التصنيع التي كانت هائلة هنا في الولايات المتحدة”.
 
ويضيف أن “الولايات المتحدة لديها الوسائل والمهارات والموارد اللازمة للعودة إلى دورها كمصّدر هائل، ولكن هذا سوف يتطلب منها أيضا ترتيب بيتها الاقتصادي وتجميد سقف ديونها. إن الاقتصاد الذي يقف على شفا ديون ذاتية تبلغ قيمتها عدة تريليونات من الدولارات يجعل الولايات المتحدة عرضة للانهيار المالي. وسوف يكون الانضباط المالي مطلوبا إذا كانت ترغب بالفعل في وقف تمويلها لآلة الحرب الصينية”.
 
لكنه يتساءل “هل الولايات المتحدة، التي نادرا ما يفكر مواطنوها في تاريخهم الاستثنائي، تتمتع بالقوة والالتزام والشجاعة لكتابة نهاية مختلفة لفصل من التاريخ تكتبه حاليا جمهورية الصين الشعبية؟”.
 
 
 
المصدر: العرب اللندنية