كُتّاب الموقع
سباق الأسلحة فرط الصوتية يضع أمن العالم على المحك

العرب اللندنية

الخميس 7 تشرين الأول 2021

تعمل خمس دول على الأقل على تطوير صواريخ فرط صوتية، معتمدة أحدث التقنيات التي قد تجعل الأنظمة المصممة لاعتراض الصواريخ عاجزة عن اكتشافها، وتقود روسيا هذه الدول، وتعقبها الصين ثم الولايات المتحدة.
 
والأسبوع الماضي، أثار اختبار كوريا الشمالية صاروخا فرط صوتي مخاوف جديدة حيال السباق المحموم للحصول على أحدث تكنولوجيات الأسلحة التي قد تزعزع الاستقرار النووي العالمي. وتعمقت هذه المخاوف مع إعلان روسيا الاثنين أنها اختبرت صاروخا فرط صوتي، أطلقته لأول مرة من غواصة كانت في الأعماق.
 
منافسة ساخنة
 
اختبرت كل من روسيا والصين والولايات المتحدة وأخيرا كوريا الشمالية صواريخ فرط صوتية. أما فرنسا وألمانيا وأستراليا والهند واليابان فتعمل على تطوير الصواريخ فرط الصوتية.
 
وحسب تقرير صدر مؤخرا عن خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي، أجرت إيران وإسرائيل وكوريا الجنوبية أبحاثا أساسية بشأن هذه التقنية.
 
وتعد روسيا الأكثر تقدّما في هذا المجال. وأعلنت موسكو الاثنين أنها أطلقت صاروخي “زيركون” فرط صوتية من الغواصة النووية “سيفيرودفينسك”.
 
وضرب الأول، عندما كانت الغواصة على السطح، بنجاح هدفا ضمن الاختبار في بحر بارنتس. وأطلق الثاني بينما كانت الغواصة في عمق 40 مترا تحت سطح الماء.
 
كما تعمل الصين جاهدة على تطوير التقنية، التي ترى أنها أساسية لحمايتها من التقدّم الذي حققته الولايات المتحدة في مجال الصواريخ فرط الصوتية وتقنيات أخرى، بحسب تقرير خدمة الأبحاث.
 
وجاء في التقرير أن الصين وروسيا “أظهرتا على الأرجح إمكانيات تشغيلية” باستخدام مركبات انزلاقية ذات سرعات فرط صوتية.
 
وذكر تقرير للحكومة أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وضعت برنامجا مكثفا لتطويرها، إذ تخطط لإجراء ما يصل إلى 40 اختبارا خلال السنوات الخمس المقبلة.
 
واختبر البنتاغون صاروخا مدفوعا بمحرّك نفاث فرط صوتي الأسبوع الماضي، واصفا إياه بـ”استعراض ناجح للإمكانيات التي ستجعل من صواريخ كروز فرط الصوتية أداة فعالة للغاية بالنسبة لمقاتلينا”.
 
وأما بالنسبة لكوريا الشمالية، فيشي إعلانها عن الاختبار بأن الطريق ما زال طويلا، إذ ركّز الاختبار على “القدرة على المناورة” و”ميزات التحليق”.
 
واعتبرت كوريا الشمالية أن نجاح التجربة التي أجريت الأسبوع الماضي لإطلاق صاروخ فرط صوتي “ذو أهمية استراتيجية كبيرة” لأنّها تسعى لزيادة قدراتها الدفاعية “ألف ضعف”.
 
وجاء في بيان للجيشين الكوري الجنوبي والأميركي أنه “بناء على تقييم لميزات مثل السرعة، فإن الصاروخ في المرحلة الأولى من التطوير وسيستغرق نشره وقتا لا بأس به”.
 
وتدفع هذه التجارب المتنامية مؤخرا حول اكتساب هذه الصواريخ الحديثة إلى البحث في مميزات هذه التقنيات الجديدة، ومقارنتها بابتكارات تكنولوجية أخرى أحدثت ثورة في سباق التسلّح العالمي، ومازالت الدول الكبرى تندد بامتلاكها، رغم أنها تتسابق في السرّ وفي العلن للاستحواذ على أكبر عدد منها.
 
سرعة في بلوغ الهدف
 
تسعى الدول لحيازة الصواريخ فرط الصوتية نظرا لما تقدمه من قدرات عسكرية، إذ بإمكان هذه الصواريخ  التحليق بسرعة تتجاوز بخمس مرّات سرعة الصوت، ما يعني أن بإمكانها اجتياز ميل (1.6 كيلومتر) في ثانية واحدة، على غرار تلك الباليستية التقليدية القادرة على حمل أسلحة نووية. وقد تصل سرعتها إلى أكثر من 20 ماخ، ( أكثر بعشرين مرة من سرعة الصوت) مع تطور التجارب مستقبلا.
 
وفيما تحلّق الصواريخ الباليستية على ارتفاع عال وبشكل مقوّس لبلوغ هدفها، تحلّق تلك فرط الصوتية ضمن مسار منخفض في الجو، ما يعني أنها تبلغ الهدف بشكل أسرع.
 
والأهم هو أن الصاروخ فرط الصوتي قادر على المناورة (على غرار صاروخ كروز والذي يتميز بأنه دون سرعة الصوت وأبطأ بكثير)، وهو أمر يجعل تعقّبه واعتراضه أكثر صعوبة.
 
وبينما طوّرت دول مثل الولايات المتحدة أنظمة مصمّمة لاعتراض صواريخ كروز وتلك الباليستية، لا يزال من غير الواضح إن كانت قادرة عن تعقّب وإسقاط الصواريخ فرط الصوتية.
 
ويمكن استخدام الصواريخ فرط الصوتية لحمل رؤوس حربية تقليدية بشكل أسرع وأكثر دقة من الصواريخ الأخرى، لكن يمكن أن تزيد قدرتها على نقل أسلحة نووية التهديد، ما يرفع خطر اندلاع نزاع نووي.
 
ويحذّر محللون عسكريون من خطورة هذه الصواريخ التي قد تقود العالم بسهولة وفي أي لحظة نحو حرب تقضي على البشرية، فهذه الصواريخ التي تلهث لامتلاكها القوى العظمى، ستكون في حالة الخلافات السياسية والنزاعات أسرع من سرعة التفكير في أضرارها، في حين لم يتضح بعد إن كان بمقدور الدول ابتكار مضادات للصواريخ قادرة على مجاراة سرعة الصواريخ فرط الصوتية.
 
ويشير خبراء إلى أن الصواريخ القادرة على تجاوز سرعة الصوت بخمس مرات لن تقلب بالضرورة الميزان النووي العالمي، لكنها ستضيف طريقة جديدة لإيصالها تنضم إلى مجموعة القاذفات التقليدية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يتم إطلاقها من البر، والصواريخ الباليستية التي تطلقها الغواصات.
 
ويكمن الخطر الرئيسي في عدم القدرة على معرفة إن كان صاروخ العدو يحمل رأسا تقليديا أو نوويا.
 
وفي تأكيده على مدى جاذبية الصواريخ فرط الصوتية، أشار تقرير خدمة أبحاث الكونغرس إلى أن المنظومة الدفاعية الصاروخية التابعة للولايات المتحدة، غير كافية لكشف وتعقّب والرد على الصواريخ الأسرع من الصوت في الوقت المناسب.
 
ووصف خبير ضبط الأسلحة لدى جامعة “ستانفورد” كاميرون تريسي الصواريخ فرط الصوتية بالتقدم “التطوري”.
 
وأفاد بأن هذه الصواريخ “حتما لا تغيّر قواعد اللعبة. إنه سباق تسلّح.. هدفه في الدرجة الأولى إظهار أنك قادر على تطوير أي سلاح يمكن للآخرين تطويره”.
 
ويتمثّل الحل بالنسبة لتريسي في تضمين الصواريخ فرط الصوتية في المفاوضات الرامية إلى ضبط انتشار الأسلحة النووية، رغم أن كوريا الشمالية والصين غير منضويتين حاليا في أي اتفاقيات.
 
ولفت تريسي إلى أن “تطوير هذه الأسلحة، هذا السباق على الأسلحة فرط الصوتية، قد لا يمثّل وضعا يعد الأكثر استقرارا. لذا سيكون من الجيّد التحرّك بأسرع ما يمكن”.
 
 
 
المصدر: العرب اللندنية