كُتّاب الموقع
تغيير التاريخ لا يكفي أردوغان بل تغيير الجغرافيا أيضا

العرب اللندنية

الخميس 1 تموز 2021

أظهر إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المضي قدما في مشروع قناة إسطنبول، بالرغم من الانتقادات الموجهة إلى هذا المشروع وتأثيراته على البيئة، أنه مستمر في تغيير كل شيء في تركيا بدءا بالتاريخ وصولا إلى الجغرافيا لخدمة صورته وتنفيذ أفكاره.

وأكد أردوغان أن قناة إسطنبول المائية ستكون مشروعا لإنقاذ مستقبل المدينة، وستساهم بشكل كبير في حل مشكلات حركة السفن على البوسفور فضلا عن التأهب للزلازل.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان خلال مشاركته في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الأربعاء في العاصمة أنقرة.

وقال أردوغان “تركيا ستنفذ مشروع قناة إسطنبول كباقي المشاريع والأعمال الخدمية التي نفذت رغما عن حزب الشعب الجمهوري (المعارض)”.

وتقول الحكومة التركية إن المشروع يهدف إلى حماية النسيج التاريخي والثقافي لمضيق البوسفور وزيادة أمن الملاحة وحركة السفن فيه وتقليل الضغط عليه، وتشكيل ممر مائي دولي جديد، وإنه من المخطط إنشاء مدينة حديثة مقاومة للزلازل على ضفتي القناة وفق أسلوب العمارة الأفقي.

لكن مثل غيرها من مشروعات البنية التحتية الكبرى التي جرى الاضطلاع بها خلال حكم أردوغان المستمر منذ 18 عاما، تثير القناة انتقادات من أولئك الذين يقولون إنها ستتسبب في أضرار بيئية بالغة وتلوث موارد المياه العذبة حول المدينة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة.

ويعد عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو من حزب المعارضة الرئيسي من بين أشد منتقدي المشروع. وقال إن إنفاق الموارد على القناة بينما تكافح تركيا تفشي فايروس كورونا “محيّر للعقل”.

ويقول مراقبون أتراك إن أردوغان يعمل على تخليد اسمه بتنفيذ مشاريع كبرى بقطع النظر عن نتائجها ومدى فائدتها بالنسبة إلى الأتراك، مشيرين إلى تغيير معالم تاريخية مثل كنيسة آيا صوفيا وتحويلها إلى مسجد واللعب على المشاعر الدينية في ذلك، وكذلك بناء مسجد كبير في ساحة تقسيم في ذكرى احتجاجات 2013 في تحدّ للشباب والقوى المدافعة عن هوية تركيا العلمانية.

ولم يخف أردوغان، منذ صعوده إلى السلطة كرئيس وزراء في 2003، رغبته في الانقلاب على هوية الشعب التركي العلمانية المنفتحة وبناء هوية يسيطر عليها الفكر المحافظ والمتشدد، وتضمّنت خطاباته الكثير من المواقف التي سعت للانقلاب على قيم المجتمع من بينها معارضة الحق في الإجهاض وتناول الكحول واعتبار أن دور المرأة الأساسي هو الإنجاب.

وبذل الرئيس التركي كل ما في وسعه لإعادة ربط تركيا بتاريخ الامبراطورية العثمانية واتخاذ هذا التاريخ منصة للدخول في معارك مع دول الجوار العربي وأوروبا حالما باستعادة التمدد العثماني في سوريا والعراق وشمال أفريقيا ودول البلقان وآسيا الوسطى.

وضمن هذا المسار دعّم أردوغان المسلسلات التي يتم إعدادها بهدف التغني بالتاريخ العثماني وتبرير الغزو والمذابح التي طالت شعوبا في المنطقة خلال التاريخ الطويل لحكم القبائل التركية.

ويعبّر مراقبون عن اعتقادهم أن ما يهم أردوغان في مشروع قناة إسطنبول هو تقليد مشاريع أوروبية ناجحة والإيحاء بأن بلاده لا تقل قدرة على تنفيذ المشاريع العملاقة.

وقال الرئيس التركي “نرى أن هذا المشروع سيقدم مساهمة كبيرة في حل مشكلات إحدى أكبر مدن العالم وإنقاذ مستقبلها مثل حركة المرور في البوسفور والتأهب للزلازل”.

وأشار إلى أنه وضع حجر الأساس لأول جسور قناة إسطنبول، ليبدأ فعليا تنفيذ المشروع الذي أعلنه في السابع من أبريل 2011، بعد اكتمال مرحلة دراسة وإعداد المشروع في ضوء العلم والتقنية.

وذكر أن حكومته تهدف إلى استكمال المشروع في غضون ست سنوات ووضعه في الخدمة، مؤكدا أنها ستتوج عبر هذا المشروع العالمي الأعمال والخدمات التي قدمتها حكومات حزب العدالة والتنمية لتركيا خلال 19 عاما.

وستصل القناة بين بحر مرمرة والبحر الأسود بالشطر الأوروبي من إسطنبول، ويبلغ طولها 45 كلم، وعمقها 20.75 مترا، وعرض قاعدتها 275 مترا على الأقل.

 

المصدر: العرب اللندنية