كُتّاب الموقع
نقل مقار الحكومة إلى سرت بعيداً عن بلطجة الميليشيات

موقع المحلل

السبت 5 حزيران 2021

منذ أن منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة لممارسة مهامها والعمل يسير على قدم وساق وفق خارطة الطريق السياسية لإنهاء الازمة التي تعصف في البلاد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. ومن صعوبة تحقيق الأهداف التي تتطلب سنوات لإنجازها، وليس عشرة أشهر، بسبب ما دمرته سنوات الحرب الأهلية في جميع المجالات المعنوية والمادية، تقف الحكومة الآن أمام تحدٍ جدي يُعتبر نقطة تحول مفصلية في مسار الأحداث.
 
 
لا يخفى على أحد بأن العاصمة ومنذ عهد حكومة الوفاق الوطني تعيش في ظل سطوة ميليشيات إرهابية، أشارت إليها العديد من التقارير التابعة لمنظمة العفو الدولية، فمن السرقة والتهريب وخطف المدنيين وزعزعة الأمن وانتهاك حقوق الإنسان والمتاجرة بأرواح المهاجرين، خرجت مؤخراً في انقلاب على السلطة كما وصفه النشطاء المدنيون، وحاصرت مقر المجلس الرئاسي، متذمرة من تعيين مدير استخبارات جديد وصفته بالموالي للمشير خليفة حفتر، ومعترضة على مطالب وزيرة الخارجية باستعادة سيادة ليبيا وانسحاب تركيا ومرتزقتها من البلاد، الأمر الذي أنذر بعواقب وخيمة تنتظر الحكومة في المستقبل والتي من المحتمل أن تودي بالحل السياسي إلى الهاوية.
 
 
في تعليقه على الحادثة نبّه المحلل السياسي إبراهيم الفيتوري إلى أن تنظيم الإخوان يحاول منذ فترة افتعال الأزمات لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة نهاية العام بأي شكل، فبعد فشله في الضغط على أن يتم التصويت على الدستور أولا، افتعل أزمة وزير الدفاع لتعطيل المسيرة السياسية، حتى لا يصل إلى النقطة التي تخرجه من المشهد السياسي، ويحاول اللعب بالورقة الأخيرة التي يمتلكها قبل أن يفقد أذرعه التي يبطش بها، وهي المرتزقة والميليشيات والفوضى والفرقة بين القوات والمؤسسات الليبية.
 
 
من جانبه أشار الفيتوري إلى أن نقل مقر عمل المجلس الرئاسي إلى سرت قد يكون الحل الأنسب الآن حتى يستطيع العمل في أجواء مناسبة تجعله قادرا على اتخاذ قرارات دون إجبار من أي قوة سياسية أو عسكرية تتمركز في طرابلس خاصة وأن الغرب الليبي يعاني من سطوة ميليشيات تابعة لتيار الإخوان.
 
 
وأوضح الفيتوري، بأن قرار نقل مقر عمل المجلس الرئاسي قد يكون كالمسكن سيخفي الألم خلال وقت قصير ولكنه تسائل عن كيفية إجراء الانتخابات وإكمال المسار السياسي في كامل ليبيا بوجود ميليشيات تريد عرقلة الاستحقاق الديمقراطي مستفيدة من سيطرتها على الأرض.
 
 
وقال الخبير الأمني الليبي العقيد محمد الرجباني إن من الأفضل لـ"الرئاسي" أن يباشر أعماله من سرت، وعلى رئيس الحكومة عبدالحميد دبيبة نقل كل الوزارات إلى المدينة، وجعلها مقرا للحكومة.
 
 
ولفت إلى أن قيادات أمنية سبق أن دعت وزير الداخلية خالد مازن إلى المطالبة بنقل مهام عمله إلى سرت، على خلفية تعرضه هو الآخر لضغوطات من جانب المليشيات، لقبول دفعة من أفرادها في الجهاز الشرطي. وأشار إلى أن سرت تحظى بتأمين الجيش الوطني الليبي، وهي المقر الدائم للجنة العسكرية المشتركة "5+5"، كما استضافت جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للسلطة الجديدة.
 
 
كما قال المحلل السياسي الليبي فرج زيدان إنه "لم يعد هناك مبرر" لاستمرار المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في أداء مهامهم من طرابلس، بعدما صارا "هدفا" للميليشيات والمجموعات المسلحة، التي تخضع لـ"أجندات أجنبية"، داعيا إلى مباشرة عملهم من مدينة سرت. وأكد بأن حصار "الرئاسي" كشف عن "تنسيق واضح" بين الميليشيات و"مخابرات إحدى الدول"، لأنه جاء بعد أيام قليلة من مطالبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما أزعج المجموعات المسلحة، بالإضافة إلى الإطاحة برئيس جهاز المخابرات السابق عماد الطرابلسي.
 
 
الجدير بالذكر أن العشرات من السيارات المسلحة التابعة للميليشيات في الغرب الليبي حاصرت  فندق كورنثيا في العاصمة طرابلس، مقر إقامة رئيس "الرئاسي" محمد المنفي، وذلك بعد ساعات قليلة من اجتماع لقادة الميليشيات وأمراء المجموعات المسلحة التي شغلت مواقع قيادية بتكليف إبان حكومة فائز السراج، والذي أبدوا خلاله رفضهم لقرار الرئاسي تعيين حسين العائب رئيسا لجهاز المخابرات بدلاً من عماد الطرابلسي، وتوعدوا بحصار مقر "الرئاسي" ووزارتي الداخلية والخارجية، للضغط من أجل التراجع عن الإطاحة بالطرابلسي، وإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.