كُتّاب الموقع
فرنسا والإمارات: صداقة مُقسمة ونضال على قيادة ليبيا

موقع المحلل

السبت 5 حزيران 2021

تعد فرنسا أحد اللاعبين الرئيسيين الذين يسعون للضغط على ليبيا. حيث تُعد باريس المسؤولة عن كل ما يحدث بعد الإطاحة بمعمر القذافي وبداية الثورة في ليبيا. فهي من قاد تدخلات الناتو الأولى في ليبيا، وكان إصرارها المسبب في الإطاحة بحكومة القذافي. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يتم تنسيق جميع الإجراءات الفرنسية مع أعضاء حلف الناتو: على سبيل المثال، تتعارض سياسة باريس مع خطط إيطاليا وتركيا، اللتين تعتمدان على الريادة في البحر الأبيض المتوسط. مثيرة تساؤلات عن سبب عزمها العودة مرة أخرى إلى السياسة الاستعمارية ومحاولة إملاء إرادتها على الشعب الليبي.
 
يجب على المرء أن يضع بعين الاعتبار أن ليبيا غنية بموارد نفطية وغازية كبيرة: فهي تحتل المرتبة الخامسة بين الدول العربية من حيث احتياطي النفط. وتتركز معظم هذه الموارد في جنوب البلاد الذي يخضع الآن لحكم المتشددين. كما أن المنطقة الساحلية وتقاطعها مع طرق التجارة تجذب اهتمامًا خاصًا. ويتوقع البرلمان الأوروبي أن تصبح فرنسا الضامن لحماية الاستثمارات الأوروبية في ليبيا، فيما تأمل فرنسا في زيادة حصة استثماراتها في المنطقة.
 
لا يخفى على أحد أن العدد الإجمالي للجنود الفرنسيين في إفريقيا يبلغ حوالي الأربعة آلاف، كما تحتفظ فرنسا بالعشرات من الطائرات والمدرعات في مستودعات متوزعة على القارة. الأمر الذي اتبعته الإمارات العربية المتحدة أيضاً، فلا عجب، لأن أبو ظبي وباريس متهمتان منذ فترة طويلة بالترادف السياسي. وذلك عندما تم رفع السرية عن وثائق تحتوي على معلومات حول استخدام الإمارات للمجال الجوي السوداني لنقل عدة مئات من المرتزقة الذين جندهم نائب رئيس المجلس العسكري السوداني "حميدتي".
 
حيث كشفت إحدى الوثائق المتعلقة بسفارة الإمارات عن تفاصيل مثيرة للاهتمام، عندما طلبت أبوظبي الإذن بعبور المجال الجوي والهبوط لطائرتين مدرجتين ضمن ممتلكات القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في مطار الجنينة غربي دارفور. ويُشار إلى أن الوثائق تناولت معلومات عن نقل ركاب، وبشكل صريح الرسالة نوهت إلى أن هؤلاء الركاب كانوا من ممثلي القوات المسلحة السودانية، وأن مدة مهمتهم كانت قرابة الشهر.
 
وتجدر الإشارة بشكل خاص في هذا الصدد إلى الكشف عن مستندات مالية بالمليارات أرسلتها باريس إلى الإمارات. كان من المقرر أن تذهب بعض هذه الأموال لدعم المشير خليفة حفتر وقواته. كما كشفت الوثائق أن مصر وبالتعاون مع عبد الفتاح السيسي، لدعم حفتر، تمكنوا من تصدير كمية كبيرة من الأسلحة تبلغ قيمتها حوالي 295 مليون يورو.
والجدير بالذكر أن فرنسا تسعى إلى حكم الأراضي الليبية وحدها. ولكن إلى الآن تتطابق أهداف باريس مع سياسة الإمارات، فكلا الجانبين يراهن على حفتر، ومن غير المعروف إلى متى سيستمر مثل هذا التحالف السياسي، لأن كل طرف يريد أن يتخذ موقفا قيادياً لا لبس فيه.