كُتّاب الموقع
العلاقات الفرنسية الإماراتية ودورها المزعزع لاستقرار الدول الافريقية

موقع المحلل

الجمعة 28 أيار 2021

شهدت العلاقات بين الإمارات وفرنسا تطوراً كبيراً خلال الأعوام الماضية، ولا يمكن النظر بإستغراب كبير إلى التطورات الأخيرة في القفزة النوعية التي طرأت في العلاقات الإماراتية-الفرنسية والتي أفرزت تحالفاً استراتيجياً عسكرياً هو الأول من نوعه بين بلد طالما أحجم عن التدخل العسكري دون غطاء خليجي أو دولي.
 
وبالنظر إلى أطماع أبوظبي في ثروات الدول الافريقية فإن تكوين تحالف مع إحدى الدول التي إستعمرت العديد من دول القارة السمراء أمر منطقي جداُ يصب في مصلحة كلا البلدين. ففرنسا لا تزال بداخلها نزعة الإستعمار والإمارات تسعى لتوسيع سوقها التجاري والسيطرة على الموانئ البحرية الموجودة على سواحل أفريقيا.
 
فرنسا وللعودة من جديد إلى دول القارة السمراء، إستخدمت حجة مكافحة الإرهاب بدعم من أبوظبي. حيث قامت بإقناع قادة دول كل من مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا على تشكيل قوة موحدة لمكافحة الإرهاب. وبالتالي تمكنت باريس من إرسال قواتها إلى أفريقيا بشكل رسمي والبدء في تنفيذ مخططها التخريبي مع حليفتها في القارة السمراء.
 
وعلى الرغم من تدخلها العسكري في مالي بحجة تحسين الأوضاع وإطفاء فتيل الحرب إلا أنها زادت من سوء الأوضاع. ومع توالي الأخطاء التي يقوم بها الجيش الفرنسي بدعم إماراتي والتي أودت بحياة مدنيين، وفي ظل ربط الجماعات المسلحة قيامها بعمليات إرهابية بوجودها، ودعوة الماليين القوات الفرنسية لمغادرة البلاد في إطار تظاهرات إنطلقت منذ عام 2017، تُطرح الأسئلة حول جدوى هذا الحضور العسكري في منطقة الساحل الأفريقي.
 
التدخل الفرنسي لم يقتصر على مالي فحسب، حيث تعتبر فرنسا هي من ضغطت على حلف الناتو  ليشن هجومه على ليبيا الذي أدى إلى مقتل الرئيس الليبي معمر القذافي، مما زعزع الإستقرار  ودمر البلاد إلى يومنا هذا ومهد الطريق لتدخل الإمارات بقوتها الناعمة على الأراضي الليبية.
 
حيث قامت الإمارات بتقديم الدعم المادي والعسكري للجيش الوطني الليبي لشن هجومه على العاصمة الليبية طرابلس والذي فشل بسبب الدعم الخفي الذي قدمته أبوظبي لقوات الوفاق الوطني الليبي المُسيطرة على طرابلس والتي قامت ميليشياتها بصدد هجوم الجيش.
 
الإمارات وبعد تقديمها للدعم للجيش الوطني الليبي، قامت ببناء قواعد عسكرية في الجنوب الليبي التي تم فيها تدريب جبهات متمردة لشن هجمات على بعض الدول من بينها تشاد.
 
يُذكر أن جبهة التغيير والوفاق في تشاد، تحركت من قاعدة للإمارات في الجنوب الليبي، لتشن هجوماً على العاصمة التشادية إنجامينا عدة مرات لتنفيذ إنقلاب على الحكم في تشاد. وعلى الرغم من دفاع فرنسا في العديد من المرات عن الرئيس التشادي إدريس ديبي، إلا أنها لم تتدخل في المرة الأخيرة للدفاع عنه وسمحت للمتمردين من الوصول إليه وإغتياله.
 
التعاون الإماراتي الفرنسي الذي فتك بدول القارة السمراء لم ينتهي بعد ومازالت كلتا الدولتين تعملان معاً لزعزعة الإستقرار للإستمرار في نهب مقدرات الدول وإجاعة الشعوب.