كُتّاب الموقع
أزمة قناة السويس تعيد قناة بن غوريون الإسرائيلية إلى الواجهة

العرب اللندنية

الثلاثاء 30 آذار 2021

أحيت أزمة سفينة “إيفر غرين” التي جنحت في قناة السويس وجرى تحريكها بعد نحو أسبوع من وقف عبور السفن في الممر المصري، الحديث عن البدائل ومن بينها قناة بن غوريون التي تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، ويروّج الإسرائيليون أنها ستكون بديلا عن قناة السويس.

وتعاملت القاهرة مع تعثر السفينة بعرض قناة السويس على أنه أزمة مصيرية تختبر قدرة النظام المصري، ذلك أن القناة ممر مائي يؤثر على حركة التجارة العالمية، وتوقفها عن العمل لأي سبب يدفع بقوة نحو تشجيع الحلول البديلة.

ويقول الإسرائيليون إن المسافة بين إيلات والبحر المتوسط ليست بعيدة، وتشبه تمامًا المسافة التي أخذتها قناة السويس لوصل البحر الأحمر مع البحر الأبيض المتوسط.

وتخطط تل أبيب لأن تحول هذه القناة إلى مشروع متعدد الوجوه، وفضلا عن دورها التجاري كبديل لقناة السويس فهي تهدف إلى إقامة مدن صغيرة وفنادق ومطاعم ونوادي سهر ليلية من حولها.

ويقول مراقبون إن التقليل المصري من قيمة المشروع الإسرائيلي لن يحد من خطره على عائدات قناة السويس، كما أن “القناة البديلة” قد تجد تفاعلا إقليميا من دول مثل الأردن الذي يعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، وقد يجد في هذا المشروع متنفسا له ولأزماته التي فشل في الحصول على دعم عربي لتجاوزها.

وليس مستبعدا أن يحوز مشروع القناة الإسرائيلية على رضا دول مثل السعودية التي تبني مشروع نيوم على البحر الأحمر بخطط تهدف لتحويله إلى منطقة جذب سياحي، وقد يكون مشروع مناولة على بعد خطوات من المشروع الإسرائيلي المقترح.

وسعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الحد من مخاوف المصريين بشأن البدائل التي يمكن أن يبحث عنها العالم بعد أزمة قناة السويس والتعطيل الذي طالها واستمر لأيام.

وقال السيسي “لقد نجح المصريون في إنهاء أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس، وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، ما يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري”.

وبدا السيسي وكأنه يلمح إلى قناة بن غوريون، خاصة أن إسرائيل استثمرت أزمة قناة السويس للإعلان عن بدء الأشغال الخاصة بمشروعها، ما يزيد من الضغوط على القاهرة ويدفعها إلى إصدار تصريحات مطمئنة.

ونشر موقع صحيفة “بيزنس إنسايدر”، الخميس، محتوى مذكرة سرية يفيد بأن الولايات المتحدة درست اقتراحا لشق ممر مائي بديل في إسرائيل لقناة السويس بتفجير قنابل نووية في صحراء النقب.

ووفقا للمذكرة الأميركية التي رفعت عنها السرية عام 1996 كانت الخطة تعتمد على استخدام 520 قنبلة نووية لحفر قناة البحر الميت عبر صحراء النقب بطول 160 ميلا، لأن الطرق التقليدية للحفر ستكون باهظة الثمن، وهي قناة كان يمكن أن تكون بديلا إستراتيجيا مهما وتتغلب على الأزمة التي أحدثها جنوح “إيفر غرين”.

وأبدى المؤرخ أليكس ويلرشتاين رأيا سلبيا في المشروع الإسرائيلي في تغريدة بحسابه على تويتر، ووصفه بأنه “اقتراح متواضع لوضع قناة السويس”.

ومن المسارات المحتملة التي اقترحتها المذكرة الأميركية مسار يمتد عبر صحراء النقب في إسرائيل، ويربط البحر المتوسط بخليج العقبة، فاتحا طريقا إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، بما ينهي أزمة التكدس في قناة السويس.

وتحرص القاهرة سواء على مستوى رسمي أو إعلامي على تفنيد ما يتعلق بشأن البدائل خاصة أن الشارع المصري شعر بمخاوف حقيقية، وهي مخاوف طالت النظام بمستوياته المختلفة.

وذكر المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور لـ”العرب” أن “التقارير التي شككت في قدرة مصر على حل أزمة السفينة واكبتها شماتة وتقديرات إسرائيلية غير رسمية بشأن ضرورة شق قناة البحار، لكنها تراجعت مع نجاح القاهرة في التعامل مع الأزمة دون تهور”.

وأضاف أنور أن “القناة كانت مغلقة في وجه الإسرائيليين وفي وجه المجتمع الدولي سنوات ولم يتم الشروع في تنفيذ مسار بديل، لأن مصدري الطاقة لم يتحمسوا له وسوف يتشككون في قدرته على منافسة قناة السويس، ناهيك عن الهواجس الأمنية”.

ولفتت المذكرة الأميركية آنذاك إلى أن إحدى المشكلات التي لم يأخذها معدو الاقتراح في الاعتبار تكمن في الجدوى السياسية، وأن الدول المحيطة بإسرائيل كانت تعارض بشدة بناء مثل هذه القناة.

وقال الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية بمصر اللواء عصام بدوي إن “الحديث عن قناة إسرائيلية قديم ويتوقف على طبيعة التربة في المنطقة المعدة له ومستوى سطح البحر، وهما من الأمور التي أعاقت ظهور المشروع للنور حتى الآن”.

واعترف بدوي في تصريح لـ”العرب” بأن “الحديث تصاعد حول البدائل نتيجة لوجود حادث في قناة السويس، ووقوع الحوادث مسألة معتادة في الممرات الملاحية الدولية، والقناة المصرية ستظل أهم ممر ملاحي عالمي، وفي المستقبل القريب قد يصل إجمالي التجارة العابرة من خلالها إلى 12 في المئة من حجم التجارة العالمية، أي بزيادة 2 في المئة عن الحجم الراهن”.

وتتحدث إسرائيل حاليا عن مد خط سكة حديدية يربط البحر الأحمر بالمتوسط، وهو مشروع يصعب أن يكون بديلاً عن قناة السويس لكثافة الحاويات البحرية التي ستأخذ وقتا مضاعفا لنقلها عبر النقل البري بدلاً من السفن البحرية العملاقة.

من جانبها عادت موسكو لطرح الممر البحري الشمالي كبديل عن قناة السويس، والذي يروج له الرئيس فلاديمير بوتين بنفسه منذ فترة كطريق ملاحي على طول الساحل القطبي الروسي، واستغلت بلاده الازدحام في القناة المصرية لإعادة تسويقه عالميا مرة أخرى، مع توفير الضمانات الكافية للأمان والسلاسة وانخفاض التكلفة.

وأشارت شركة “روس أتوم” الروسية إلى أهمية طريق بحر الشمال، وأنه سيكون الحل السحري للسفن المتكدسة عند مدخل قناة السويس بعد الأزمة، وأن المسافة على طول خط البحر الشمالي من الصين إلى الموانئ الأوروبية أقصر بحوالي 40 في المئة.

ودعا السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي إلى تفعيل الممر الروسي، وكتب في تغريدة له عبر تويتر السبت “إن الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر شمال – جنوب يحظى بالأهمية أكثر مما مضى، ويعد خيارا أفضل كبديل عن قناة السويس في مجال الترانزيت”.

المصدر: العرب اللندنية