كُتّاب الموقع
أبو ظبي في شرق المتوسّط

وفاء العم

الأربعاء 21 نيسان 2021

طرحت مشاركة أبو ظبي في القمة الوزارية الرباعيَّة في دافوس العديد من التساؤلات حول الأهداف والغايات من وجود الإمارات بين قبرص واليونان و"إسرائيل"، في قمَّة تبحث المصالح الإقليميَّة المشتركة في شرق المتوسط.
 
للإجابة عن هذه التّساؤلات، لا بدَّ من وضع مجموعة من المعطيات على الطاولة في ما يتعلَّق بالعلاقات اليونانية الإماراتية مؤخراً، بعد توقيع عدد من الاتفاقيات السياسية والثقافية والعسكرية الدفاعيّة المشتركة.
 
واللافت أنَّ هذه الاتفاقيات تأتي في وقت يتصاعد التوتر بين أثينا وأنقرة، وخصوصاً في ما يتعلَّق بملف تنقيب تركيا عن الغاز في بحر إيجة، وعودة اليونان إلى مد خطوط تعاون جديدة مع دول الخليج. يتقاطع ذلك مع استراتيجية الإمارات في محاصرة الدور التركي وتحجيمه في المنطقة، بل تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يجري الحديث عن إمكانية نقلها أسطولها من طراز "ميراج 9-2000" إلى اليونان، رداً على وجود القاعدة التركية العكسرية في قطر.
 
في هذا الصّدد، كتب المحلّل الإماراتي ماجد الرئيسي في حسابه في "تويتر": "إذا كانت الإمارات ستستلم 50 طائرة "F35"، فإنَّ اليونان تقدّمت بطلب 20 طائرة، وحظوظ اليونان قوية لإتمام الصفقة.. بمجموع 70 طائرة من هذا الطراز في دولتين تواجهان المد العثماني يجعل الردع أقوى لتعيد أنقرة حساباتها في المنطقة".
 
وهنا، لا بد من التذكير بالبيان المشترك العام الماضي، والذي أعلنت فيه الإمارات واليونان موقفهما ضدّ ما أسمتاه "العدوان التركي في شرق البحر المتوسط ​​والشرق الأوسط والقوقاز".
 
وفي السياق ذاته، يمكن استقراء العلاقات القبرصية الإماراتية، وخصوصاً بعد أن وقَّعت أبو ظبي اتفاقاً عسكرياً مع قبرص إثر رفع الولايات المتحدة حظر التسليح المفروض عليها منذ 30 عاماً، ما أثار حفيظة أنقرة وانزعاجها، وهو انزعاج عبّر عنه وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، الذي قال إنَّ الإمارات تخوض حروباً باردة في المنطقة، بالاعتماد على استراتيجية التحالفات والتفاهمات الإقليمية، بهدف خلق موازين قوى ضد تركيا في الشرق الأوسط واستنزاف قوتها، والاعتماد على دول مثل اليونان، التي تُعرف بتحالفها مع كل من يقف ضد أنقرة، وتعزيز تأثيرها في شرق المتوسط، من خلال توثيق علاقاتها بـ"دولة" الاحتلال.
 
إذاً، هو تقاطع للمصالح بين الدول الثلاث لتحجيم الدور التركي في المنطقة ومحاصرته في شرق المتوسط. من جانب آخر، يبدو أنّ الإمارات تطمح إلى أداء دور محوري في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، عبر دعم مشروع "إيست ميد" لنقل الغاز من "إسرائيل" وقبرص عبر أثينا إلى أوروبا من دون المرور بتركيا.
 
وفي ذلك، تلقى الإمارات دعماً إسرائيلياً من أجل ضمها إلى منتدى غاز شرق المتوسط، إذ قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز إنَّ تل أبيب اقترحت انضمام دولة الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط، على الرغم من أنها غير مطلة على البحر المتوسط، وأضاف أنَّه تحدث إلى وزير الطاقة الإماراتي بخصوص التعاون في ربط شبكات الكهرباء وتطوير سوق الغاز الطبيعي للصادرات عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، وهو مشروع تدعمه الولايات المتحدة، لأنّه منافس لروسيا، فيما ترفضه الأخيرة، كما ترفضه أنقرة.
 
في المحصّلة، يمكن القول إنَّ الإمارات ماضية في استراتيجيّتها كرأس حربة في مواجهة مشروع الإخوان المسلمين الَّذي تقوده أنقرة في المنطقة، كما أنَّها ماضية في توسيع دورها الإقليمي ليصل إلى شرق المتوسط، عبر شراكات سياسية واقتصادية وعسكرية في المنطقة يدعمها فيها التطبيع مع "إسرائيل".
 
 
 
المصدر: الميادين