كُتّاب الموقع
الاتحاد الأوروبي ـ أوجه التعاون في الساحل الأفريقي و منطقة غرب أفريقيا

مراجعة: الدكتور محمد الصالح جمال

الجمعة 26 شباط 2021

أصبحت القارة الإفريقية بصفة عامة والساحل الإفريقي وغرب أفريقيا بصفة خاصة، من أكبر بؤر التوتر والصراع في العالم، بحيث يراها العديد من الخبراء الأمنيين أنها تعتبر مصدرا مهما للتهديدات والمخاطر الأمنية بشكل متزايد، وعلي رأس هذه التهديدات والمخاطر، الإرهاب ومختلف أشكال الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الإفريقي والأوروبي كذلك، فقد أصبح الوضع الأمني والجيوسياسي فيها فرصة مهمة بالنسبة للإرهاب العابر للقارات والهجرة غير الشرعية والتداخل الذي أصبح واضحا وواقعا موجودا بين هذين التهديدين، وذلك من خلال التركيز المتصاعد لتنظيم القاعدة وداعش على القارة الأفريقية، والتحالف الحاصل بين هذين التنظيمين مع تنظيمات جماعات متطرفة إرهابية أخرى وتجار البشر وبارونات الهجرة غير الشرعية، نتيجة الصراعات والحروب الأهلية التي تجلت في السنوات الأخيرة في منطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا.

الجهود الأوروبية في مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي ومنطقة غرب أفريقيا -الاتحاد الأوروبي

قرر الاتحاد الأوروبي إرسال ما يسمى البعثة الأوروبية في مالي ، وهي بعثة للأمن والتنمية في منطقة الساحل الأفريقي. وجرى إنشاء هذه البعثة في 2013 بناء على طلب من حكومة مالي للاستجابة إلى حاجة القوات المسلحة وبهدف ضمان بيئة آمنة داخل حدود البلاد والحد من تهديدات الجماعات الإرهابية. ولهذا تساهم البعثة في تحسين القدرات العملياتية للقوات المسلحة، وتخضع المهمة لسيطرة وإشراف السلطات المدنية الشرعية في مالي، ولا تشارك في عمليات قتالية. اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات إضافية لتحسين دعم أمن منطقة الساحل الأفريقي، وأكد الاتحاد الأوروبي دعمه جهود دول الساحل الأفريقي الخمس المعروفة باسم «جي5» وهي جهود لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وأي تهديد آخر للأمن والسلام، وفق ما نشره موقع صحيفة “الشرق الأوسط” في 25 مارس 2020.مكافحة الإرهاب ـ حجم الانخراط الأوروبي الفرنسي في الساحل الإفريقي

وسيتولّى الشركاء التقنيون والتمويليون المجتمعون تحت لواء التحالف من أجل منطقة الساحل تمويل أكثر من 873 مشروعًا في المنطقة يحمل علامة التحالف من أجل منطقة الساحل بقيمة إجمالية تصل إلى 17 مليار يورو. وتضطلع فرنسا بدور جوهري في تقديم هذا الدعم الإنمائي في منطقة الساحل. إذ خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية 5،3 مليار يورو لمنطقة الساحل منذ عام 2012. ومنحت الوكالة الفرنسية للتنمية، التي تتركز أنشطتها في قطاعات الزراعة والمياه والصرف الصحي والتعليم والحوكمة والصحة، 471 مليار يورو وصرفت 350 مليار يورو في عام 2020 وحده. ووقّعت المجموعة الخماسية اتفاق شراكة مع التحالف من أجل منطقة الساحل في أكتوبر 2018 بغية تعزيز التنسيق بين مساهمات الشركاء التقنيين والتمويليين واحتياجات بلدان منطقة الساحل، وهو ما يسهم في تحسين جدوى المساعدة الإنمائية في المنطقة، وفق ما ذكره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية في مايو 2020.

حاولت فرنسا إشراك الدول الأوروبية في مساعي إقناع دول حليفة، مثل ألمانيا، بأن تكون جزءًا من القوة الهجين “تاكوبا” التي كوّنت في 15 يوليو 2019، ويتوقع أن تباشر نشاطها مع نهايات العام الحالي، جنباً إلى جنب مع القوة الأفريقية المشتركة لدول الساحل الأفريقي. وتوسّع فرنسا من مفهوم التدخل الدولي بسبب عدم مقدرتها منفردة على القضاء على هذه الجماعات، ومن ناحية أخرى لترسيخ مفهوم الموازنة بين وجودها والاستقرار في هذه الدول حتى لو استعانت بدول أخرى، حسب تقرير نشره موقع “اندبندنت عربية” في 30 سبتمبر 2020.

تشارك العديد من الدول الأوروبية المتطوعة كإسبانيا والمملكة المتحدة وإستونيا وألمانيا وغيرها في البعثات الأوروبية في منطقة الساحل وتُسهم في مكافحة الإرهاب في إطار عمليّة برخان. أُعلن عن الشراكة من أجل الاستقرار والأمن في منطقة الساحل في مؤتمر قمة مجموعة الدول السبع في بياريتز والتي حظيت بتأييد فرنسا وألمانيا. وتتمثّل مهمة هذه الشراكة في الإسهام في عودة الخدمات الحكوميّة والإداريّة، ولا سيّما إعادة نشر قوات الأمن الداخليّ وتعزيز أجهزة القضاء الجنائي لبلدان منطقة الساحل. وتضع هذه الشراكة في صميم أولوياتها انتفاع السكان المتضررين بفعل الأزمات بالخدمات العامة والأساسية. وتندرج هذه الأنشطة في نهج يرمي إلى تلبية احتياجاتهم القصيرة الأجل والإسهام في تطبيق المشاريع الإنمائية على أجل أطول، وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدعامة الرابعة لائتلاف منطقة الساحل، وفق ما نشره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية.

الجهود الأوروبية في محاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في الساحل الأفريقي ومنطقة غرب أفريقيا -الاتحاد الأوروبي
ذكر الموقع الرسمي للمفوضية الأوروبية أنه تم إطلاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا بشأن الهجرة والتنقل والعمالة خلال مؤتمر القمة الثاني لرؤساء الدول والحكومات بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2007 في لشبونة، حيث اعتُمدت أيضاً الاستراتيجية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا وخطة العمل الأولى (2008-2010). في مؤتمر القمة الخامس للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي الذي عُقد في أبيدجان يومي 29 و30 نوفمبر 2017، تم الاتفاق على تعميق التعاون والحوار بشأن الهجرة والتنقل من خلال وضع إطار مشترك لحوار قاري معزز حول الهجرة والتنقل. الهجرة غير الشرعية، عبر أفريقيا تثير قلق الأوروبيين

منذ عام 2017، يتم التعاون بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة ضمن الحوار بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي حول الهجرة والتنقل. مجالات التركيز في هذه الأخيرة هي:

– التحويلات المالية والاستثمار في الشتات،

– تبادل المعلومات والاستخبارات لتعزيز مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين

-إعادة إدماج المهاجرين بشكل مستدام (مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من فرقة العمل الثلاثية للاتحاد الأفريقي للأمم المتحدة المعنية بالمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا).

توصيات

الاتحاد الأوروبي ملزم بالاعتماد تنفيذ سياسات جديدة تهدف إلى تعزيز التنمية في دول منطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا، ومعالجة الأسباب الرئيسة أو الجذرية في عدم الاستقرار السياسي والأمني كالفشل الدولاتي والظاهرة الإرهابية والهجرة غير الشرعية، كذلك ضرورة تكثيف وتعزيز تبادل زيارة الفرق الفنية والفاعلين السياسيين والأمنيين والاقتصاديين ما بين دول الاتحاد الأوروبي ودول منطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا، من أجل تبادل المعلومات والتعاون الفعال خارج السياقات التقليدية.

 

 

المصدر: المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب و الإستخبارات