كُتّاب الموقع
هل يقود بايدن حركة تصحيحية للسياسة الاميركية تجاه سوريا ؟

سركيس أبو زيد

الإثنين 1 آذار 2021

 تركز التقارير الأميركية واعمال الباحثين والخبراء في شؤون سوريا والشرق الاوسط، حول الوضع في سوريا  منذ  تفجر الحرب  في العام 2011 حتى الان ،  وتثمن السياسة الاميركية والغربية  في تامين  المصالح الاميركية في سوريا والعقوبات الاقتصادية وجدواھا والخيارات المستقبلية المتاحة امام الرئيس الاميركي جو بايدن. 
في تقييم السياسة الاميركية السابقة اعتبرت معظم التقرير انھا باءت بالفشل . وتوقفت الدراسات عند دور القوى الخارجية، بما في ذلك صراع الولايات المتحدة وروسيا، وإسرائيل وإيران، وروسيا وتركيا، وصراع تركيا مع الولايات المتحدة، وھناك اھتمام آخر مھم وھو عبء اللاجئين على البلدان المجاورة ، ووضع الجماعات الكردية واستمرار الھجرة الجماعية في تأجيج ردود الفعل .
ويرى  احد التقارير أنه «باستثناء  التصدي لتھديد داعش في شمال شرق سوريا، يمكن القول إن السياسة الاميركية بشأن سوريا منذ عام 2011 فشلت في تحقيق ّ أي نتائج إيجابية». من ھنا، تنبع ضرورة إحداث ّ تحول في تلك السياسة.
 
ويرى أن «السياسة الحالية القائمة على عزل سوريا وفرض العقوبات عليھا، نجحت في  شل اقتصاد البلاد  المدمر جراء الحرب، إلا أنھا فشلت في إحداث ّ أي تغيير في سلوك (الحكومة السورية)».  
" فالجھود التي بُذلت سابقا  في دعم مجموعات المعارضة وتزويدھا  بالمعدات والسلاح للضغط على الرئيس بشار الاسد وحمله على تغيير مساره أو  التنحي ساھمت في زيادة اعتماد سوريا على روسيا وإيران». كما  «باءت بالفشل أيضا عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي  التي اقتصرت على «إحداث تدھور ّحاد في العملة السورية، وساھمت في انھيارھا " ، لكن  بحسب التقارير أن «العقوبات المطبَّقة على سوريا  ادت بشكل غير مباشر إلى عواقب إنسانية كبيرة، من خلال تدمير الطبقة الوسطى السورية التي ّ تعد عامل استقرار وتعميق وإطالة بُؤس السوريين العاديّين .
 
 
  يطرح  احد التقرير ما يراه الخيار الافضل أمام إدارة بايدن ، وھو ّ يتلخص في «بدء عملية دبلوماسية جديدة، تھدف إلى تقديم إطار عمل ّ مفصل لاشراك الحكومة السورية في مجموعة محدودة من الخطوات الملموسة والقابلة للتحقق و اعادة نظر في العقوبات من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي . والھدف من ھذا الاطار الجديد، ھو «وقف ّدوامة الانحدار في سوريا، وإعادة تنشيط الدبلوماسية من خلال  إحراز ّ تقدم في مختلف القضايا، وتقديم نھج مرحلي يُمنح الحكومة السورية وداعميھا مسارا جديدا .
  لكن «لن ّ يتم منح ھذه التسھيلات ّالا عندما تتحق اميركا وحلفاؤھا الاوروبيون من تنفيذ خطوات ملموسة ّ . " 
 
ويرى التقرير " ان ادارة بايدن بحاجة إلى التعاون مع تركيا وروسيا ّ لحل مشاكل المنطقة ومكافحة تنظيم داعش»، إلا أن «واشنطن فشلت في دفع النظام إلى القبول بإصلاحات دستورية واسعة، و منح منطقة حكم ذاتي للاكراد شمال شرق البلاد، رغم استخدام القوة العسكرية والضغوط المالية ّضده». وأضاف: «تحت إشراف أميركي، ّتم تحويل المنطقة (شمال شرق سوريا) إلى شبه دولة بجيشھا الخاص... لكنھا لا تستطيع الدفاع عن نفسھا بلا الموارد الاميركية». ويعتقد واضعو التقرير أن «مصالح الولايات المتحدة لا تقتضي ضمان إدارة مناطق شرق سوريا بيد الاكراد، بل احتواء التھديدات الارھابية ھناك». وأن «تقبّل إدارة بايدن لمصالح تركيا وروسيا في سوريا سيسفر عن نتائج أكثر إيجابية».
 
 
يتصاعد الجدل في الولايات المتحدة حول الاستراتيجية التي يجب أن تنتھجھا الادارة الاميركية الجديدة، بقيادة بايدن . وأمام الولايات المتحدة، حسب الافكار الواردة في تقرير اخر ان جو بايدن، في سوريا ھو امام  خيارين: إما الاستمرار في المقاربة الحالية  او اعتماد عملية دبلوماسية جديدة تھدف إلى وضع إطار  مفصل للتحاور مع الحكومة السورية بشأن مجموعة محددة من الخطط  الفذة،  اذ تقدم الولايات المتحدة وأوروبا مقابلھا المساعدة   وعليه، فأنه «من خلال الاعلان عن سلسلة من الخطوات المتبادلة المتفاوض عليھا، يمكن لاوروبا والولايات المتحدة ممارسة نوع آخر من الضغوط على سوريا بغية إطلاق الاصلاحات التي تم رفضھا حتى اليوم، ووصول الادارة الاميركية الجديدة ّ يقدم فرصة فريدة لتغيير الوجھة ولاختبار جدوى ھذه المقاربة الجديدة».
 
 
ويقترح المدافعون عن ھذه المقاربة أن تكون الخطة علنية، كي يُعرف َمن المسؤول عن فشل الحل. ّ لكن مسؤولين غربيين وأميركيين يقولون إن ھذه المقاربة ُجّربت ُوعقدت اجتماعات غير علنية بين الجانبين الاميركي والروسي في فيينا. كما ّ يحذرون من أن «مقاربة كھذا تعني بدء التطبيع مع دمشق " إحدى مشكلات ھذه المقترحات، ھي غياب البعد الجيوسياسي عنھا، خصوصا الوجود الايراني. 
 
 
بالمقابل ھناك توقعات روسية حيال سياسة الادارة الاميركية في سوريا، كشفھا السفير الروسي في دمشق (والذي يُشغل في نفس الوقت منصب مبعوث بوتين الخاص الى سوريا) الكسندر يفيموف يقول أن واشنطن سوف «تواصل الضغط على الحكومة السورية، وبشكل عام لن تتغير الاستراتيجية الاميركية تجاه سوريا، في عھد الرئيس جو بايدن».
«من السابق لاوانه الحديث عن خطط الادارة الاميركية فيما يتعلق بسوريا. لكن من الصعب، من حيث المبدأ، توقع حدوث إعادة نظر بالنھج الاميركي، وعلى الارجح، سوف يستمر الضغط المباشر على دمشق».
 
 
  وجاء حديث يفيموف بعد بروز تقارير إعلامية في روسيا أخيرا، لفتت إلى «تنشيط الولايات المتحدة خططا في سوريا، لھا أھمية خاصة للناحية الاستراتيجية، وتشكل تھديدا خطيرا لموسكو ودمشق»، وذلك «من خلال إنشاء وتحديث قواعد جوية ومنصات طيران جديدة على نھر الفرات، كما تعتزم الادارة الاميركية زيادة دعم الجماعات المسلحة الكردية  ».
  لذلك، فإن التقديرات أن يكون «الملف السوري» جزءا من الملفات ذات الاولوية لبايدن وفريقه .
 كما ان ادارة الملف السوري لم ّ تتشكل إلى الان  فيما تغيب  أي بوادر اھتمام لدى الادارة الاميركية الجديدة به .
هل يستمر الرئيس بايدن بنهج سلفه ام سيقود حركة تصحيحية جديدة تجاه السياسات الاميركية في سوريا ؟ 
 
 
الانتظار سيد الموقف .