كُتّاب الموقع
بعد التقارب بين مصر وقطر.. هل تتخلى الدوحة عن الإخوان؟

كرستن كتيب

الإثنين 25 كانون الثاني 2021

الاستقبال كان بحفاوة والمحادثات ناجحة. لقد كان اختراقاً سياسياً حققه الفاعلون المشاركون، مطلع يناير/كانون الثاني، في مدينة العلا السعودية. فممثلو قطر من جهة، والعربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر من جهة أخرى، اتفقوا على إنهاء خلافاتهم. وبذلك انتهى الحصار الذي بدأته السعودية وحلفاؤها، صيف العام 2017، ضد قطر. فزمن الخلاف ولى، والآن يبدأ وقت التضامن والتعاون كما أعلن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عبر موقعه على “تويتر”.
 
أحد الموضوعات الرئيسية للخلاف تمثل في قرب قطر من “الإخوان المسلمين”. فلقد أعلنت مصر الحركة، بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنحدر منها العام 2013، أنها منظمة إرهابية. وبعدها بعام، أعلنت قطر بأنها ستخفف مساندتها لـ “الإخوان المسلمين”. وحقيقة أن لا يتبع الإعلان أفعال، كان أحد الأسباب التي دفعت مصر والسعودية وشركاؤهما، العام 2017، لفرض الحصار ضد الإمارة. والآن وبعد الاتفاق، بات الوضع المستقبلي لـ “الإخوان المسلمين” في الدوحة مفتوحاً.
 
البراغماتية في الدوحة
 
من الممكن أن تبتعد قطر عن “الإخوان المسلمين”، كما تفيد الخبيرة في الشؤون السياسية هاجر علي من معهد “لايبنيتس للدراسات العالمية والإقليمية” في هامبورغ، حيث تقول “الإمارة تحدد من جديد موقعها بعد إنهاء الخلاف. وفي الدوحة يتم رصد ما يتماشى مع المصالح الذاتية وما لا يصلح”. ومن الممكن أن يعترض “الإخوان المسلمون” ومجموعات وحركات أخرى على النهج الجديد. “في قطر توجد القاعدة الجوية الأمريكية في العديد، الأكبر في شبه الجزيرة العربية. وبالتحديد عقب تغيير إدارة البيت الأبيض في الولايات المتحدة من الممكن أن تتطلع الحكومة في الدوحة إلى ربط علاقاتها مع واشنطن بشكل أوثق من السابق”.
 
قوة الحماية لـ “الإخوان المسلمين”
 
النهج الجديد قد يصبح بالنسبة إلى “الإخوان المسلمين” تحدياً هائلاً، لأنهم يتمتعون بحماية الإمارة منذ عهد طويل. وعلى هذا النحو يعيش الخطيب الشهير المولود في مصر، يوسف القرضاوي، منذ 1961 في قطر التي يحمل جنسيتها حالياً. وفي برنامجه المتلفز عبر قناة الجزيرة “الشريعة والحياة”، كان الخطيب يحافظ على تواصل منتظم بالملايين من الجماهير. وفي خريف العام 2004، توجه وحسب تقرير لصحيفة “أراب نيوز” السعودية 2400 من المثقفين المسلمين في عريضة موجهة للأمم المتحدة. فالدين لا يحق أن يستخدم كذريعة لدعم الإرهاب، كما طالب الموقعون الذين وضعوا القرضاوي ضمن الشيوخ المتطرفين أو “شيوخ الموت”.
 
لا يُعتبر القرضاوي أحد المنظرين لـ “الإخوان المسلمين” فقط، فلقد كان له تأثير كبير على وجود المنظمة في قطر، لأنه كان على علاقة وثيقة مع حاكم الدولة حتى العام 2013، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي كان يمثل أمام الرأي العام مواقف تشبه تلك التي يعبر عنها القرضاوي.
 
وفي آن واحد، تبين خلال السنوات الأولى بعد الثورة، العام 2011، أنه من المناسب سياسياً المراهنة على “الإخوان المسلمين”، لأنهم حققوا في مصر، وكذلك تونس، نجاحات انتخابية ملفتة. وعلى هذا الأساس، تمت المراهنة في الدوحة على تلك القوى التي تملك مستقبلاً سياسياً في المنطقة. وفي هذا السياق، دعمت قطر حكومة الرئيس مرسي بمنحها قرضاً يساوي 7.5 مليار دولار. وقبلها، دعمت قطر حركة “حماس”، التي تحكم قطاع غزة، بملايين الدولارات وهي التي تنحدر من صفوف الحركة.
 
اضطهاد في مصر
 
في مصر، يواجه “الإخوان المسلمون” طويلة وضعاً صعباً منذ مدة طويلة. ففي العام 1952، رحب “الإخوان المسلمون” بسقوط الملك فاروق، كما تقول هاجر علي. وبعدها ظهرت سريعاً خلافات في وجهات النظر. وفي 1954، نفذت الحركة اعتداء على الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، لكنه أخفق. ومنذ تلك اللحظة، واجهت اضطهاد الدولة الذي انتهى أيام الرئيس أنور السادات واستؤنف بعد اغتياله من جديد.
 
إن المساندة بين السكان، لا سيما بين الشرائح الفقيرة والمتعلمة قليلاً في الأرياف، اكتسب “الإخوان المسلمون” الكثير، وليس فقط من خلال منظماتهم الخيرية. ففي بلد قلما يعرف فيه السكان دولة اجتماعية عاملة، خلقوا بهذه الطريقة ولاءات سياسية مستدامة. “ومنذ تلك اللحظة، يُعتبر الإخوان المسلمون خطراً محدقاً في وجه حكومات البلاد”، كما تفيد هاجر علي. وهذا الأمر ما يزال قائماً حتى يومنا هذا.
 
“وفي الأثناء زادت شكوك السكان. فبعدما أصبح الرئيس محمد مرسي، المتوفي العام 2019 في الحبس، رئيسا للبلاد العام 2012 اكتشف الكثير من المصريين أن الإخوان المسلمين أيضاً غير قادرين على حكم البلاد بشكل موزون”. ومنذ تلك اللحظة، يسود استقطاب كبير بين المصريين في موقفهم تجاه الحركة، إذ “قلما يوجد موضوع آخر يفرق بينهم في النقاش مثل الإخوان المسلمين”.
 
لم يعد هناك فاعلون سياسيون
 
إن كيفية سيستمر الوضع مع “الإخوان المسلمين” يعتبر أمراً مفتوحاً، إذ ما زال لديهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يعتبر حليفاً قوياً لهم لأن حزبه، “العدالة والتنمية”، مرتبط بهم إيديولوجيا. “الإخوان المسلمون يجندون أعضاء جدد عبر المساجد”، كما تفيد هاجر علي.
 
وفي المجمل، يتحرك “الإخوان المسلمون” بإتجاه البقاء كحركة فكرية سياسية، “إذ يفقد الإخوان دورهم كلاعبين سياسين، أو قد فقدوا ذلك فعلاً.”
 
 
 
المصدر: دي دبليو+ مركز سيتا للدراسات الاستراتيجية