كُتّاب الموقع
ثلاثية جديدة: رفض كشف الحسابات وحماية المصارف وإفلاس اللبنانيين

منير الربيع

الجمعة 18 كانون لأول 2020

ألغيت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والقاضي فادي صوان علّق التحقيق في تفجير مرفأ بيروت. فبعض المدعى عليهم يطالبون بتغييره، لأنه لم يظهر حياديته في عمله. وهذه مشاهد مأسوية تضاف إلى الإنهيار اللبناني.
 
في غابة اللغو
لكن هذه الأزمات والخلافات، لا تشكل نقطة في بحر الانهيار المالي والاقتصادي. ومثلما يتم الآن تضييع التحقيق حول تفجير مرفأ بيروت، تم من قبل إسقاط مسألة التدقيق المالي في مصرف لبنان وكل الإدارات. ولن يصل التحقيق إلى أي مكان، في أي إدارة أو وزارة. والملفات المثارة قضائياً وإعلامياً، هدفها فقط تحسين شروط سياسية لطرف على طرف آخر، وفرض وقائع جديدة تعود القوى من خلالها إلى فرض تسوية متجددة.
 
 
وتتضارب التقديرات والمعطيات حول من يريد التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وغيره من الإدارات، ومن لا يريده؟ كل طرف يختار الموضوع المناسب سياسةً له، للتصويب من خلاله على الأطراف الأخرى. وهناك لغط كثير حول جهة خارجية تدعم هذا الطرف أو ذاك، على غرار التساؤلات الكبيرة التي أثيرت حول القاضي صوان: هل يقف خلفه فريق سياسي لبناني، أم فقط يتأثر بالضغوط الشعبية والإعلامية، أم أن الأميركيين هم الذين يضغطون عليه في هذا الإتجاه؟ كمّ هائل من الأسئلة والتحليلات لا تجد جواباً، في غابة اللغو اللبنانية.
 
فرنسا والحريري وسلامة
المشهد المأسوي يتكشف أكثر في معلومات تتسرب عن السعي لوضع خطة مالية تتنافى مع أدنى مقومات الإصلاح الذي يحتاجه لبنان وينتظره اللبنانيون.
 
وتكشف معلومات أن الفرنسيين طلبوا من حاكم مصرف لبنان بالكشف عن تفاصيل حساب بند المصاريف المختلفة، وإظهار وتوضيح كل أرقامها. وذلك لكشف "الموبقات" المالية التي ارتكبت لحساب القوى السياسية بلا استثناء، وكل المصاريف المحسوبة على سياسيين في الإدارات والوزارات. لكن لا أحد في لبنان يريد إنجاز هذا التحقيق والوصول إلى نتائج حقيقية ونهائية.
 
10 سنوات وتتبخر الودائع
وأقنع حاكم المصرف المركزي الحريري بإبقاء الوضع على ما هو عليه، أي عدم حصول أي تغيير في النظام المصرفي اللبناني، مقابل تحميل الخسائر للمودعين بشكل غير علني.
 
 
وهذا يرتبط بتوجه الحريري، الذي يريد تعيين يوسف الخليل وزيراً للمالية، فيكون هناك ثلاثي متوائم في السياسة المالية، للإبقاء على الوضع المالي والمصرفي على ما هو عليه. بمعنى أن المودعين يسحبون أموالهم بالليرة اللبنانية على سعر 3900، بينما سعر الدولار الحقيقي في السوق يتخطى 8 آلاف ليرة لبنانية. وعلى مدى عشر سنوات يكون المودعون قد سحبوا الأغلبية المطلقة من ودائعهم.
 
 
وحسب المعطيات، لا تزال هذه الخطة قائمة، والهدف منها عدم تحميل القطاع المصرفي أي خسائر، وعدم حصول تغيير بنيوي في النظام المصرفي، وعدم كشف تفاصيل الهندسات المالية التي أجراها حاكم المصرف، وتطال غالبية البنوك، ويتشارك فيها السياسيون مع رجال الأعمال، وذلك كله يؤدي إلى تحميل الخسائر للمودعين.
 
رفض فرنسي 
تؤكد المعلومات أن الفرنسيين يرفضون هذا المنطق، ويريدون إجراء تدقيق مالي في المصرف المركزي. وعندما كان سلامة في باريس، طالبه الفرنسيون بالكشف عن الحسابات. وهناك ثلاث نقاط أخرى لم تكشفها المصادر.
 
هذا الاستعصاء لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار والتفلت. خصوصاً أن لا وجود لأي اهتمام دولي بلبنان وحلّ أزمته، بل تركه لينهار. وبذلك تُضرب كل مقومات ومرتكزات هذه الدولة التي أعلنت طهران أنها تسيطر عليها. 
 
 
 
 
المصدر: المدن