كُتّاب الموقع
الجائحة في خدمة السياسة

حسن حمادة

الأربعاء 16 كانون لأول 2020

ثمة حقائق دامغة تُطوّقها المزاعم...

فعلى سبيل المثال إن جائحة كورونا حقيقة، من العبث التنكر لها أو اعتبارها مُجرّد خدعة كبرى. وأخطر ما فيها سرعة عطب إجراءات مواجهتها، بمعنى أن على الإنسان، في هذه القرية العالميّة، البقاء في حالة "استنفار وقائي" متواصل، هو والمحيطين به مباشرة، بالقربى الدموية، أو الصداقة الحميمة. ويكفي خطأٌ بسيطٌ واحدٌ، على صعيد الوقاية، حتى ينهار كل شيء. تنهار كل مفاعيل الحيطة، التي تكون قد اُعتمدت على مدى أشهر، وربما لاحقاً على مدى سنين!!!...

من يدري؟...

هذه حقيقة علينا أن نعترف بها ونُدرك خطورتها، ونستنفر أنفسنا وقائياً لتطويق مفاعيلها ومحاصرتها، وتجنب القيام بأيّ محاولة للعودة إلى طريقة عيشنا السابقة لها... إلى أن يتم القضاء عليها وتطويقها كما حدث ويحدث مع باقي الفيروسات.

هذه المرة، أيّ مع جائحة كورونا، أتى التوظيف السياسي المكثّف لها ليرسم علامات استفهام لا تُحصى ولا تُعد حول الظروف المواكبة لهذه الكارثة العالميّة، وهي كارثة بكل معنى الكلمة. وأكثر ما يؤذي، في هذه الكارثة:

أولاً: الانقضاض على عقول الناس وإخضاعهم لحصار خانقٍ، من خلال إشغالهم بما هو الأكثر تأثيراً بهم، صحّتهم.

و"الحصار"، أي Blocusبالفرنسيّة، وBlockadeبالإنكليزية، هو عمل حربي غالباً ما يكون عدوانياً، وإذا كان "الحصار" المتعارف عليه يُمارس عادة، ويطبق بقصد تجويع شعوب وحرمانها من المياه والدواء بحيث تفتك بها الأمراض، وتتعرض بالتالي لـ"الإبادة"، فتتأثر قدراتها العقليّة ما يدفعها إلى تنفيذ إرادة جلاّديها، من دون قصد أو تعمّدٍ بل كردات فعل منها، ما يسّهل على المعتدين تنفيذ مخططاتهم بكلفةٍ ماديةٍ أقل مما يتطلبه المجهود الحربي الذي لا يشمل تنفيذ الحصار... ربما أن استراتيجية الحصار هذه باتت اليوم حكراً على الولايات المتحدة الأمريكيّة، ذات النظام السياسي الشرير، المعادي بتركيبته وبسلوكه للإنسان، فإن هذه الإمبراطوريّة التي لم تعرف منذ تأسيس دولتها وحتى اليوم، أي منذ سنة 1776 ولغاية العام 2020، سوى ستة عشر عاماً بلا حروب. وما عدا ذلك فحروب عدوانية ضد الآخرين، وهذا ما اعترف به الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في رسالة بعث بها في بداية العام الماضي 2019 الى الرئيس دونالد ترامب.

وشهدَ شاهدٌ من أهلِهِ... وأيُّ شاهدٍ!!!... وكذلك فعل آل غور، نائب الرئيس الأميركي بيل كلينتون، الحاقد على النظام الأميركي ودولته العميقة اللذين منعاه من الفوز بالرئاسة الأميركية في العام 2000، بواسطة تزويرٍ في تعداد الأصوات، ما أوصل المهبول والأميّ جورج بوش الإبن إلى البيت البيض...

فأتت اعترافات غور بمثابة نشر غسيل النظام السياسي الشرير وذلك في صيغة نقدٍ موسع لحكم بوش الإبن. لماذا اختار غور هذا الإسلوب في الإنتقام؟... لأنه يخاف من الإنشقاق عن النظام. والتاريخ الأميركي حافل بالاعترافات التي يبوح بها مسؤولين أميركيون سابقون إذ من المحظور على المسؤول أن يخرج عن قانون الكذب طالما هو في السلطة. فللنظام أيديولوجيا هي الكذب، والكذب قاعدة التعامل وبالتالي التكاذب. للكذب فصل ذهبي في كتاب أسرار النظام والدولة في الولايات المتحدة الأميركية. لذا نرى كيف أن هذه الدولة الشريرة تنّغص حياة أمم الأرض كافّة، بالحروب العدوانيّة، وبرعاية وتشجيع حروب الآخرين، وبالنهب المتواصل والقتل التدمير والحرائق والتجويع ونشر المظالم... كل أنواع المظالم. نظام هو شرٌّ كلّه وشرّ ما فيه خوف معظم أنظمة العالم وحكامها منه. والفاسدون هم أكثر الذين يخافون من عدوانية النظام الأميركي، فيبالغون في طاعته، وغالباً ما يصبحون فريسةً له.

لقد قدّم آل غور عرضاً مسهباً لصيغة وآليّة، انقضاض النظام الميركي على عقول الناس ومحاصرته لها، واعتمد في شرحه هذا، منهاجاً أكاديمياً دقيقاً... (يشكل بحد ذاته تأكيداً ودليلاً على أنه يرمي إلى النظام بكليتّه وليس إلى مجرّد عهد أو ولاية مثل عهد بوش الإبن وولايته)... فأجرى تبويباً لهذه الآلية يختصر طريقة العمل الخاصة بالنظام، على الشكل الآتي:

  • النظام يكرّس سياسة تخويف الأميركيين بشكل متواصل، فيندفعون نحوه طلباً للحماية من "الأعداء" الافتراضيين.
  • تعمية بصائر المؤمنين بالنظام، الموافقين على طروحاته والمستمعين دوماً لنواقيس الخطر التي يدّقها محذراً من "الأعداء".

ج – يقوم النظام بضرب حصانة الإنسان – المواطن، حصانة الأفراد. فرئيس الولايات المتحدة يستطيع متى يشاء اتخاذ قرارٍ باخضاع السجناء، والأسرى، للتعذيب!!!... هذا ما يعترف به غور، علناً ورسمياً، في كتابه عن الانقضاض على عقول الناس، والاستيلاء عليها، ومحاصرتها. ويذهب أبعد من ذلك، فيكشف عن وجود شبكة متكاملة من "معسكرات الاعتقال السريّة" وأن منظمة الصليب الحمر، داخل الولايات المتحدة، تُؤكد بأن نسبة الأبرياء في تلك المعسكرات السريّة تصل إلى تسعين بالمئة من مجموع الأسرى، وأكثريتهم الساحقة لهم صفة "المفقودين" ذات "المصير المجهول" ... وهذا جزءٌ من فرض الرعب على سكان دولة اسمها الولايات المتحدة الأميركيّة.

د- يتولّى النظام إدارة حملة متواصلة، متعددة الأوجه، والحلقات، للترويج إلى وجود "تهديديات خارجيّة تستهدف الأمن القومي الأميركي"... ما يتطلب من الناس تقديم تضحيات كبرى على صعيد الحريات العامّة والحقوق الفرديّة.

هـ - في ظلّ كل ذلك يفرض نظام القيم والتسلط، أي النظام النقدي، أي كل ما له صلة مباشرة بالمال، بالعملة، يفرض نفسه بشكل مطلق، الأمر الذي يسحق الطبقات الكادحة سحقاً.

و – يتولّى النظام تحصين أيديولوجيا الكذب من خلال أجهزة الإعلام وقادة القمع العسكرية والمخابراتية الرسميّة، يضاف إليها القوى الرديفة. (هنا يخاف آل غور من تسمية، المنظمة الصهيونية الأميركية، وهو عملياً يواليها سياسياً). والتحصين هذا يحدث من خلال مطاردة الصدق والصادقين، وكل من يكشف عورة للنظام. والأمثلة على ذلك لا تحصى ولا تعدّ.

ز – وتبلغ إيديولوجيا الكذب الذروة في اختصاصها من خلال رفع شعار " الديمقراطية في خطر"، من خلال العدو الخارجي، أو الأعداء، ومن الداخل بواسطة كل من لا ينصر النظام أو الإدارة الحاكمة.

ثانياً: إن كل ما تقدم يفترض من المراقب الذي يحترم نفسه أن يشكك سلفاً بكل ما يصدر عن الدولة الأميركيّة في شأن الجائحة الفظيعة التي لا يوجد حتى الآن أرقام أو لوائح بيانية للخسائر الهائلة التي أحدثتها لغاية الآن في العالم. فالدمار الاقتصادي – الاجتماعي واضح لا لبس فيه، وكذلك الدمار الثقافي والنفسي. وفي الوقت ذاته، وهنا بيت القصيد، نلاحظ وباستغراب شديد أن الحروب العدوانية الأميركية الدائرة في بقاع الكرة الأرضيّة تستمر وكأن شيئاً لم يكن، من دون أي تغيير على صعيد البرمجة والمحاور.

فالحرب على سورية مستمرة، مباشرة من قبل الجيش الميركي أو عبر فكّي الكماشة الإسرائيلي – التركي أو بواسطة المنظمات التكفيرّية (الميليشيات الأطلسية مثل جبهة النصرة وداعش ومشتقاتهما التي تتحرك إسرائيلياً أو تركياً وتمويل خليجي) . أو بواسطة ميليشيات كرديّة تابعة مباشرة للاستخبارات الأميركية.

والحرب على العراق مستمرة أيضاً، والأميركيون يرفضون الانسحاب المطلوب منهم من قبل البرلمان العراقي، وها هم يعيدون الحياة إلى داعش كلّما زاد الضغط عليهم، ويكثفون دعهمهم للحركة الانفصالية في الشمال.

والحرب على إيران مستمرة بكافة الوسائل، وكذلك الحرب العدوانية على اليمن وليبيا وفنزويلا...

كما أن الجديد هذه المرّة هو تصعيد الحرب الاقتصادية العدوانية ضد الصين، وهي الحرب التي كانت بداياتها قد ظهرت منذ عهد باراك أوباما. هذه الحرب الأميركية – الصينية هي التي تشكل اليوم خطّ التماس الدولي. وهنا أيضاً حسبنا التذكير بأن التاريخ لم يسجّل، ولو مرّةً واحدةً، عدواناً حربياً صينياً ضد دولة الولايات المتحدة. ففي القرن التاسع عشر بادرت دولة الولايات المتحدة إلى الانغماس في حرب الأفيون ضد الصين، وهي الحرب العدوانية العديمة الأخلاق التي شنها الإنكليز والفرنسيون ضد الصين. دائماً يأتي العدوان من الغرب في اتجاه الشرق وليس العكس. وفي هذا السياق، بادرت الإدارة الأميركية، إلى تسمية فيروس كورونا بـ"الفيروس الصيني"، استثماراً للجائحة في السياسة.

إن فظاعة التعاطي الأميركي مع هذه الجائحة، داخلياً ودولياً، والاستثمار الكريه الذي يحصل، يعطي صدقية للموقف الصيني الذي يرّجح أن تكون العدوى التي وصلت إلى الصين، وتحديداً إلى مدينة ووهان التي باتت ذائعة الصيت، إنما وصلت بواسطة السَريّة العسكرية الأميركيّة التي أتت من أفغانستان إلى الصين للمشاركة في عروض عسكرية مشتركة، تبين أن معظم أفرادها كانوا مصابين بالكورونا.

وما يعزز الشكوك في احتمال مسؤولية للولايات المتحدة في انتشار هذه الجائحة هو تغييب " الستار الحديدي" الميركي – الأطلسي لكل ما له صلة بالمختبرات السَريّة الأميركيّة، المتخصصة بالأبحاث حول الفيروسات والبكتيريا وما شابهها، والمنتشرة في مناطق عدّة من العالم، بدءاً بأوروبا الشرقية والقوقاز، وبالتالي على امتداد آسيا (خصوصاً أفغانستان) وأفريقيا وأميركا اللاتينيّة، وعددها يصل إلى 25 مختبر. كيف يغيّب موضوع خطير كهذا، وفي ظرفنا الراهن؟؟؟...!!!... الجواب هو عند "من"..."من" يملك وسائل الإعلام وكبرى الوكالات الإعلاميّة وصولاً إلى الشبكة العنكبوتيّة التي تتحكم بها الصهاينة تحكّماً كاملاً. إن لم يكن الآن وقت فتح ملف هذه المختبرات التي تُهدد البشرية جمعاء، بأبشع المصائر، فمتى يحلُ وقتُ فتحها؟؟؟... فتّش عن الستار الحديدي الأميركي.