كُتّاب الموقع
الدور الأوروبي

منصور عازار

الجمعة 23 آب 2019

أوروبا العالم القديم في مواجهة أميركا العالم الجديد قارة خاجة من تاريخ طويل كله حروب وقتال وتطور نحو الانفتاح على عوالم عديدة وإذا بدأنا فقط منذ أيام الحروب الصليبية والحملات الأوروبية على منطقة شرق البحر المتوسط وعبرها نحو الطموحات للوصول إلى بلاد الشرق البعيد الهند، الصين، وما حولهما نعرف تماماً أن التحرك الأوروبي الذي لبس لباس الحروب الصليبية وتخذ شعاره استرجاع قبر المسيح وصليبه وعاصمته القدس كان هذا التحرك الحربي – الديني في ظاهره – يحمل مطامع استعمارية حادة تريد اكتشاف هذه المنطقة من العالم والتعرف على مواردها وعلومها وخبراتها وكانت الحروب الصليبية أول امتداد أوروبي نحو عالم آخر هو الشرق وبعد أعوام طويلة من حروب المد والجزر تمكن صلاح الدين الأيوبي من إخراج الصليبيين وإعادتهم إلى بلدانهم المختلفة؟ وبدأت أوروبا تتكون أمما وشعوباً مستفيدةً من العلوم والمعارف التي اكتسبتها من هذا الاحتكاك بمواطن الحضارة والعلوم والفيزياء والكيمياء، والطب والفلك والأدب وشعر وفلسفة وبدأت تتطور استعداداً لمراحل جديدة في حياتها فكان اكتشاف أميركا، وكانت الهجرات الأوروبية إلى هذا العالم الجديد وبدأت الأساطيل البحرية تتكون وإذا بالبرتغال وإسبانيا وإنكلترا وفرنسا وهولندا ودول أواسط أوروبا تتحرك نحو هذه المناطق الجديدة لتستعمرها وتهيمن على أراضيها وممتلكاتها وهذا التفاعل العميق بين العالمين وهذا الانتقال البشري المتواصل أسس العالم الجديد ولكن هذا العالم الجديد حمل في طياته بذور العالم القديم المفعم بنتائج الحروب الصليبية وقبله حروب التوسع لدمشق وبغداد عاصمتي العالم آنذاك وكان الأمويون قد احتلوا اسبانيا وطعموها بالعلوم والمعارف والآداب والغناء والرقص..


وبدورها كانت إسبانيا ومعها فرنسا وإنجلترا تنقل جميعها هذه الأفكار  والحضارات إلى العالم الجديد ولكن المضمون الديني المسيحي الغائب، كان مفعماً بتعاليم التوراة وخرافات اليهود الذين استطاعوا تحويل المسيحية إلى خليط من يهودية -  مسيحية وضمنية حثت اليهود لنقل نفوذهم من أوروبا خلال ما يقارب الألف عام وتمكنت هذه العائلات اليهودية أن تؤسس لها فروعاً قديمة في العالم الجديد تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا وكانت حروب الاستقلال الأمريكي عن القارة القديمة وكان أن بدأت تنضج أفكار الفلاسفة الأوروبيين من فرنسيين وإيطاليين وإنجليز  وألمان وهذا النضج العميق عند الفلاسفة من رونو إلى موتسكيو  إلى فولتير إلى الفلاسفة الليبراليين في اتجلترا وألمانيا في إحداث نهضة فكرية اجتماعية أدت بدورها إلى تحضير الثورة الفرنسية التي قلبت المقاييس فبدأ الانسان الأوروبي يتحرك ويعي وجوده وحقوقه في الحرية والمساواة والأخوة مما اوصلنا إلى عهد نابليون وأحلامه في توحيد أوروبا وينتج الشرق من الجديد، إنما كان الانجليز له بالمرصاد وتمكنت أوروبا بعد هزيمة نابليون أن تتقاسم العالم آنذاك، الانجليز والفرنسيون ومعهم الاسبان والبرتغاليون والهولنديون وغيرهم من شعوب أوروبا كانت عصور ذهبية لأوربا حتى اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية.


*نُشرالمقال في مجلة تحولات - العدد /3/  - أيلول - 2005