كُتّاب الموقع
أسئلة من أجل التطوير

منصور عازار

الأربعاء 21 آب 2019

كان اكتشاف أميركا حدثاً عظيماً في تاريخ الانسانية جمعاء وانها الآن تمسك بخيوط اللعبة العالمية، من جهة أوروبا فإنها تعتمد على الجزيرة البريطانية وعرفتها بحيك المؤامرات وتفكيك الشعوب الأوروبية خصوصاً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وجعله تحت إمرتها ونفوذها وتحويله إلى مقاطعات تتناحر فيما بينها فتختار من مواردها تأمين حاجاتها الاقتصادية من معاش ومسكن وملبس إلى آخره، هؤلاء والأميركان هم اليوم  رومان هذا العصر وعلى رأسهم هذا «القيصر» امبراطور الكرة الأرضية يتحكم بموارد الكون العلمية والتقنية والطبية والنظامية مما يجعلها الآمرة الناهية في شؤون مصير البشرية لا ينازعها منازع فهي تلقي حروباً بين الشعوب وتهيمن على الأدمغة الكبيرة وبيدها كل الاكتشافات العلمية الحديثة في الكون واستمراره منوط بإرادتها ولا نغالي إذا قلنا إن انتشار النفوذ الأميركاني في كل المؤسسات العالمية يجعلها مطية لمطامع هذه الدولة ومؤسساتها فالكون أصبح "لعبة بين يديها" فهل سيتكمن العقل الأميركاني من السيطرة على هذه «اللعبة» الخطيرة وهل ستتمكن الكرة الأرضية من تحمّل «التجارب الذرية والنووية» وغيرها؟ وهل أن الأميركان، بمقدورهم التمكن من ضبط حركة التقدم العلمي في هذا الكون من أرض وفضاء؟!.


نحن نعتقد أن الإنسانية الآن هي على شفير خطر كبير قد يقضي على وجودهاويفجر الكرة الأرضية والسبب الواضح , هو هذا التفاوت بين التقدم العلمي وتطور المجتمعات الإنسانية والأنظمة.


هذا الصراع القائم بين التقدم العلمي والتخلف الأخلاقي يشكل اليوم مشكلة الإنسان على الأرض , هذه المشكلة التي رافقته منذ العصور القديمة. لقد حاول من خلال الأديان وغيرها من التفسيرات الفلسفية والاجتماعية تطوير المجتمعات البشرية لتصبح قادرة على استعياب التطور العلمي و الفلسفي ولكنه لم يفلح لأن الأديان فسرت الحياة أنها من صنع خالق واحد أوجد السماوات والأرض والبحار وهو المرجع في الوجود وفي ماوراء الوجود فما أن ينتهي الإنسان عمره في الشقاء والعذاب "وادي الدموع هذا"  حتى ينتقل إلى الله – الخالق ويكافأ على الأعمال التي قاربها على الأرض إما في السماء أو في جهنم حسب سيرة حياته فكان أن أصبح الأنسان وارث هذه التعاليم جيلاً بعد جيل منقسماً على ذاته يعمل هنا لينال هناك السعادة الأبدية أو العذاب الأبدي وفق سلوكه فدخلت الإنسانية منذ آلاف السنين في هذا الأنفصام الخطير وكان هذا تفسير للوجود الإنساني هو الغالب على البشرية في ملياراتها السبع تقريباً فهل أدت الأديان السماوية قسطها في تحرير الإنسان وتأمين السعادة له ؟.


هل إن رسالة محمد وتعاليمه التي انتشرت على مليار مؤمن في هذا الكون, قد أدت بدورها الغرض الديني الذي من أجله ظهر النبي وحمل وعلم وقاتل المشركين وعبادة الأصنام واقتحم معابدهم وحطمهم وأعلى كلمة الله الواحد الأحد الأبوي السرمدي؟ وماذا كان فعل الفلاسفة في تقدم شعوبهم فهل نيتشه مثلاً وغوتيه ووليم جيمس وبركسون وقبلهم روسو وفولتير ومتسيكو  وهل أن كارل ماركس ومدرسته الاشتراكية والليبارية والرأسمالية وغيرها وغيرها من الأنظمة الدكتاتورية والديمقراطية قد أعطت كلها من محصلها الأخير الحل والسعادة للإنسان على الأرض ولماذ لم تنجح هذه على الرغم من كثرة اتباعها ومؤيديها والمؤمنين بها واللذين صارعوا وقاتلوا وماتوا من أجلها ؟ هل فلسفة أرسطو وأفلاطون ومن بعدهم في عهود الرومان والعرب والعصور الحديثة عملت هذه كلها من تأمين الأطمئنان والسلام على الأرض؟


لست أجد هنا إلا المصارحة الكاملة من أن الإنسان قد فشل فشلاً ذريعاً في تأمين سعادته على الأرض !..
لماذا ؟؟؟ الجواب على هذا السؤال الخطير يستدعي يستدعي معرفة تكوين الحياة على هذه الأرض, هذه الحياة التي أثبت العلم والأكتشافات الحديثة أنها تعود إلى ملايين السنين وهذا ماأكده علماء كثيرون ومنهم علماء في استراليا  اثبتوا مؤخراً على أن الخلية الأولى وجودها في صخور عمرها يمتد إلى ماقبل وجود الحياة على الأرض , لا يهمنا أن نعرف كيف نشأت الحياة ومن أين بدأت لكن مايعنينا هو معرفة وفهم وتفسير هذه الحياة ونموها على العصور حتى وصلت إلى يومنا هذا, الإنسان عبر تاريخه يفتش عن معنى وجوده عن معنى هذه الأيام التي يقضيها على الأرض ثم يأتيه الغياب؟ الموت المحتم فيكون منذ الأزل منهمكاًفي تفسير هذه الظاهرة  التي لا خيار له فيها, الموت والخلود أثقلا الإنسان منذ أن بدأ يعي وجوده "ويركز" في اتجاه معرفة الكون الماثل أمامه. ومن سؤاله من أنا؟ من أين أتيت؟ وإلى أين أنا ذاهب؟ كانت الأجوبة استكشافاً للطبيعة ومظاهرها القوية فتخيل إليه أن القوى الفائقة والمتنوعة هي التي تتحكم في مصير الحياة؟ فتطلع ألى الفضاء فوجد الشمس مظهراً يجهله فعبد الشمس وعبد الأقمار وعبد وخاف من جنون الطبيعة والهزات الأرضية والأعصارات القوية وحاول عبادتها والتعرف إلى قواها التي تفوق أدراكه, فكان الخوف هو العامل الأول في التفتيش عن إدراك الحقائق الماثلة أمامهم الخوف من الجوع؟ والمرض؟ ومن قوى المخلوقات المفترسة في الغابات فبدأ يفتش عن وسائل حماية نفسه وهو منذ البدء وجدجماعات مجتمعة إلى بعضها بعضاً يجتمعونوراء رضى صفوفهم وامتلاك وسائل الدفاع المتوفرة في الطبيعة والجوء إلى الحيلة, حيلة الهرب من الأخطار وحيلة التخفي في المغاور والأحراش ووراء الصخور: حالة الدفاع عن الصراع والبقاء في سبيل البقاء كانت مسيطرة على حياتهم وأحوالهم وكم أن السنين والدهور قد مرت على حالتهم هذه؟ لست أدري!وهذا متروك بالطبع لأصحاب الأختصاص والعلماء والدارسين لنشوء الحياة على هذه الأرض؟ أما مايعنينا نحن فإن الإنسان هو من المخلوقات الحية والمتناسلة وعمر الفرد فيه له حدوده أما المجتمع الإنساني فينمو ويتطور بلا حدود من عمر أما التواصل بين الأجيال من ولادة إلى حضور فاعل في مجتمعه أو متحده إلى الفناء في الأرض التي أتى منها لا يؤثر مطلقاً في استمرار هذه المجتمعات ونموها وتطورها عبر ملايين السنين وعندما بدأ الإنسان يعقل ويفكر ويرتقي في مشاعره ووسائل عمله وامتلاكه القوى التغيرية لمجاري حياته بدأ بالوقت نفسه يفكر في تفسير وجوده وبقائه وخلوده وموته ومن هنا من عوامل الخوف والصراع في سبيل البقاء بدأت الاختراعات والمعارف.

 
وام يتمكن الأنسان من اكتشاف حقيقة وجوده على هذه الأرض حتى أصبحت لديه إمكانات كثيرة وهامة لتفسير الحياة والكون وما وراء الحياة فكانت فكرة المصير بعد الموتشغله الشاغل مما جعل من شعوب كثيرة كالمصريين مثلاًوالسوريين من تخليد عظمائهم  وهم على قيد الحياة فكان التحنيط للأجساد الميتة وكانت الشعائر المتنوعة من شعب إلى آخر يشمل حيزاً من اهتماماتهم فيبني المدافن ويحضر الأمكنة الائقة لأستقبال الإنسانبعد وفاته ودفن حلاه وجواهره معه لتساعده يوم القيامة, كانت ولم تزل أمور ماوراء الوجود تشغله أكثر من أمور وجوده فالوجود هو معبر مؤقت لما وراء الوجود. أذاً فالحياة فانية لا تحرز أن يهتم بها الإنسان وماعليه إلا أن يكون جسر لعبور إلى الحياة الآخرة حيث الخلود من هذه المخاوف والهواجس. نشأت الأديان السماوية وبدأ الصراع الرهيب بين الوجود الإنساني وحاجاته الكثيرة ومتطلباته المتنوعة وبين " ماوراء الوجود" من سعادة أبدية وفناء في الله – الأبدي – السرمدي, فكانت فكرة الله تتطور في خياله ومعتقداته إلى أن أصبحت اليوم مدار بحوث ودراسات يتجاوز في مفاهيمها وحقائقها ماورد في الكتب السماوية من توراة وإنجيل وقرآن, غلا أن الإنسان في هذا العصر الذي نحن فيه والذي ورث جميع الأكتشافات والأختراعات والمفاهيم الفلسفية والعلمية والتي هي حاصل الأجتهادات العلمية والعقلية والفلسفية والدينية على انواعها هذه, لم يظل بعيداً عن معرفة حقيقة وجوده وتفسير حياته على الأرض وهذا الأمر يعنينا بالدرجة الأولى كشعب أعطى للإنسانية في ماضيها الكثير من تفسير حقيقي للوجود وللفعل في هذا الكون, وبهذا أصل فلسفة سعاده أو نظرته إلى الحياة والكون والفن وتفسيره للإنسان والمجتمع, واعتباره المدرحية الموحد للقوى الإنسانية هي الحقائق الأخيرة لمعرفة الوجود وماينطوي عليه من تفسيرات تعطي للحياة معناه الحقيقي وجوهرها الحي.


الإنسان المجتمع, المدرحية, التفاعل الموحد للقوى الأنسانية .. أسئلة للبحث والحوار .     



*نُشر المقال في مجلة تحولات - العدد الثاني 5 – آب -2005