كُتّاب الموقع
الجزائر: نحن وفرنسا والنزيف المزمن

دكتور محيي الدين عميمور

الجمعة 28 حزيران 2019

تناولت بعض الأنباء مؤخرا معلومات عن سلسلة من الاجتماعات تقوم بها السلطات الفرنسية لمتابعة الحالة الجزائرية، كان من بينها اجتماع عقد في مجلس الشيوخ خلال الشهر الماضي تحدث فيه السفير الفرنسي في الجزائر ولم يُعلن شيئ عن مضمونه، ثم ترددت أخبار عن اجتماعات عقدتها المصالح الفرنسية مع عدد من الجزائريين ممن ينشطون في إطار الفكر الانفصالي بتشجيع من السلطات الفرنسية العليا وبعض الدول الشقيقة.


وواضح هنا أن التطورات التي تعيشها الجزائر والهادفة إلى التخلص من وضعية تمس باستقلالها الوطني أثارت قلق الفرنسيين، وهو ما جعلها تحاول تنظيم تحركات من يطلق عليه هنا حزب فرنسا، وهو، للأمانة، ليس محصورا في الضباط الجزائريين الذين فروا من الجيش الفرنسي والتحقوا بالثورة الجزائرية، والذين كان التركيز عليهم محاولة للتعتيم على دور مئات بل آلاف من المدنيين الذين كانوا في الإدارة الفرنسية، وأشرت لهم في حديث سابق.


ويوضح الباحث الجزائري رشيد بلقرع تطور دور هؤلاء فيقول : “إن حزب فرنسا هو منظومة فكريّة وَ عقَديّة تسلُكُ ضمن مسارٍ مَصَبُّهُ إعتقادٌ راسخ بِتَبَنّي الطّرح الكولونيالي، وَلاءً وإنتماءً حضاريّاً وانتصاراً نفسيّاً وَ نموذجاً تنمويّاً..مُنطَلقُهُ الإنهزاميّة واعتقادُ النهضة الشاملة في غير الرّافد الوطني والحضاري للجزائر، تستَتْبِعُهُ ولاءاتٌ فرعيّة تنسحب على مُجملِ الأنساق المجتمعية الأخرى في شكل ثنائيّات متقابلة:


وحزب فرنسا هو تَجَلٍّ قديم- مُتجدّد لصراع حضاري بالجزائر بأدوات سياسية وإسنادٍ أدبيّ وَ إرتهانٍ اقتصادي للكولون السابق؛ تَعْضُدُهُ نُخَبٌ أكاديميّةٌ مُتوجّسة جرّاء تكوينها الفرنكوفوني؛ تحسبُ كلّ محاولة من الإنعتاق عن المُكوّن الثقافي الفرنساوي إستعداءً لها و عدواناً مُوجّهاً ضدّها بحُكم تكوينها الأكاديمي بالفرنسي.”


وإذا كان الباحث يؤكد على أن حزبُ فرنسا ليس مشجباً تُعلّقُ عليه كلّ الهزائم، لكنّه يرى امتداداته السياسية والمجتمعية والفكرية والاقتصادية التي تقوم بِمَهمّةِ الوكيل الحضاري Civilizational Agent لا تُلغي مسؤوليّتهُ في مُعظم الشَّرَر النّاجم عن اعتقاد وُكَلاء حزب فرنسا بحتميّة الإلحاق الحضاري الشامل بِفرنسا فكرا وسياسةً واقتصاداً..وَ اعتقاداً.


وواضح أن محاربة الانتماء العربي الإسلامي هو قاعدة التحركات في هذا الاتجاه، ومن هنا أحاول استكمال حديث كنت بدأته منذ عدة أسبوع، حاولت فيه أن أرسم صورة للواقع الجزائري خلال ستين سنة من الاستقلال.


لكنني قبل أن أدخل في صلب الموضوع أنبه إلى أن كثيرا مما سوف أقوله سبق أن تناولته عبر السنوات الماضية، ويتطلب السياق أن أعود لاستعراض بعضه، مما يفرض عليّ الاعتذار لمن قد يرون بأن ما أقوله هو قهوة يُعاد تسخينها.


ثم ألاحظ أن مرحلة ما يعد استرجاع الاستقلال كانت عدة مراحل فيها الكثير من التناقضات، ابتداء من مرحلة الرئيس أحمد بن بله واختتاما بمرحلة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة.


ويمكن أن يُقال الكثير عن العلاقات الجزائرية الفرنسية، لكن أي تحليل لا يمكن أن يقدم صورة موضوعية إذا لم ينطلق من القاعدة الأساسية التي قامت بها وعليها كل عناصر العلاقات بين البلدين، وهي اللغة.


وكان هذا هو الهاجس الرئيسي للرئيس هواري بو مدين وسر العداء الرهيب الذي كان يلقاه من حزب فرنسا، ومن فرنسا نفسها، وكنت تناولت بعض هذا في حديثي عن نادي السفاري.


وكانت خلفية بو مدين أنه يريد صداقة تحالفية مع فرنسا مبنية على مصالحة تاريخية تشبه مصالحة فرنسا – دو غول مع ألمانيا – أديناور،وكان بالتالي يرفض مصالحة من نوع مصالحة ألمانيا هتلر مع فرنسا بيتان.


لكن اللغة العربية عاشت وضعية عداء متزايد، بلغ ذروته بعد وفاة الرئيس في 1978 ثم بدأت العلاقات بين النظامين الجزائري والفرنسي تعرف دفئا متميزا، وخصوصا عندما تمت تصفية كثيرين من المحسوبين على التيار العربي الإسلامي وتنامت العلاقات بين المساعد الأول للرئيس الشاذلي بن جديد، العقيد ثم الجنرال العربي بلخير، وجاك عتالي، مستشار الرئيس الفرنسي فرانسوا متران.


وتصاعد في تلك المرحلة تعبير كان قد بدأ يتسرب إلى الساحة على استحياء في عهد الرئيس هواري بو مدين، وكان صاحبه الأول والمُبشّر به الكاتب الجزائري “كاتب ياسين”.

 


بريجيت باردو ونانسي عجرم


كان ذلك التعبير يصف اللغة الفرنسية بأنها “غنيمة حرب”، والمقصود هو (Butin de guerre، وليس  Putain de guerre، لطفاً) وهو ما يعيد إلى الذاكرة أياما، أو على الأصح قرونا خلت، كان المُقاتل فيها يخوض غمار حرب شرسة، فإذا ظفر فإنه يعود بغنائم ربما كان من بينها سبيّةً يجعل منها محظيّة أو خليلة إذا كانت شابة وجميلة ومتألقة، أو يكلفها بمهام الخادمة أو ما دون ذلك، إذا كانت غير ذلك.


عندنا أصبحنا نعيش العجب العُجاب، فالسبيّة، التي لم تكن “بريجيت باردو” أمس ولا “نانسي عجرم” اليوم، استولت على عقل مالكها وخلبت لبّه، فسلمها لحيته وأسلم لها قيادَه، ولأنها لم تكن تؤمن بالتعددية وكانت ترفض المساواة فقد طردت زوجه وأبناءه، وجاءت بأهلها فأسكنتهم المنزل وسلمتهم مفاتيحه، وأرغمت بعلها “الجايح” على أن يكتب كل أملاكه باسمها، وتعطفت عليه في نهاية الأمر فخصصت له غرفة مهجورة يلفظ فيها أنفاسهُ الأخيرة، وراحت تقضي نهارها هائمة ومساءها راقصة وليلها عاشقة لأي عابر سرير.


وهكذا سادت في بلادنا لغة “سانت آرنو وبيجار ولاكوست”، التي كان مولود قاسم رحمه الله يردد بأنها أصبحت لغة متخلفة، مقارنة باللغات الأخرى كالإنغليزية، وهي اليوم لغة العلم وأداة العلماء، والإسبانية التي تتحدث بها نحو ثلاث قارات، والصينية التي يتعامل بها خمس سكان العالم، والألمانية التي تشق طريقها نحو العالمية.


وبأموال الدولة، التي استعادت استقلالها بدماء ملايين الشهداء واسترجعت ثرواتها بتضحيات أجيال وأجيال، ازدهرت لغة الخادمات (femmes de ménage) والكونسييرجات (concierges) وازدادت صفاقة من تحولوا من الفرانكفونية إلى الفرانكوفيلية ثم إلى “الفرانكومانيا” الممتزجة بالأرابوفوبيا والحساسية المرضية من كل ما تفوح منه رائحة العروبة والإسلام (ولا أعتذر عن استعمال كلمات فرنسية اضطررت لها لأن لكل منها مدلول قدحيّ خاص يُستعمل، كما هو، على الساحة الجزائرية)
ونتيجة للتراخي المُعيب لمن يعنيهم الأمر أو يجب أن يعنيهم الأمر استطاع “التسونامي” الفرنسي إغراق معظم المجالات، خصوصا مجالات الإعلام والثقافة، وأصاب المُحيط الاجتماعي والاقتصادي ومعالم العمران ومجالات البيئة بأسوأ مظاهر الاستلاب.


وأصبحت بلادنا فريسة للفرنسية السوقية وأبعدها عن المستوى الرفيع وحتى عن اللهجة العادية ِللُغةٍ لعلها من أجمل لغات العالم، وسيطرت على التعاملات الاجتماعية فاحشة لغوية هجينة أفسدت اللغتين، وندد بها يوما الرئيس بو تفليقة علنا، ثم نسي الأمر كله في اليوم التالي.


هذه أصبحت وضعية  اللغة العربية في واحد من أهم بلدان الوطن العربي، وقد يكون هذا واقعها في سنوات قادمة في بلدان أخرى عندما يشتد عود المهاجرين إليها، فتسود الأوردو ولغات البنغال والباشتون والهازارا، وتكون الكلمة الأخيرة لكل من يكتب من اليسار إلى اليمين وربما أيضا من أعلى إلى أسفل.


     وشهدت بلادنا في السنوات الأخيرة تراجعا رهيبا في الوجود المُؤثر للّغة العربية، يكفي للتأكد منه متابعة الحصص القديمة التي تقدمها التلفزة الجزائرية اليوم كذكريات أو لسدّ الفراغ، وتبرز بوضوح تقهقر اللغة العربية اليوم، وجودا ونوعية وانتشارا، مقارنة بالستينيات والسبعينيات وحتى بعض الثمانينيات، وتكفي للدلالة عليه أيضا جولة في الشوارع الرئيسية للعاصمة الجزائرية، حيث توسع استعمال اللغة الأجنبية على واجهات المحلات العامة وأصبح نوعا من الفجور اللغوي، حتى تندّر البعض بأن محيط بعض الأحياء في بعض مدن بريطانيا وفرنسا قد يكون أكثر تعريبا منه في العديد من أحياء عاصمتنا العربية.


وأعترف أنني، عندما تقدمت في بداية الألفية إلى مجلس وزراء الثقافة العرب باقتراح أن تكون الجزائر عاصمة للثقافة العربية عام 2007، كنت أتصور أن الاحتفالية، التي ستدوم سنة كاملة، ستكون فرصة سانحة لقيام لتعريب المحيط تعريبا كاملا، وحاولت قبل انطلاقة السنة بشهور طويلة أن ألفت النظر إلى التقصير الملحوظ في هذا المجال ، ولكن صيحاتي ذهبت أدراج الرياح، وعشنا فضائح يندى لها الجبين، حتى بالنسبة لقوائم الطعام في معظم الفنادق التي تستقبل الضيوف في عاصمة الثقافة العربية.

 


الناس على دين ملوكهم


لاحظت طوال السنة، بكل مرارة، قلة عدد المسؤولين، صغارا وكبارا وكبارا جدا، الذين اهتموا بمتابعة الحفلات الرسمية لتظاهرة ثقافية وطنية لا يعيشها جيل واحد غالبا أكثر من مرة واحدة طوال حياته المُثمرة, وبرغم أن الدعوات كانت توزع بانتظام على جل القيادات وقصر الثقافة كان مفتوح الأبواب على مصراعيها، وكان واضحا أن كبار المسؤولين لا يهتمون إلا بما يهتم به المسؤول الأول
وطاشت آمال تعريب المُحيط، وأعطى أصحاب القرار في المواقع التنفيذية ظهرهم للقوانين المتعلقة بتعميم اللغة العربية، ولعلهم تصوروا أنهم بذلك ينسجمون مع إرادة مواقع عُلا، تملك لهم نفعا كثيرا وضُرّا أكثر.


 وأتذكر هنا أن مسؤولا ساميا، كنت أحاول دعوته للمساهمة في مجال تعريب المحيط، قال لي، باستعلاء واضح، أن هذا كله قشور خارجية وبأن علينا أن نهتم بالجوهر والمضمون، مما جعلني أسأله متهكما، بوضوح لم أحاول إخفاءه، عمّن منعه من الاهتمام بالجوهر والمضمون، ومجال نشاطه المهني يعرف العجز الواضح في جل الممارسات.


كانت الأغلبية الساحقة من المواطنين في الستينيات وربما في السبعينيات ما زالت تعيش نشوة الاستقلال، ولم تجد من يبصرها بخطورة الواقع اللغوي المتشرذم، وخدرتها الأغنية التي تقول بأن اللغة ما هي إلا وسيلة تخاطب، والتي دعمتها على الفور أسطورة “غنيمة الحرب” التي خدع الناس بها طويلا بدون أن يتساءلوا عمن كان وراءها، ومن هنا عاشت الجزائر القضية الشائكة التي عرفت بقضية المعربين والمفرنسين، وتسببت في إحداث شرخ هائل في المجتمع الجزائري، أضيفت له شروخ جانبية تحت شعارات التعددية الثقافية، جعلت من الصعب أن يكون هناك برنامج ثقافي تلتف حوله الأمة ويعبر عنها ويستلهم آمالها ومعاناتها، أي رسم استراتيجية حقيقية للفعل الثقافي.


كان هدفُ سياسة التعليم خلال مرحلة الاستعمار أساسا القضاءَ على الثقافة العربية، والحيلولة دون أي ارتباط عضوي بين الجزائر وسائر بلدان الوطن العربي، ولم يكن ذاك لإحلال الثقافة الفرنسية مكان الثقافة العربية كما قد يتصور البعض، بل كان المطلوب أن يوجّه تعليم الفرنسية لمن تحتاجهم الإدارة الاستعمارية للتواصل مع مجموع الجزائريين، والذين كانوا يُسمّون “الأهالي” (Indigènes) وكان دور أولئك “المتعلمين” القيام بمهمة “القفاز” يلبسه من يريد ألاّ تتسخ يداه بالتعامل مع الأهالي، هذا من جهة،ومن جهة أخرى توجّهَ التعليم بالفرنسية وبشكل موازٍ إلى نخب جزائرية مختارة اجتماعيا، تنتمي في معظمها إلى المدن، أو إلى أسر معينة لم تكن معروفة بتناقضها مع الوجود الاستعماري، وهكذا ظلت الأغلبية الساحقة، وخصوصا في البوادي والأحياء الشعبية في المدن، تعاني من الفقر والجهل والمرض، مما وصل بحجم الأمية في الجزائر قبيل استرجاع الاستقلال إلى نحو 90 %، بينما لم تكن الجزائر قبل الاستعمار تعرف الأمية، بمقياس ذلك العصر بالطبع.


وكان جهاز الإدارة هو أقوى الأجهزة في العقود الأولى للاستقلال، سواء الجهاز الحكومي مثل البلديات والمرافق العامة أو الخدماتيّ كالصحة والكهرباء، وكان الهيكل القاعدي للإدارة الجزائرية موروثا أساسا عن الاستعمار، وكثيرون ممن تكوّن منهم هيكل الإدارة في الجزائر المستقلة كانوا، بصفة عامة، ممن احتلوا مناصب في الإدارة الاستعمارية، معظمها كان هامشيا، وأعطاهم الفراغ الناتج عن فرار الفرنسيين فرصة وراثة مناصبهم، وسنجد مواقع إدارية هامة احتلتها عناصر كان كل حظها من الخبرة الإدارية معرفةً ماَ باللغة الفرنسية، وتشبثا آليا بميكانيزمات البيروقراطية الاستعمارية، وهي أسوأ ما في النظام الفرنسي.


وهكذا تحالف الفراغ وعُقد النقص وأطماع السيطرة وهزال حجم الإطارات الوطنية لتفرض الفرنسية نفسها، بداية كلغة رئيسية في التعامل الإداري عبر مختلف مصالح الدولة وأجهزة الخدمات، وهو ما تضاعف بإنشاء المؤسسات الصناعية وزيادة حجم المؤسسات الاجتماعية، لينتهي الأمر بالفرنسية إلى درجة جعلت رئيس حكومة جزائرية، لم يكن من خريجي المدارس الفرنسية، يعتبرها اللغة الوطنية الثانية، ويصرح بذلك بل ويتصرف على أساسه.


وكان على كلّ من يستهدف ممارسة النشاط في الساحة الثقافية العامة أن يضع هذا في اعتباره، لأنه سيوضح أمامه خريطة الأنصار والخصوم، إن لم أقل ….الأعداء.

 


الفرانكوفونية والفرانكو فيلية


لم تكن الفرانكوفونية الإدارية خطرا في حد ذاتها إذا كانت وضعا مرحليا، كان ضروريا لا شك في فترة ما، لكن ما حدث هو أن ذلك أصبح تطبيقا لتعبير “المؤقت الدائم”. وكان الخطر الحقيقي هو أن هذه الفرانكوفونية بدأت تتحول شيئا فشيئا إلى فرانكوفيلية، وتحول الحديث باللغة الفرنسية إلى تفكير بها وارتباط بكل مقوماتها ومظاهرها وامتداداتها السياسية والاقتصادية والفنية، فأضحت استلابا.


وبدا أن هناك عملا مدروسا تقوم بتنفيذه جماعات نشطة يجمع بعضها، وفي وجود قيادات مازالت رائحة البارود في ثيابها، الخجل من الماضي، ويُحرك بعضها الخوف من المستقبل وهم يرون طلائع بدأت تخرج من المدرسة الجزائرية، وبلغها ما كنت أسمعه من الرئيس هواري بو مدين عندما كان يسمع مني تعبيرات تتوجس من الغد، فكان يقول لي ضاحكا : هناك جيل صاعد جديد سيكنسكم جميعا.


وسنجد فيما بعد أن عملا حثيثا سيتم تنفيذه لتحطيم المدرسة الجزائرية الوطنية لصالح المدارس الخاصة، وكثير منها تدعمه سفارات أجنبية، ويتحالف هذا مع محيط تجري فرنسته أولا بأول، وهكذا يتم تكوين نخبة جديدة تقود البلاد في المستقبل، لن يكون ولاؤها بأي حال من الأحوال للوطن ولمبادئ ثورة نوفمبر.


وسنلاحظ أن يعض من أفسدوا الثورة الصناعية كانوا من الجهلة الذين عهد لهم بإدارة هذه المصانع لمجرد أنهم يعرفون اللغة الفرنسية، وظن بعض كبار المسؤولين أن اللغة تعطيهم في حد ذاتها الخبرة التقنية المطلوبة، حيث تم بناء مصانع للورق في أماكن لا توجد فيها مياه، وبعض هؤلاء المسؤولين هم اليوم في فرنسا، حيث يقال أن بعضهم يمتلك هناك عقارات حصلوا عليها بفضل المسؤوليات التي احتكروها في مرحلة معينة.


وسيكون من حق دعاة الفرنسية أن يستهينوا بالعربية، وهم يرون أن معظم علماء الدين وروّاد اللغة العربية أرسلوا بأبنائهم إلى المدارس والجامعات الفرنسية، وعدد محدود منهم فقط هو الذي بعث بأبنائه إلى معهد بن باديس والزيتونة والقرويين والأزهر، وسنجد فيما بعد أن بعض أولئك الأبناء استقروا في بلاد الجن والملائكة، وراحوا يرتزقون من إسلام ترضى عنه وزارة الداخلية الفرنسية، وهو الإسلام الذي يمثله أئمة من نوع ذلك الذي زار إسرائيل مؤخرا وراح يعانق ضباط الصهاينة.

 


ولي عودة إن شاء الله.
 


المصدر: رأي اليوم